هي سلطة وثروة وحكم وشعب يطيع بالقوة القهرية، وليس من السهل التخلي عن كل ذلك، ولا بد من استخدام الوسائل التي تحافظ على بقائها وإدامتها.
الحوثي أطلق في تويتر وجهاً غير وجهه الحقيقي الذي يشاهده الناس في الواقع ويلامس حياته وكلاماً غير كلامه الحقيقي الذي يسمعه الناس في خطب الجمعة وفي الشوارع وعبر مكبرات الصوت.
من يقرأ تغريدات الحوثيين في تويتر سيعرف مدى انفصام الشخصية قد دبت فيهم، ويكتشف وجهاً مزيفاً ضمن الوجوه المزيفة التي يظهرون بها في كل موقف يتطلب منهم أن يكونوا وديعين ولطفاء.
لقد انطبقت فيهم الآية القرآنية: {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُون}، ويعتقدون أن ذلك سيغير من وجههم القبيح الذي يظهرون به في المجتمع بأفعالهم وسياطهم التي تجلد ظهور الناس ويتلذذون ويمعنون في إهانتهم وإذلالهم.
اختار الحوثيون تويتر لتنميق وتجميل وتحسين كلماتهم وانتقائها بشكل يجعلهم يظهرون كحاملي غصن الزيتونة تارة وتارة أخرى كقوة عسكرية تحقق تقدماً على خصومها وخاصة الهجمات بطائرات مسيرة بدون طيار "إيرانية الصنع" على السعودية، "وهذه الهجمات لها أسباب ودوافع أخرى على عكس ما يقوله الحوثيون"، وذلك لأن تويتر موقع تواصل اجتماعي يتميز باحتواء كل النخب العالمية السياسية والاقتصادية التي تشترك فيه وكذلك إلى مميزاته التي تجعل منه وسيلة لإيصال تغريداتهم إلى كافة أنحاء العالم وعدد مشتركيه في العالم كبير جداً، ووسيلة من وسائل صنع الرأي العالمي تجاه القضايا المختلفة حول العالم.
نحن أمام جماعة إرهابية تحاول أن تخدع العالم عبر تويتر وتزود الأجانب المتابعين لنشطائها بمعلومات مزيفة توحي لهم أن هذه الجماعة ليست إرهابية وليست ذا أيديولوجية دينية إرهابية تسعى إلى تفكيك وتمزيق المجتمع اليمني خدمة لمصالحها ومشروعها الطائفي الذي يخدم في المقام الأول إيران.
المتابع للحوثيين في تويتر وما ينشرون من تغريدات، سيندهش من القدرة الكبيرة على التلون في خطاباتهم والقدرة على تزييف الحقائق والوقائع، والأكثر من ذلك بالقدرة على الظهور كجماعة مسالمة وتسعى إلى السلام على عكس الواقع الذي يوضح أن الحوثيين جماعة لا يمكن لها العيش بدون حروب وأنها تنمو بالحرب ولا يوجد في أيديولوجيتها خيط ولو ضعيف يمكن أن يكون صلة تعايش بينهم وبين بقية المجتمع وطوائفه المتنوعة.
الحوثيون في تويتر يؤمنون بثقافة الاختلاف والتنوع، وفي الواقع والحقيقة لا يؤمنون إلا بأنفسهم وبلونهم الطائفي والعنصري، لا ينظرون إلى المجتمع إلا جماعتهم ولا من الدين ومذاهبه إلا مذهبهم ولا من حقوق الناس إلا حقوقهم ومصالحهم.
الحوثيون في تويتر ينشدون السلام والمحبة والحوار، وفي الواقع والحقيقة يتوسعون في مناطق اليمن بالحرب وتفجير المنازل وتشريد الأهالي وتدمير الطرق والجسور واحتلال مساجد ومدارس المذاهب الأخرى، وعندما يتم إجبارهم على الانسحاب في بعض المناطق بقوة سلاح المقاومة يقومون بتفخيخ البيوت وزرع الألغام في الطرقات والمزارع والحقول ونهب الممتلكات.
في تويتر يظهر الحوثيون كحزب سياسي يعتنق الديمقراطية نهجاً راسخاً وأيديولوجية حضارية في الوصول إلى السلطة وكأن نهج وفكرة "الولاية" هي ترجمة حداثية لقيم ومعاني الديمقراطية الحديثة، والحزبية والأحزاب والتنافس على السلطة درس من ملازم حسين الحوثي التي تزخر بالهراء والدعوة إلى ممارسة الإرهاب والخرافة.
قيادات الحوثي مثل محمد علي الحوثي وحسين العزي ومحمد فليته والعجري وغيرهم يستخدمون تويتر لأنهم الأقرب إلى النخب السياسية الخارجية بحكم التواصل معها والتفاوض، يحاولون من خلال تويتر السيطرة على تلك النخب وتمويهها وخداعها لتسهل عليهم كمية الضغط الكبير أثناء التفاوضات أو عند إصدار بيانات التنديد بجرائم الحوثي بحق المجتمع اليمني.
أما بقية وسائل التواصل الاجتماعي كفيسبوك والواتس آب وغيرها فالحوثيون يستخدمونها كأدوات أمنية من خلالها يرصد ويراقب المجتمع ويفرض رقابته على الناس ويحد من إبداء الآراء ويعتقل كل من يناهضهم ويكتب عنهم، ومن خلالها أيضا يحاول تعزيز فكره وأيديولوجيته الإرهابية كوسيلة من ضمن وسائل تعزيز فكره وسيطرته على المجتمع.
بكل الوسائل يحاول الحوثي خداع الناس والعالم لينعم بالسلطة والثروة، ويشرب دماء اليمنيين بجماجمهم التي يدوس عليها لتثبيت أركانات حكمه وظلمه ومخالبه في جسد المجتمع، وهذا ما يدفع كل مقاوم ومناهض للمشروع الحوثي أن يكون بقلمه وبكلمته بندقية تواجه وتفضح زيف الحوثي في تويتر وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي ضمن إطار المقاومة الفكرية والثقافية.
ولن ينتصر الحوثي مهمها حاول تغيير أقنعته وتنميق كلماته. بلادنا أكبر وأعظم من الحوثي وكل الجماعات الدينية التي ترتدي أقنعة ولن تخضع هذه البلاد لها.