إصرار حوثي على التبعية لإيران.. ذكرى نصر الله تعلو على ثورة اليمنيين في صنعاء
السياسية - منذ 3 ساعات و 43 دقيقة
تصرّ ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران على تحويل صنعاء وبقية مناطق سيطرتها إلى ساحة تابعة للأجندة الطائفية العابرة للحدود، إذ تمضي في إحياء مناسبات مرتبطة بمحور طهران وحلفائه، في الوقت الذي تواصل فيه قمع أي مظهر من مظاهر الاحتفاء بالهوية الوطنية اليمنية وثورة 26 سبتمبر.
هذا التناقض الصارخ يفضح حقيقة المشروع الحوثي: ولاءٌ مطلقٌ لإيران وحزب الله من جهة، ورفضٌ ممنهج لأي رمزية تحرّرية تعيد التذكير بنهاية حكم الإمامة الذي يمثل الجذر التاريخي لفكر الجماعة.
في مشهد يعكس حجم التبعية السياسية والفكرية لطهران، أقامت الميليشيا الحوثية فعالية خطابية رسمية في صنعاء لإحياء الذكرى السنوية الأولى لمصرع حسن نصر الله، الأمين العام السابق لحزب الله اللبناني، ورفيقه هاشم صفي الدين. الفعالية، التي تزامنت مع احتفالات اليمنيين بثورة 26 سبتمبر، تحولت إلى منبر لتأكيد الولاء لإيران وحزب الله، حيث علّقت صور نصر الله في شوارع صنعاء وصعدة وعدد من المدن الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في استعراضٍ علني لارتباط الجماعة بالمحور الإيراني.
وخلال الفعالية، ألقى القيادي الحوثي محمد مفتاح، المعيّن في منصب القائم بأعمال رئيس الوزراء خلفًا لأحمد الرهوي الذي قُتل في غارة جوية قبل نحو شهر، كلمةً أشاد فيها بما وصفه بـ"تضحيات حسن نصر الله"، مؤكدًا أن جماعته ستواصل على ما أسماه "طريق القدس" والوقوف إلى جانب لبنان وفلسطين. تصريحات مفتاح جاءت في سياق خطاب حوثي متكرر يربط الصراع في اليمن بمعارك إقليمية تخدم المصالح الإيرانية، متجاهلًا معاناة اليمنيين الداخلية وحقهم في استعادة دولتهم.
إصرار الحوثيين على إقامة هذا الحفل وتزيين الشوارع بصور نصر الله يبرز مدى تغلغل النفوذ الإيراني في القرار السياسي للجماعة، ويعكس رغبة واضحة في ترسيخ هوية بديلة تقوم على الانتماء العقائدي للمحور الإيراني، مقابل طمس رموز الهوية الوطنية اليمنية. فبينما يُستدعى تاريخ حزب الله وقياداته إلى قلب صنعاء، تُحارب ذكرى ثورة 26 سبتمبر التي أسقطت نظام الإمامة الذي يستلهم الحوثيون أيديولوجيته بكل الوسائل.
في الوقت الذي كانت فيه منصة الاحتفال الحوثي تمجّد نصر الله داخل القاعة، كانت فرق الموت الحوثية والزينبيات تنتشر في أحياء صنعاء ومدن أخرى لفضّ أي محاولة شعبية للاحتفاء بثورة سبتمبر. شهود عيان ومصادر محلية أكدوا أن الجماعة كثّفت من حملات الاعتقالات والمداهمات، وطوقت شوارع وأحياء سكنية لمنع رفع أعلام الجمهورية أو اضهار أي نوايا للاحتفاء بثورة سبتمبر، ووصل الأمر إلى ملاحقة نساء وأطفال ومصادرة الهواتف لمنع توثيق أي نشاط رمزي. هذه الإجراءات تكرّس سياسة القمع التي تنتهجها الجماعة لطمس ذاكرة اليمنيين الثورية، وإخماد أي حراك يذكّرهم بسقوط حكم الإمامة.
هذا التزامن بين تمجيد حسن نصر الله وقمع ذكرى سبتمبر ليس مجرد صدفة، بل رسالة متعمدة تعلن أن الحوثيين يرون أنفسهم امتدادًا لمشروع "ولاية الفقيه"، وأن أولويتهم هي إثبات الولاء لطهران على حساب الهوية الوطنية اليمنية. فبينما تمثل ثورة 26 سبتمبر رمزًا للخلاص من الاستبداد الإمامي، تحاول الجماعة إحياء رموز أجنبية لإضفاء شرعية دينية وسياسية على مشروعها، في مسعى لتغيير وعي الأجيال الجديدة وتطبيع التبعية لإيران.