لعلنا أسرفنا في آمالنا وبطموحنا لحد بعيد، فإن تشكيل جيش وطني منظم بديل لعشوائية المقاومة التي في العادة تكون عفوية وغير منظمة أمر صعب المنال في ظل غياب التوجه لبناء جيش وطني ولاؤه للوطن لا للمقر أو لأمراء الجماعة.
وبمراجعة سريعة لمسار الحرب ومخرجاتها العسكرية وواقع معارك التحرير على الأرض في سنواتها السبع العجاف نجد بأن الأمور نحت منحى آخر وبمسار مغائر غير الذي كنا نأمل.
فمن الواضح أن الأموال التي أغدقت عليهم أثناء سير عمليات التحرير الأولى وكمية الأسلحة التي وصلتهم من الجو ومن البر أسالت لعابهم وحركت الأطماع فيهم لتحقيق مكاسب شخصية ومنافع حزبية وتوسع على الأرض.
وباستحواذهم على الجيش وقراره أصبحوا في حل من المحاسبة والرقابة المالية، فتحول الجيش الوطني إلى جناح عسكري للحزب يضرب به خصومه ويوسع به دائرة نفوذه في المناطق المحررة، ويستقوى به على الضعفاء في نهب أراضيهم والسيطرة على بيوتهم وقياداته أشبه بأمراء حرب متصارعة مع بعضها ومتنازعة مع غيرها، وجميعهم يدينون بالولاء للمقر وللمرشد.
والواضح أن لعلي محسن الأحمر الدور الأبرز في تشكيل الجناح العسكري للحزب تحت مسمى الجيش الوطني.
وبالرجوع إلى الانتصارات التي تحققت في تعز فيما مضى فقد كانت جهودا فردية أو جماعية غير منظمة تشكلت بعفوية في إطار حركة مقاومة عنيفة، فألتف حول المقاومة الجميع دون استثناء، فصنعت أروع البطولات وحررت المدينة ومعظم اريافها بظرف قياسي وما تلاها بعد تكوين ما سمي بالجيش الوطني كانت ما هي إلا حرب استنزاف بالوكالة غير معلنة تقودها قوات حزب الإصلاح نيابة عن الحوثيين، حيث استنزفوا فيها التحالف العربي أموالا لا طائلة وسلاحا له أول وليس له آخر وانهاكهم سياسيا واقتصاديا وعسكريا.
فنراهم يختلقون صراعات بينية مع رفاق السلاح ومحاولة الاستيلاء على المحرر وإقصاء القيادات التي لا تدين بالولاء للمقر وتصفية معظمهم بظروف غامضة، واختلاق المشاكل والفتن ونشر الإشاعات وتمزيق الصف واللحمة الوطنية، فتجدهم في حضرموت والمهرة يقومون باختلاق مشاكل مع السعودية، وفي سقطرى والجنوب مع الإمارات، وفي تعز أيضا.. فجندوا لذالك وسائل اعلامهم الممولة من عمان وقطر لإرهاق التحالف، وبالتالي تصبح المناطق المحررة بيد حلفائهم الأتراك لتكون الشمال لإيران والجنوب والوسط لتركيا.. وهذا التحليل هو الأقرب إلى الواقع.