بالنسبة لمدينة مأرب، أمست وظيفة الشرعية -ممثلة برئيسها هادي ونائبه محسن- تجاهها تقتصر على مراقبة الوضع من الفندق المشهور، وإرسال تعاز إلى أسر القادة العسكريين، والتوجيه بتشييعهم ودفنهم كما يليق بهم.. فإذا استقبلا مبعوثاً من المبعوثين تحدثا إليهما حديث المساكين، وعلقا عجزهما على مؤخرة إدارة الرئيس جوزيف بايدن التي أخرجت الجماعة الحوثية من قائمة المنظمات الإرهابية.
لاحظوا.. أن شرعية عاجزة، تكل مهامها إلى غيرها، قد استوجب كثرة المبعوثين.. حيث صارت الرياض مهوى مبعوثين دوليين إلى اليمن: مارتن غريفيثس المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن.. المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيموثي ليندركينج.. المبعوث الخاص لمملكة السويد لليمن بيتر سيمنبي.. مبعوث مجلس التعاون الخليجي.. ولدى الجماعة الحوثية مبعوث إيراني خاص بها، هو العميد حسن إيرلو، الذي أرسلته ظهران باسم سفير، وهو ليس بسفير، ولا يتقيد بسلوك السفراء، بل عميد يقرر ما يجب أن تكون عليه الأمور في صنعاء وجبهات القتال، ولكن الجماعة الحوثية ليست شرعية ولا هي الشرعية.
نقول إن هادي ونائبه يتحدثان إلى المبعوثين عن خطيئة الإدارة الأمريكية، ثم يرددان أمامهم الشكوى نفسها التي لم تتغير منذ ست سنوات: إيران تدعم ميليشيا الجماعة الحوثية الإيرانية الانقلابية، وأن هذه الجماعة ترفض السلام على الرغم من التنازلات التي تقدمها الشرعية! أليس هذا هو الكلام الذي يذكر في كل خبر، منذ سنوات كثار؟
اليوم تطوق الجماعة الحوثية مدينة مأرب من مختلف الجهات، وتستميت ميليشياتها في سبيل السيطرة عليها، وركنا الشرعية يشكوان ويتحدثان، وينعيان، ويعزيان، ويأمران بتشييع ودفن القادة العسكريين.
اللافت في الأمر أن القادة الذين تربوا في المؤسسة العسكرية للنظام السابق هم الذين يستشهدون دون غيرهم في صفف الشرعية، وتأملوا في أسمائهم ومواقعهم وسيرهم الذاتية.. بينما رفض هادي ومحسن أي وجود لأمثالهم، وهم في الساحل الغربي يعدون بعشرات الألوف، ولو أن الرئيس هادي ونائبه رميا جانبا احقادهما، وقبلا بوجود لواءين أو ثلاثة من ألوية المقاومة الوطنية في مارب، لكان الوضع العسكري حول المدينة غير ما هو عليه الآن، ولكن حقدهما على رئيس ميت، وخوفهما من علو مكانة العميد طارق محمد عبد الله صالح، جعلهما يفضلان وقوع مأرب في قبضة ميليشيا الجماعة الحوثية، على أن تنتصر بقوات محسوبة على قائد عسكري بينه وبين رئيس الجمهورية السابق صلة قربى، على الرغم من أن ألوية حراس الجمهورية هي امتداد لمؤسسة دستورية هي المؤسسة العسكرية اليمنية.
إن رفض الشرعية للمطالبات المتكررة التي وصلتها من العميد طارق، يعتبر عورة الشرعية الكبيرة، تضاف إلى عورتها المفضوحة أمام الإدارة الأميركية وأمام بقية الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي.. إن هذه الدول وغيرها تدرك أن الشرعية ليس لها جيش حقيقي رسمي منظم، لذلك تستعين بالجماعات الإرهابية في مأرب.. هذا هو سبب تساهل الدول الكبرى مع معارك ميليشيا الجماعة الحوثية للسيطرة على مارب، كما تغاضت من قبل عن جرائم الجماعة التي ما فتئت منذ العام 2013، تقدم نفسها للأميركيين والغربيين بصفتها العدو اللدود لتنظيم القاعدة وتنظيم داعش.