مدينة الحديدة وساحلها وسهلها أضيق على الأمم المتحدة من باخرة مستأجرى بملايين الدولارات، وذلك لغرض وضع الأطراف اليمنية على طاولة التفاوض بشأن متابعة تنفيذ اتفاق استوكهولم المشؤوم.
لا يهمنا ما إذا كانت المفاوضات في البر أو في البحر، ما نريده هي النتيجة من هذه الاجتماعات الكسيحة، وعلى الرغم من معرفة الجميع بالنتيجة، لكن الأمل يبقى لعل وعسى أن يكون هناك شيء جديد.
الحوثيون لن ينفذوا اتفاق استوكهولم عن طريق التفاوض، لن يفعلوا ذلك ولن يتركوا مجالاً لأن يكون هناك تفاوض حقيقي يفضي إلى تسليم الحديدة ومينائها حسب نص الاتفاق.
عندما تم توقيع الاتفاق في السويد كان الحوثيون مجبرين على التوقيع، كان الواقع العسكري في الميدان يجبرهم على الإسراع بالتوقيع ووقف المعركة قبل اللحظات الأخيرة من الانكسار والهزيمة، لم تكن الظروف تصب في مصلحتهم وكانوا يشعرون أن الأيام الأخيرة لهم في الحديدة قد لاحت بوارقها وباتوا يسمعون أصوات الجمهورية تصدح، لولا هرولة الشرعية اليمنية في التوقيع وإنقاذ الحوثيين من الانكسار الكبير وتوقيف المعركة.
لقد سنح الاتفاق للحوثيين في استعادة أنفاسهم وتجميع قواتهم وحشد أتباعهم، وتلغيم الطرقات والمزارع والمصانع وتفخيخ المنازل والمساجد وزرع العبوات الناسفة في كل شبر من الحديدة، وأعادوا تموضعهم وتمركزهم حتى أصبحوا ينفذون زحوفات في خرق واضح للاتفاق على أن هذه الزحوفات والهجمات تبؤ بالفشل الذريع وتنكسر عند صلابة ويقظة القوات المشتركة في الساحل الغربي.
عن طريق المفاوضات لن يسلم الحوثي مدينة الحديدة ويجنبها الخراب والدمار، اذهبوا مع الحوثي إلى قاع البحر للتفاوض لن يسلمها، أو إلى نيويورك أو كوكب المريخ لن يسلمها عن طريق التفاوض والدبلوماسية، الطريقة الوحيدة لاستلام الحديدة هي كسره عسكرياً وتحرير المدينة وإنقاذ أهلها ومنع تهريب الاسلحة والأموال القطرية والإيرانية.
لا يؤمن الحوثي بالمفاوضات إلا أنها تتيح له المزيد من الوقت لإعادة ترتيب أوراقه وتموضعه، والتاريخ يشهد أنه لا يؤمن ولا يفي بتعهداته واتفاقاته بداية من الحروب الست وصولاً إلى مدينة صعدة ثم عمران ثم صنعاء واتفاق السلم والشراكة أبرز الاتفاقات التي ينقلب عليها ويغدر بالطرف الآخر وينقلب على الدولة والجمهورية ودماء الشعب التي شرب منها ليروي ظمأه الكهنوتي الإمامي.
الحوثي يغدر بكل طرف يتفق معه على أمر ما، وليس نقض اتفاقه مع حزب المؤتمر ببعيد والغدر برئيس الحزب وقتله والفتك بأعضاء الحزب، ووضع من تبقى تحت الإقامة الجبرية فعلياً وليس كما تصوره وسائل إعلام الحوثي أنهم لا يزالون في شراكة معهم.
لقد استفرد بحزب المؤتمر واستخدمه كواجهة لحكمه وبطشه حتى تمكن وتغلغل، وعندما وجد أنه لم يعد بحاجة إلى البقاء في الاتفاق أجهز عليه.
واليوم يحاول ليسغارد أن يجرب الحظ في وسط البحر، ربما ينجح في ما أفسده البر، وهذا محال أن ينجح ليسغارد في إخضاع الحوثيين عبر الدبلوماسية بتسليم المدينة حسب الاتفاق، إنها جماعة ماكرة ومخادعه تتخذ الوسائل والاحتيال لتخدم نفسها دون مراعاة لظروف المجتمع الذي يئن تحت وطأة الجوع والمجاعة وبطش مشرفيها.
العبث والفوضوية التي يديرها الإخوان المسلمون عن طريق الشرعية هي من أوصل الحوثيين إلى نقطة استجماع قواه في الحديدة، إنهم يرون بقاء الحوثي في المدينة يحقق مصالحهم ويخدم مشروعهم، وخاصة أن الحوثيين وحزب الإصلاح يجمعهم هدف واحد ومصالح مشتركة، ومهمة واحدة في تقويض الدولة اليمنية وزعزعة الدول الخليجية وتهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
البندقية وصلابة رجال المقاومة هي الكفيلة بتحرير الحديدة، القوة العسكرية هي الوسيلة الوحيدة للتعامل مع جماعة إرهابية كالحوثيين، وسرعة حسم معركة الحديدة يصب في مصلحة المجتمع والدولة.