محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

الحب والشباب.. عاشق يغني منفى بلاده والانتظار لشريك الحياة

Wednesday 25 March 2020 الساعة 09:27 pm

أعرف أن دوي الحرب يأخذكِ في الخوف، وتشويش رسائل التهديد، وعربدة الخطابات، وقذارة السياسة.

اسمعي صوتي بالإمكان، وإن لم يجد لهُ أثيرا يخترق جدار الضوضاء، اسمعي إيحاءً وهو كذلك يكون..

لا أوافق رداءة الواقع ومسلكه بين الحرب والتمجيد، تعرفين أني بالحُب أسلك الطريق نحوكِ، كما هو أيضاً تعرفين أن السياسة تنخر إصبع قدمي كما ينخر حبكِ قلبي.

رسالة من تحت القصف تسمعينها لا تقرأيها، تجودين بحنان ناظريكِ تطوف في مخيلتكِ على هيئتي وسحنتي وبشرتي السمراء، يطابق ذلك رسم ابتسامتكِ على ظهر الرسالة، تملأ السماء نشوة فرح لا ترادف ازدراء وكفهرة وجه الحرب.

تجيدين سماع صوتي هذا كافٍ بأن لا أقرأ خطاب حرب على قواميس ومصطلحات ركيكة المشاعر وقوية المعنى، فأنت غنية بفيض المشاعر وانسيابها على رجل شاحذ سيفه يمزقه الأرق، يحرس عينيكِ من الرمد.

اسمعي الآن للحب والغناء وتلاوة سورة الحياة وتراتيل حمد الله على نعمةٍ هو مُدركٌ في عطائها.

أنا ذلك النحيب الذي يجول في مخيلتكِ صدىً يتبعه صدى، تتدلى أفكاري من حافة جبل سحيق يحمله الطوفان، العمر ينحت داخل جسدي لوحة منكسرة للوجود، أصوات تتخفى خلف حفيف الريح قبل أن تمطر السماء، أنا ضياع في هذه المتاهة التي يقولون عنها بلادي، بدون حبكِ لا أستطيع أن أعرفني في هذه المتاهة الحزينة.

العزف بأناملكِ في ظل أمواج الحرب التي تصهرنا محاولات للنجاة تعقب التناجي الروحي عند الغسق، ليتكِ تعزفين على جسدي لأستريح من عبء الحياة والتفكير بكِ، لقد أنهكني الانتظار وسلب الوقت سواد شعري، إنها لعنة العادات والتقاليد الغابرة في هذه المتاهة التي تهدم قيم الحب والوصال بواسطة المال والتكاليف المحرمة شرعاً في دين الحب والإنسانية.

اليوم مصائد الموت أكثر من مصائد الحب، يسقط الكثير ممن أعرفهم في الموت والكثير في الحب، ربما يكون الأمر منفصلا عن بعض، لكن الحقيقة أن الحب لا يدركه الموت في منتصف الطريق ولا يدركه البتّة، إني أقاوم للوصول إلى النهاية، حيث تقف التحية والتصفيق بين يديكِ، حينها لا أدري هل سأعرفني في عيونكِ..!

السفر إليكِ مشقة أكبر من إيجاد بلادنا، والبحث عنكِ أصعب من شروق الشمس على قمة جبل فيها مترس مقاتل تجمّد من شدة البرودة، الطريق مزروع بالألغام كما جيدكِ مرصع بالحُليّ، من يدوس على لغم يفقد قدمه وربما حياته، ولي رغبة جائحة في عناق الجيد ولثم النغم، وربما أموت بعدها بدقائق قليلة وقد انسدلت بعض الدموع على تعبي وصبري وخدكِ.

ليس الانتظار خطيئة الحب، إنه لعنة الحرب وهذه المتاهة، ولكن الصبر الطويل يفتك بالقلب، يذيب الذاكرة، يقتل الأمل بسرعة مرور العمر، وما أشد الانتظار في هذه الحرب وأقساه، حيث أحتسي الحنين مبللا بالدمع، وأغني بصوت الحزين مأسور الفؤاد، أغنية صافية من اللحن والكلمات، لا شيء فيها سوى صوت المنكسر في هذا الوجود:

عندما يصيب لانتظار الملل

وتتعب المدافع من لقُمة القذائف

وتلعن العادات وجه القبيله

سنلتقي..

ونغني يا حبيبه

نقطف عناقيد الوصال

ونطفئ نجمة الاشتياق

ونستلقي على ظهر الموت.