بشير حسن الزريقي

بشير حسن الزريقي

تابعنى على

الجماعات الإسلامية والتعددية السياسية.. الإخوان أنموذجاً

Thursday 20 May 2021 الساعة 04:26 pm

حينما تبحث عن موقف أهل السنة على إطلاقهم ووفق أدبيات التيارات الإسلامية المعاصرة فإنك تلمس بوضوح مدى التذبذب في موقف تلك التيارات من قضية التعددية الحزبية والسياسية، فيلجأون إلى حيلة الانصراف من الالتزام بالخطاب التعددي السياسي إلى معنى يشمل جماعات المسلمين على عمومهم وحصرهم في الحزب الواحد وفق ماتقتضيه الآية "ألا إن حزب الله هم الغالبون..." والاتكاء عليها كلافتة عامة، إذ تجدهم يعلنون عبرها اعتراضا مبكرا على التعددية السياسية وما إليها من شؤون الحياة العامة التي يريدون أن يحددوا وجهتها بطريقتهم المواربة.

ولا نبالغ إذا قلنا إنهم يحاولون استثمار حساسية مشاهد تاريخية خاصة تجاه بوادر الانقسام والفرقة، ليس لأن تلك الفرقة والانقسامات قد نهي عنها، بل لأنه حد زعمهم تتكرر أحداث الفتنة الدامية كالتي لاحت في عهد خليفة المسلمين عثمان بن عفان وما زالت ماثلة في الوعي الإسلامي حتى زماننا هذا، ولكنهم لم يدركوا أن اعتراضهم المبكر على التعددية السياسية منذ خليفتهم كان هو سبب إقحام المجتمعات الإسلامية في هذه المرذولات التي يتظاهرون أنهم ينكرونها وحدهم ولا سواهم اليوم.

وعلى هذا الموال نجد فقهاء أهل السنة حد ادعائهم ما انفكوا يسدون منافذ الفرقة بكل وسيلة، حتى قبل بعضهم الصبر على ظلم الحاكم، خشية أن تؤدي المعارضة إلى انفراط عقد الدولة الإسلامية، على الرغم من أن للتعاليم الإسلامية موقفا حازما تجاه هذه النقطة مسجلة في الكتاب والعديد من الأحاديث النبوية.. وقد قال فقيههم أبو بكر الطرطوشي في هذا الأمر "ان من اجلال الله، اجلال النظام، عادلا كان أم جائرا.. الطاعة عصمة من كل فتنة ونجاة من كل شبهة".

وعلى صعيد آخر نجد في الفكر التقليدي لجماعة الإخوان المسلمين ما تضمنته رسالة الشيخ أبو الأعلى المودودي، إذ يتحدث عن الصورة للدولة الإسلامية (ان مجلس الشورى الإسلامي لا يمكن أن ينقسم أعضاؤه جماعات وأحزابا، بل يبدي كل واحد منهم رأيه بالحق بصفته الفردية، فإن الإسلام يأبى أن يتحزب أهل المشورة ويكونوا مع أحزابهم سواء كانت على حق أو على باطل).

ولئن عدلت حركة الإخوان المسلمين عن موقفها التقليدي وشاركت بالمعترك السياسي إلا أنه ليس بين أيدينا ما يقطع بأن ذلك العدول إنما هو تطوير للموقف السياسي وليس إجراء مرحليا اقتضاه حسن الأداء السياسي.

هذا عن الجماعة الأم التي نجزم أنه يعنينا لفضحها، كشف انحراف أقطابها عن المعنى الأصلي للدين أو استثماره بمقتضى معايير البيع والشراء الذي ارتضاه المسلمون لأنفسهم بانغلاق محكم.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك.