جعل الرئيس هادي جميع اليمنيين يدفعون ثمناً مقابل كرهه لسلفه صالح حياً وشهيداً، وكرهه لكل ما له صلة قربى بالرئيس السابق.. كانت قوات طارق صالح على مقربة من تحرير الحديدة، فرأى هادي أن هذا سيحسب في قائمة صالح، فعجل وأرسل فريقه المفاوض إلى ستوكهولم قبل إنجاز المهمة في الحديدة بأسبوع، بينما وصل المفاوضون الحوثيون إلى ستكهولم في الوقت الذي كان ينجز هناك اتفاق مريح.
يقول العميد طارق –وهو في هذا محق- لو كانت جبهة الساحل الغربي متحركة ما كان بمقدور الجماعة الحوثية التفكير بمأرب.
ذلك الاتفاق مكّن الجماعة الحوثية من الاحتفاظ بالحديدة، وهذا بالنسبة لهادي وحلفائه خير لها من أن تقع في قبضة المقاومة الوطنية التي يتزعمها قائد له صلة قربى بالرئيس صالح.. بل إن هادي مكن الحوثيين من شغل المقاومة الوطنية بالدفاع عن الاتفاق منذ نهاية العام 2018، إذا ظلوا بعده يتصدون للهجمات التي ما تزال مستمرة إلى اليوم.
حين لاحظت قيادة المقاومة الوطنية أن ميليشيا الجماعة الحوثية تزحف بقوة نحو مدينة مأرب، ولاحت في أفق الشرعية خيبة اقتحام ميليشيا الجماعة معسكر ماس وأجهزت على صرواح، كانت قيادة المقاومة الوطنية تقول لدينا استعداد لمواجهة ميليشيا الجماعة في مأرب.. لم يبد هادي أي نزعة للقبول بذلك.. وتقدمت ميليشيا الجماعة الحوثية نحو منطقة العلم.. وهادي لا ينصت.. في المعركة المستمرة إلى الآن كان قائد المقاومة في بدايتها يقول نستطيع تقديم شيء من أجل مأرب.. لكن هادي يرفض.. لماذا؟ كي يحرم قيادة المقاومة الوطنية من الإسهام في معركة مأرب، ظنا منه أن ذلك سوف يعلي مكانتها درجة أخرى في سلم العمل الوطني.
(السارقين إذا ما جن ليلهم، والدارسين إذا ما أصبحوا السورا)، يقولون: ولماذا يشغل طارق نفسه بمأرب؟ إذ يمكنه تحريك قواته في الحديدة.. يتذرع باتفاق ستكهولم، حسنا، إذن يحركها نحو مواقع الحوثيين في تعز، في الضالع، في حجة.. هذا كلام معروفة أغراضه، فأصحابه يدركون أن ليس بوسع طارق صالح التحرك كما يشاء، فهو مقيد بالشرعية وملتزم بالالتزامات نفسها التي قطعتها الشرعية للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، فضلا عن أن القوم في تعز منهمكون في وضع خططهم لاجتياح الساحل، وكانت مناوراتهم مع الحوثيين عند تخوم المخا إحدى تلك الخطط، بينما المشاركة في جبهة الضالع غير مقبولة من طرف ثالث لأسباب معروفة.
هادي أول ما تسلم الرئاسة، أصدر قرارات هي في الأساس لاستبعاد كل ما له صلة قربى بصالح، وذهب في هذا الطريق ولم يرجع، ولا يبالي بالخسارة الوطنية التي ترتبت على هذا المزاج الغضبي.. هادي عجز عن حل القضية الجنوبية منذ كان مكلفا بهذا الملف في عهد سلفه، وراح يعقدها نكاية بالنظام السابق، وبدلا من أن يقدم لها شيئا نافعا، صار اليوم يصرف نصف جهده، ونصف أموال الدعم المالي الخارجي، وما تبقى في الخزانة العامة، ونصف طاقة عصاباته في سبيل قهر المجلس الانتقالي الجنوبي الحامل الأكبر لهذه القضية.
هادي، كان يتحدث عن الحكم العائلي بلسان الإصلاح، واليوم الحكومة عائلية.. السفراء من العائلة.. التجارة عائلية.. الفساد عائلي.. حتى إن داعمي هادي ضجرون منه الآن، فصاروا يعدونه بفتح ملفاته تخزيه إن لم يفق، و(يقع رجال) خلال الفترة القريبة التالية.
اليوم، ومنذ إشهار المقاومة الوطنية مكتبها السياسي، ذهب هادي وحلفاؤه في مهمة خلق جماعات مناهضة للمقاومة الوطنية ومكتبها السياسي، بينما تقترب ميليشيا الجماعة الحوثية من وسط مدينة مأرب.. بمقدور هادي تبديد الأموال من أجل نفسه وعائلته، ومن أجل حلفائه، لتكوين أي جماعات يمكنها أن تشهر بؤسها وتفضح نفسها.. ليس بمقدور هادي ولا بمقدور حلفائه إيقاف يمنيين يتحركون بقوة وعلى بصيرة، من أجل قضايا وطنية غفل عنها هذا الرئيس ونام.