خمس سنوات واليمنيون ينتظرون سقوط سلطة الحوثي، تجرعوا الألم والقهر ولا يزالون عند صبرهم يرقبون شيئاً يفرح قلوبهم من صوب المملكة التي تحتضن في فنادقها "الإخوان المسلمين" الذين يسيطرون على الشرعية اليمنية،
ولكن بعد هذه السنوات يكتشف اليمنيون أن الإخوان هم الوجه الآخر لجماعة الحوثي الإرهابية، ومن داخل فنادق الرياض يقدمون خدماتهم الكبيرة سراً وعلانية ليشتد ساعد الحوثي ويستمر في البقاء ويتمدد غارزاً مخالبه في كل جسد يمني، يحاول تلويث العقول ويذيب قيم التعايش والوئام المجتمعي.
مصالح حزب الإصلاح "الإخوان المسلمين" في اليمن ترتبط مباشرة بمصالح الحوثي، فبقاء سلطة الحوثي يطيل من بقاء الإخوان في الشرعية يحلبون المملكة العربية السعودية أموالا وعتادا عسكريا لا يحقق في الميدان نتيجة، بل العكس تماماً حيث أصبح اليوم الحوثي يضرب مطارات المملكة ومنابع النفط في الوقت الذي يجب أن يكون قد سقطت سلطته وعادت دولة اليمنيين وعاصمتهم صنعاء
الحوثي أضعف مما تصوره جماعة الإخوان لولي العهد السعودي، لا قاعدة مجتمعية يستند عليها وتحميه ولا مشروع سياسي وطني جامع يمكن أن يحقق السلام في اليمن، فهو يستقوي بسلاحه على المجتمع ويفرض هيمنته وغطرسته ليخضعهم ليدينوا له بالولاء، ويحمل مشروعا طائفيا وعنصريا يمزق أواصر المجتمع ويحوله إلى مشاريع مناطقية طائفية تسهل له السيطرة عليه منفذاً أفكاراً وبرامجَ إيرانية المنشأ وبخبرات حزب الله اللبناني.
مغارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان جعلت حسابات الإخوان ومشاريعهم الخاصة تفرض عليهم أجندات حزبية أصابت الشرعية بشلل سياسي وعسكري جعلها عاجزة في إنهاء الحرب وحسم المعركة ودحر الإرهاب الحوثي، حيث يعتبرون أن انتهاء الحوثي يعني ذلك عودتهم إلى اليمن وإغلاق مغارة ولي العهد السعودي في وجوههم، وربما أيضاً سقوطهم سياسياً بعد انكشاف خططهم وأساليبهم والألاعيب الشيطانية خدمة لجماعة الحوثي واستمرار بقائها.
لا يمكن للجماعات الدينية أن تغير من نهجها المتطرف لكنها تمتلك القدرة على التلون بغية تحقيق مصالحها الخاصة، وهكذا يفعل حزب الإصلاح مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، يحاولون استمالتهم والظهور بمظهر المتخلي عن النهج الإخواني المتطرف الذي تدعمه دولة قطر وخاصة في العشر السنوات الأخيرة لتحقيق مصالحها وتوسيع نفوذها في المنطقة.
قلوبهم مع المملكة وسيوفهم مع قطر والحوثي، يشتتون خطط التحالف من فنادق الرياض ويهللون فرحاً بصواريخ الحوثي على السعوديه، ويصمتون على جرائم الحوثي بحق المجتمع إلا ما ندر من بيانات تنديد خجولة لذر الرماد على العيون.
من وسط المملكة السعودية يبني الإخوان مملكتهم وامبراطوريتهم، الأموال الهائلة التي يكتسبونها باسم الجيش الوطني الوهمي، وعائدات غاز مأرب بالمليارات ومنافذ الحدود، وشركات تجارية صعدت بالتوازي مع شركات تجارية حوثية، المساعدات الإغاثية للنازحين التي تقدمها المملكة تباع في أسواق مأرب بالتوازي مع بيع مساعدات الأمم المتحدة في أسواق صنعاء.
ما لا يعرفه ولي العهد السعودي هو أن عقارات للإخوان تم شراؤها لهم في صنعاء، وبناء عمارات وفلل جديدة لقيادات إخوانية في الشرعية تسكن في الرياض منذ بداية الحرب وبأموال سعودية.
فشل الإخوان في قيادة الحرب على الحوثي، لأنهم يريدون ذلك ويعملون على ذلك ويحبذون لو أن فشلهم سيجعل من الحوثي يحج ببنادقه في مكة العام المقبل، هذا الفشل الذي ترعاه المملكة العربية السعودية في فنادقها بالرياض هو من سيجعلها تدفع ثمناً باهظاً إن لم يتدارك ولي العهد الخطر الذي يبتسم له داخل بيته.
معركة تحرير الساحل الغربي فضحت فشل الشرعية وعجزها عن إدارة المعركة للصالح الوطني، وخوفها من وجود أطراف لديها القدرة على الحسم العسكري سريعاً، فسارعت إلى وقف المعركة بكل الوسائل وعقد اتفاق استوكهولم، والذي فيه فشلت أيضاً في إبرام اتفاق يحقق مصلحة الدولة اليمنية وإخراج ميليشيات الحوثي من الحديدة، أما معركة الضالع فقد أسقطت الإخوان قبل الشرعية سقوطاً أخلاقياً قبل أن يكون سقوطاً عسكرياً وسياسياً، عندما عمدوا لتسليم مواقعهم والمناطق التي يسيطرون عليها لجماعة الحوثي وتسهل لهم السيطرة والفتك بالمجتمع الضالعي، وهذه الخذلان الإخواني والفتك الحوثي قوبل بمقاومة شرسة وتنكيل لم يشهده مقاتلو الحوثي في جبهات أخرى على يد المقاومة الجنوبية والقوات المشتركة.
يجب على ولي العهد السعودي أن يغلق مغارته ولا يركن على جماعة الإخوان في إنهاء حرب اليمن، فتجربة خمس سنوات كفيلة بأن تراجع المملكة حساباتها، والنظر في ماذا حقق الإخوان وإلى أين يقودون معركة إنهاء الانقلاب الحوثي على الدولة والمجتمع!!