ناجي الحنيشي

ناجي الحنيشي

تابعنى على

الشرعية والماربيون.. نظرة عن كثب

Friday 11 June 2021 الساعة 05:36 pm

(إن أمطرت عزيتي وإن أصحت عزيتي) *

المثل أعلاه يقارب واقعنا نحن الماربيين في المرحلة الراهنة أكثر من أي وقت مضى، خاصة علاقتنا مع رأس الشرعية ووضعنا في هياكلها وأطرها وما يشوب هذه العلاقة من عمش واعورار لا أول ولا آخر له، هكذا قلب حجر في مسند كما يُقال.

الشرعية برأسها وأطرها متكئة على مارب وما قامت به حتى اليوم، لكن في المقابل هذه الشرعية لا تود مارب بناسها (1) ومواقفهم إلا بالقدر الذي يظهرها -راس الشرعية- قوية مهابة، فيما يفترض أننا رأسها أو على الأقل شركاء حقيقيون، لكن هذا المفترض بقي بعيد المنال، على الرغم من كلمات الود السمجة التي تكرر على المسامع بين الحين والآخر.

صحيح في ظاهرها ود وتقدير لكنها لا تخلو من بغض وكره معشش تجاه المحيط الاجتماعي المحلي، وقد انسقنا كثيراً، وأقصد قيادة محافظة وقوى اجتماعية وسياسية، وراء أوهام سرابية عامة -وطنية- فيما أدوات حلها وتحققها بايدي من لا ركنة عليهم ولا يمثلون البعد الوطني على أي مستوى. 

إن النظرة لمجتمعنا المحلي كبيئة آمنة ومقاومة تأوي الآخرين وتبث فيهم روح المقاومة وجغرافيا وفيرة الموارد ومدرة للارباح نظرة غير سوية وتنذر بمخاطر جمة في القادم، بما في ذلك تحويل مارب كوسط اجتماعي إلى عدو يجب مواجهته(2) فيما لو شكل أدنى تأثير على مصالح مراكز القوى ولوبياتها المتجذرة على ضفتي الراهن.

لذلك فإن إعادة النظر في أمور كثيرة غدت كملسمات ذات قُدسية لا تمس أمر في غاية الأهمية(3) خاصة مع تشكل ما يمكن لنا تسميته بملامح مرحلة جديدة من الصراع، وهو ما يتطلب -بالنظر إلى موقفنا وتموضعنا- إما علاقة على قاعدة الشراكة في القرار ووضع السياسات العامة للمضي قدما، بما في ذلك سياسات الحرب والسلام واستحقاقاتهما وادارتهما أو وضع بدائل محلية تلبي متطلبات الواقع المعاش.

إذ لم يعد من الحكمة ترك الأمور تمضي على الطريقة السابقة، فيما الماربيون معنيون بتلكم القضايا التي يمكن لها أن تشكل منعطفا مغايرا لوضع ما برح الجميع يدفع فواتيره غاليا.

ولنا في اتفاق السلم والشراكة مثالا لا يزال حاضرا امامنا، يومذاك تحاور واتفق ووقع الاتفاق أناس لا علاقة لهم بمارب وقضاياه، فيما الاتفاق اُفرد خصيصا لمارب، في واحدة من غرائب الأمم والشعوب، فالمصائر لا يقررها الا اصحابها طوال التاريخ إلا في حالات نادرة حين يقرر صاحب سلطة قمعية أو احتلال أو انقلاب بوسائل الاكراه ما يراه لغيره، ويومها لم يكن الانقلاب قد حل.

حاليا يختلف الوضع عما كان وسيأتي من لم يحضر لها (مصياد) وملقطي المتاع، ويقررون ويقتسمون التركة أي كانت، فيما غيرهم بعيدون حتى عن التعبير عن الامهم وقضاياهم، وهو ما يجب رفضه ومقاومته، وفي ذات الوقت المبادرة بوضع موجهات وأسس عملية تراعي الواقع وتسهم بخلق مناخات رافضة لسياسات تتعارض مع هذا الواقع ومتطلباته، فلم يعد من الصواب الاستمتاع بالفرجة فيما آخرون يقررون، وستكونون أغبياء بالمجمل إن فوضتم أو منحتم الثقة في هذا الشان. 

--------------

*المثل أعلاه دارج في الموروث الماربي، المعزية هي راعية الغنم، فإن أجدبت هلكت غنيماتها من الحطمة وإن أمطرت هلكن من الهجى والبرد، وما معها إلا تنقف الصياح.

1- يعيش في مارب ما يقارب ربع سكان اليمن.

2- امكانية التقاء مصالح مراكز القوى على الضفتين واردة، وبالتالي فإن توحدها أمام كل ما هو محلي كذلك وارد.

3- بالنظر إلى موقفنا العام وموقعنا في خارطة الصراع.

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك