ترحيل الخصوم الحقيقيين وابتكار خصوم جدد في الميدان هو شُغلانة حزب الإصلاح وفلاحهم المستمر الذي لا ينتهي ولا ينضب!
في 2011 خرج الشبان إلى الساحات يطالبون برحيل النظام ولديهم أحلام متعلقة بالدولة المدنية الحديثة، وكان الجنرال علي محسن أحد أركان ذلك النظام، ولكن الإخوان في حزب الإصلاح استثنوه ونبعوا إلى الساحات يصيحوا في وجوهنا "لأ.. مش وقت علي محسن ذلحين، أولاً رأس النظام"، وفي سبيل "لأ.. مش وقت ذلحين" تم استهداف صالح وأسرته والحرس الجمهوري فقط وابتلع الشبان المساكين طُعم "مش وقت ذلحين"، وسارت الأمور فيما بعد على ذلك النحو من سرقة الثورة وتجييرها لصالح حزب الإصلاح الذي كان جزءاً رئيساً من تركيبة النظام، ولكنه حزب ماكر بنشر أبو الثورة الشبابية، وجعلها تسير إلى المستقبل بإطارات مفطورة كان من نتيجتها ظهور قوة الحوثيين إلى السطح.
اندلعت الحرب سنة 2015 بعد انقلاب الحوثيين على السلطة التي كان الإخوان في حزب الإصلاح قد أصبحوا القوة الرئيسية فيها، وكانوا أول من صفق لجلب التحالف إلى البلد بقيادة المملكة العربية السعودية لمواجهة الحوثيين والمد الإيراني، وقالوا "شكراً سلمان".. وعندما صحنا وقلنا "لأ يا جماعة الخير هذه مشاكل داخلية يمكن أن تحل بيننا البين كيمنيين وما فيش داعي لإشراك الغير" شتمونا الإخوان واتهمونا بالخيانة الوطنية والعمالة لصالح مشروع الحوثي السلالي الرافضي الصفوي وأرهبونا فكرياً، وقالوا لنا "مش وقت التنظير ذلحين، نحن أمام عدو إيراني يستهدف الأمة العربية والإسلامية"، وقلنا خير إن شاء الله.
بدأت المعارك في مدينة تعز ودفع الإخوان في حزب الإصلاح بأنصارهم من القاعدة وداعش إلى الميدان لتحرير تعز من الحوثيين، ومدوا يد التعاون مع السلفيين، وكنت واحداً من الذين صاحوا، آنذاك، وقلت بأن مواجهة المليشيات الدينية للحوثيين بمليشيات دينية أخرى أمر في غاية الخطورة، وينبغي تحرير تعز بجيش وطني يحمل عقيدة وطنية لا عقيدة دينية".. وشتموني الإصلاح، واتهموني بالخيانة وبالحوثنة وقالوا "مش وقت التخوار ذلحين، القاعدة وداعش والسلفيين كلهم أخوة في مواجهة المد الإيراني الرافضي ودحر المليشيات الحوثية الانقلابية"، وقلت خير إن شاء الله!
تم دحر المليشات الحوثية الإنقلابية في ظرف تحرير معقد جعل من تعز مدينة مفتوحة لكل المليشيات الدينية التي دمرت وسرقت كل شيء بدم بارد بما في ذلك أسلاك وكابلات الكهرباء وخطوط الهواتف المدفونة تحت الأرض، وفعلت كل ذلك تحت مرأى ومسمع من الإخوان! ولما صحنا وقلنا هذه أملاك الدولة، قالوا لنا الإصلاحيون "مش وقت التركيز على السرقات الآن وتشويه سمعة المقاومة، أهم شيء تحرير تعز من المليشيات الانقلابية، وقلنا خير إن شاء الله!
تمكنت كتائب أبو العباس السلفية من السيطرة على كثير من المواقع والمرافق الحكومية داخل مدينة تعز، وبدأت الخلافات بين حزب الإصلاح وكتائب أبو العباس السلفية على غنائم الحرب، وسموا كتائب أبو العباس مليشيات خارجة عن النظام والقانون، وسموا أنفسهم بالجيش الوطني، وتطورت تلك الخلافات بينهما إلى مواجهات مسلحة داخل المدينة أربكت خطة تحرير تعز وفك الحصار عنها وأحبطت سير المعارك في الجبهات، بينما كان الإخوان في حزب الإصلاح يحشدون الطاقات لمواجهة حليف الأمس السلفي ولسان حالهم يقول للناس كما العادة "مش وقت الجبهات ذلحين، أهم شيء الآن الاصطفاف مع الجيش الوطني لتحرير تعز من المليشيات الخارجة عن النظام والقانون!".
خرجت كتائب أبو العباس من مدينة تعز إلى الكدحة لخوض معارك فك الحصار عن تعز وتمدد الجيش الوطني فرع العميد صادق سرحان، ذراع الإخوان المسلمين، إلى كل المناطق التي كانت تحت سيطرة مليشيات أبو العباس السلفية داخل مدينة تعز، ولم يذهب الإخوان في حزب الإصلاح وجيشهم الوطني من بعد ذلك إلى المعارك في الجبهات لفك الحصار عن تعز وإنما بدأوا يتفرغون للعدو الجديد الذي لا تحبه "قطر" وراحوا يحشدون الطاقات لمواجهة الإمارات التي استدعوها مع السعودية أساسا في أول الحرب لدحر الحوثيين وتحرير البلاد من المد الإيراني، وأصبح همهم اليومي تحرير عدن والجنوب من الاحتلال الإماراتي! ولسان حالهم يقول "مش وقت الجبهات ذآآحين، أهم شيء العدو الإماراتي الذي يجاهر بكراهيته للإخوان!".
هذا حزب متلون يتقلب في كل مرقد بحسب مصالحه ولا له أي علاقة بأحلام وطموحات الناس، وليس لديه أي هموم عصرية وبكرة أو بعده أو في أي وقت قريب سيقتلب المرقد على الإخوان في حزب الإصلاح وسنشاهدهم بكل صفاقة يحشدون الطاقات لمواجهة عدو جديد للأمة، وسنسمعهم يصرخون عبر ناشطيهم الذين يتقلبون معهم في كل مرقد "مش وقت الحوثيين ذآآآحين، مش وقت الجبهات، مش وقت فك الحصار عن تعز، أهم شيء الآن تحرير البلاد من نفوذ السعودية الكافرة التي تعبث بالمقدسات الدينية وأصبح لديها مراقص وحفلات مختلطة وأماكن للهو وشرب الخمور، وأما إيران، نختلف معها أو نتفق، لكنها دولة إسلامية تقف مع الأمة لمواجهة العدو الإسرائيلي في المنطقة!".