في الذكرى الثالثة لانطلاق المقاومة الوطنية حري بنا تجديد الثناء والتحية لقيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، وأيضاً لقيادات ألوية العمالقة الجنوبية وألوية الزرانيق والتهامية.. فقبل أن تنخرط هذه الأخيرة مع المقاومة الوطنية تحت اسم القوات المشتركة بالساحل الغربي بداية من شهر يوليو 2019، كانت قد سبقت إلى المخا، وبلغت تخوم مديريتي حيس والخوخة، فأفسحت المجال للشريك الجديد ليشق طريقه نحو مدينة الحديدة.. وتم له ذلك بعد أن جرع ميليشيا الجماعة الحوثية مر الهزائم على امتداد الساحل الغربي.. أما قيادات المجلس الانتقالي فكانت منذ البداية عوناً وميسراً لانتقال المقاتلين من المحافظات الشمالية إلى مدينة عدن لكي يلتحقوا برفاقهم في معسكر بير أحمد.. وهو معسكر قديم ومعروف ومكشوف للجنوبيين، ومع ذلك حاول إعلام حزب الإصلاح ووسائل إعلام بعض الجماعات الجنوبية المتزمتة إثارة الشبهات حوله والتحريض عليه، وعلى من فيه، ولم تعرف به الجماعة الحوثية إلا من خلال أولئك المعتلين نفسياً.
لماذا الانتقالي بالدرجة الأول؟ سوف نجيب على هذا السؤال الذي طالما غمزنا به الهمازون المشاؤون بنميم.. فما إن انتشر خبر معسكر بير أحمد في مطلع العام 2018 حتى بدأ المقاتلون البحث عن طريق توصلهم إلى عدن.... قدموا من العاصمة صنعاء، محافظات صنعاء، ذمار، عمران، المحويت، تعز، إب، مارب، الحديدة، وحتى من أبين وشبوة.. ولكن الوصول إلى عدن لم يكن بالأمر السهل في تلك الفترة المزدحمة بأحداث وملابسات مختلفة.. في البداية كانت أمامهم أكثر من طريق، لكن فرص الوصول القليلة أصلاً اصطدمت بعوائق.. كانوا يمرون عبر طرق يسيطر عليها قُطاع طرق من أصناف شتى.. كان قطاع الطرق الحوثيون يتركون المسافرين يسيرون في الطريق إلى عدن في بداية الأمر، ولا يسألون عن سبب السفر إليها، لكن بعد أن سمعوا بمعسكر طارق عفاش بدأوا يكثرون الأسئلة، ويدققون في الأسماء والوثائق، ولم يجتز هذا العائق سوى قلة قليلة.. وفي خطوة لاحقة كان قطاع الطرق الحوثيون يحتجزونهم.. ومع مرور الوقت تجاوز كثير من الأبطال الجدد هذا العائق ليصطدموا بمعوقات أخر.. انتقل هذا إلى إب وآخر إلى تعز، وثالث إلى مأرب وهكذا، ومن هناك يبدؤون البحث عن طريقة للوصول إلى عدن.. عادة ما تكون تلك الطريقة هي السفر خفية إما سيراً على الأقدام، وإما الاستفادة من خبرة سائقي الدراجات النارية، وسائقي السيارات الذين لديهم تجربة طويلة بالطرق غير المعهودة، أو لديهم أساليبهم الخاصة في التعامل مع المسلحين الذين يقيمون الحواجز، أو النقاط الأمنية التي أصبحت كثيرة في الطرق.. ولم يكن أمام القادم من الحديدة إلا الانتقال إلى إب، ومنها إلى الراهدة ثم طور الباحة.. كان القادم من صنعاء، مثلاً، يصل إلى الضالع أو إلى الصبيحة أو نقطة العلم فيمنع من دخول عدن من قبل بعض المتعصبين مناطقياً أو المرهقين نفسياً.. وكان عدد المحظوظين قليلاً، إذ كانت مبرراتهم مقبولة.. مثلاً: أني ذاهب إلى مصر للعلاج، عبر مطار عدن.. في هذه الحالة سيتعين على المقاتل أن يحمل معه جواز سفر وبعض التقارير الطبية.. لنا صديق محترف في التصوير، وهو من صنعاء لكن زوجه أبينية، لهذا السبب مر بسهولة، إذ لما عرف قائد المسلحين أن زوجه أبينية، قال: هذا الشمالي لديه كفيل جنوبي فدعوه يعبر!
من سوء حظ بعض الضباط الذين عملوا من قبل في عدن أو لحج، أن بعض المسلحين كانوا يتعرفون عليهم ويحتجزونهم في غرف مظلمة، ويذيقونهم شتى صنوف الإرهاب، بدعوى أنهم قتلوا أبناء الجنوب! وللعميد قائد الورد تجربة مخيفة مع هؤلاء، قد فصلناها في هذا المكان في مناسبة أخرى، وحدث لآخرين أشياء قريبة من ذلك، لكنهم في نهاية المطاف كانوا يصلون إلى معسكر بير أحمد، إما فرادى أو خفافا، أو جماعات، وبمرور الوقت تزايدت الأعداد، فقد كانت قيادات المجلس الانتقالي تتدخل لدى شرطة الحزام الأمني، ولدى الجماعات المسلحة الأخرى، للإفراج عن الذين تم توقيفهم، والسماح لهم ولمن جاء بعدهم مواصلة الطريق إلى عدن.
لقد لعبت قيادات في المجلس الانتقالي دوراً مهماً في إزالة المتاعب التي انتصبت أمام المقاتلين، وتمكينهم من الالتحاق برفاقهم في معسكر بير أحمد.. ولذلك لا نجد للعميد طارق تصريحاً أو مقابلة صحافية، أو خطاباً يخلو من الثناء والشكر لأهلنا في الجنوب، وللمقاومة الجنوبية عامة، وللمجلس الانتقالي الجنوبي خاصة، وهم جديرون بما فوق ذلك.