اليمن تستعيد آثاراً نادرة من فرنسا بعد معركة قضائية استمرت خمس سنوات

السياسية - منذ 3 ساعات و 20 دقيقة
عدن، نيوزيمن:

تمكنت اليمن من استعادة مجموعة من الآثار التاريخية النادرة والقيمة من فرنسا، بعد معركة قانونية ودبلوماسية استمرت خمس سنوات متواصلة، شملت تحريات ومتابعات قضائية معقدة. 

وتوجت هذه الجهود بعودة تمثال ملك قتبان "شهر هلال" و15 تمثالاً ولوحاً جنائزياً، اعتُبرت مكسباً وطنياً مهماً يعيد لليمن جزءاً من ذاكرته الحضارية المنهوبة، ويؤكد أن استعادة التراث لا تقل صعوبة عن استعادة الأرض.

وأوضح الباحث المتخصص في شؤون الآثار اليمنية عبدالله محسن، أن اليمن استعاد من فرنسا تمثال ملك قتبان (شهر هلال) و15 تمثالاً ولوحاً جنائزياً، بعد متابعة وتحقيقات وتقاضٍ امتدت لخمس سنوات، مثّلت نموذجاً للتعاون الفرنسي اليمني في مكافحة تهريب الموروث الثقافي والجريمة المنظمة.

وأشار محسن في تعليق نشره على صفحته على موقع "فيسبوك" أن السلطات الفرنسية وضعت هذه القطع في مكان آمن بالعاصمة باريس، بناءً على طلب الحكومة اليمنية، إلى حين استقرار الأوضاع أو مطالبتها رسمياً بنقلها إلى الداخل. ونقل الباحث عن السفير اليمني في اليونيسكو د. محمد جميح، بعد تواصله مع سفير اليمن في باريس د. رياض ياسين، تأكيده نجاح الجهود الدبلوماسية في ضمان إعادة هذه المجموعة النفيسة من التراث اليمني.

وبحسب محسن: " القضية تعود إلى يناير/كانون الثاني 2020، حين عثرت الشرطة الفرنسية بالصدفة على مجموعة أثرية يمنية أثناء تفتيش روتيني لمستودع بضواحي باريس. وبمجرد اكتشاف التماثيل واللوحات الجنائزية، أبلغت الشرطة مركز مكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية التابع لوزارة الداخلية الفرنسية، الذي تحقق من أصالتها، ليتواصل مع السفارة اليمنية في باريس".

وأضاف: "غير أن الإجراءات تعثرت لعامين بسبب ضعف أداء وزارة الثقافة اليمنية وغياب الإمكانات لدى هيئة الآثار، وفق ما ذكر محسن. لكن لاحقاً، في مارس/آذار 2023، عُقد اجتماع حاسم بباريس بين وفد يمني رسمي ومسؤولين فرنسيين، شارك فيه وزير الثقافة، والسفير الدائم لدى اليونيسكو، وسفير اليمن في باريس، إضافة إلى المحامي ديفيد دومارشيه، حيث قُدمت الوثائق والإثباتات، بما فيها بيان أصالة الأعمال الفنية الصادر عن عالمي الآثار سابينا أنطونيني وكريستيان جوليان روبن".

تضم القطع المستعادة- بحسب الباحث محسن-  تماثيل ولوحات جنائزية من الحجر الجيري والحجر الرملي والمرمر، بعضها بوجوه إنسانية بارزة وأخرى برؤوس بقرية، تعود إلى حضارتي معين وقتبان، ويتراوح تاريخها بين القرن الرابع قبل الميلاد والقرن الأول الميلادي. وتشمل تماثيل لرجال ونساء، بعضها قائم على قواعد منقوشة، إضافة إلى تمثال بارز للملك القتباني "شهر هلال".

ووفق المعلومات، فإن المضبوطات كانت ضمن مقتنيات الفرنسي من أصل إيطالي فرانسوا أنتونوفيتش، الذي يملك أكثر من مئة قطعة أثرية يمنية منشورة، بعضها كان مودعاً لدى متحف في ليون بإسبانيا، قبل أن تنقل خفية إلى مستودع بضواحي باريس، في ظروف تثير التساؤلات حول شرعية حيازتها.

أشار الباحث عبدالله محسن إلى أن وجود الآثار اليمنية في فرنسا يتخذ ثلاثة أنماط: الآثار المحفوظة في المتاحف الرسمية مثل اللوفر، التي حصلت عليها المؤسسات بطرق قانونية عبر البعثات أو المزادات، والآثار الموجودة في القصور الخاصة، وغالباً ما تثير الشكوك حول مصدرها، والآثار المعروضة في المزادات وصالات التحف، والتي تتطلب تدخلاً دبلوماسياً وقانونياً من الحكومة اليمنية لاستعادتها. كما لفت إلى انتشار ورش خاصة لإنتاج آثار يمنية مقلدة في فرنسا، نظراً للطلب الكبير عليها.

أكد محسن أن عمليات النهب والحفر العشوائي للمواقع الأثرية في اليمن لا تجري في الخفاء، بل أمام أعين المجتمعات المحلية وأجهزة الأمن، مشيراً إلى أن المهربين والسماسرة باتوا معروفين، ويتواصلون مع أساتذة آثار ومسؤولين محليين ودوليين لتسويق القطع، بل إن بعضهم يعد كتالوجات للقطع المتاحة للبيع.

وحذّر الباحث من أن تجارة الآثار ارتبطت بالحروب ومصالح قوى نافذة، داعياً إلى تشكيل ضغط مجتمعي وحكومي لمكافحة هذه الظاهرة، وتبني استراتيجيات فعالة للحد منها، مشدداً على أن "الآثار اليمنية ليست مجرد حجارة قديمة، بل ذاكرة وهوية وطنية لا تقدر بثمن".