إذا كان ما يخص الشأن في اليمن، هو الفقرة القصيرة التي وردت في البيان السعودي – العماني، لا سواها، فإن الساسة في المملكة والسلطنة، ما يزال في حاجة للمزيد من المعارف والخبرات لفهم المشكلة اليمنية، ومن أجل الإسهام في حلها أيضاً.
حظ اليمن، من البيان الذي صدر أمس قبيل مغادرة السلطان للمملكة اقتصر على العبارة التالية: وفي الشأن اليمني أكد الجانبان تطابق وجهات نظرهما حول مواصلة جهودهما لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة اليمنية قائم على: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.. ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني الشامل.. وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، ومبادرة المملكة العربية السعودية لإنهاء الأزمة اليمنية.
لنلق نظرة نقدية على الأقاليم الثلاثة، التي طالما تم التسويق لها من قبل الرئيس هادي، ومن قبل مختلف الجهات الإقليمية والدولية، طول السنوات الست الماضية، واعتبرها البيان السعودي- العماني قوائم الحل السياسي الشامل:
فالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية مضى عليهما عشر سنوات، وما نفذ منهما سوى ما يخص الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وما يخص المؤتمر الشعبي العام.. الفقرة باء من البند الثالث للآلية حددت طرفين هما: المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه، وأحزاب اللقاء المشترك وشركاؤه، وباجتياح الجماعة الحوثية صنعاء اختل التوازن، ولم يعد الطرفان موجودين في السلطة.. وتنص الفقرة باء من البند السابع على أن المرحلة الثانية من الفترة الانتقالية -ومدتها عامان- تبدأ مع تنصيب الرئيس بعد الانتخابات الرئاسية المبكرة، وتنتهي بإجراء الانتخابات العامة، وفاقا للدستور الجديد وتنصيب رئيس الجمهورية الجديد.. ومع ذلك ما يزال الرئيس عبد ربه رئيساً على الرغم من انتهاء الفترة الانتقالية الثانية، كما ليس ثمة دستور جديد.. أفلا يعني ذلك شئياً عند الملك والسلطان؟
ثم، هل تصلح مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، أساساً يبنى عليه الحل السياسي؟ ليس كل مخرجات ذلك المؤتمر كانت محل توافق.. ما يزال المؤتمر الشعبي الى اليوم متمسكاً بما تم التوافق عليه فحسب.. والمخرجات لا تعني شيئاً بالنسبة للتيارات السياسية القديمة والجديدة في الجنوب اليوم.. غادر ممثلو مؤتمر الجنوب مؤتمر الحوار الوطني قبل اكتمال أعماله، وبقي فقط تيار مكاوي الذي يقول الجنوبيون إنه يمثل الرئيس هادي.. من جهتها، لا تعترف الجماعة الحوثية بما يعتبره الرئيس أهم المخرجات، وهو نظام الأقاليم، ولم توافق على التمديد للرئيس هادي.
الإشكالية أيضاً قائمة في ما اعتبره البيان السعودي- العماني أحد أعمدة أو قوائم الحل السياسي.. قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216.. هذا القرار يطالب جميع الأطراف -وخاصة الحوثيين- بتنفيذ القرار رقم 2201 الصادر عام 2015، وأن تمتنع هذه الأطراف عن اتخاذ المزيد من الإجراءات الانفرادية التي يمكن أن تقوض عملية الانتقال السياسي في اليمن.. يطالب الحوثيين بالكف عن استخدام العنف.. وأن يسحبوا قواتهم من جميع المناطق التي استولوا عليها، بما في ذلك العاصمة صنعاء.. والتخلي عن جميع الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية.. والتوقف عن جميع الأعمال التي تندرج ضمن نطاق سلطة الحكومة الشرعية في اليمن.. هذا نظرياً، أما لو عدت إلى الواقع.. إلى ما حدث ويحدث على الأرض، فسوف تجد أن هذا القرار قد تم التطويح به من قبل الجماعة الحوثية، ومن قبل هادي وحكومته، وهما الطرفان المعنيان بالقرار، وقد جعلهما القرار نفسه طرفي حرب، وطرفي الحل، وبذلك أضفى عليهما شرعية، بينما لم يعودا الشرعيين الوحيدين، كما أنهما ليس في مستوى تمثيل الشعب اليمني الذي نكب بهما.. إذ إن قوى جديدة برزت بعد صدور هذا القرار، ويصعب التكهن بأي حل سياسي، أو إيقاف الحرب دون انخراط هذه القوى الجديدة في عملية التسوية السياسية.