ضغوط متواصلة لتشكيل قوة دولية في غزة
العالم - Friday 31 October 2025 الساعة 08:00 pm
واشنطن، نيوزيمن:
تشهد الكواليس السياسية والعسكرية في واشنطن وحلفائها تحركات مكثفة تهدف إلى وضع اللمسات الأخيرة على خطة لتشكيل قوة دولية تتولى مهام الأمن والاستقرار في قطاع غزة، في خطوة تعكس سعي الإدارة الأميركية إلى إيجاد صيغة جديدة لإدارة القطاع بعد الحرب، غير أن المبادرة تواجه تعقيدات إقليمية وتحفظات إسرائيلية تهدد فرص نجاحها.
ووفقًا لتقرير نشره موقع "أكسيوس" الأميركي نقلاً عن مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية، فإن القيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم) تشرف على إعداد تصور متكامل لتشكيل قوة أمنية متعددة الجنسيات، بإشراف مباشر من واشنطن، على أن تشمل قوات شرطة فلسطينية جديدة يتم تدريبها وتدقيقها من قبل الولايات المتحدة ومصر والأردن، بمشاركة محتملة من دول عربية وإسلامية، من بينها إندونيسيا وأذربيجان ومصر وتركيا.
غير أن إسرائيل أبدت اعتراضًا صريحًا على مشاركة تركيا في هذه القوة، معتبرة أن أنقرة طرف "غير محايد" في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وهو ما يعقد المشاورات الجارية حول شكل ومهام القوة، خاصة مع تباين المواقف داخل التحالف الغربي بشأن هوية الدول المشاركة وآليات الانتشار داخل القطاع.
ويشير محللون إلى أن واشنطن تسعى من خلال هذه الخطة إلى ملء الفراغ الأمني في غزة، وتجنب عودة الفوضى أو سيطرة فصائل متشددة، لكنها في المقابل تواجه معضلة التعامل مع حركة حماس، التي ما تزال ترفض أي وجود أجنبي في القطاع وتعتبره "وصاية مرفوضة".
وقال الباحث في مؤسسة "هيريتيج" الأميركية نايل غاردنر في مقابلة مع قناة سكاي نيوز عربية، إن أي قوة دولية "ستواجه تحديات ضخمة في التعامل مع حماس التي لم تُبدِ حسن نية حتى خلال فترات الهدنة"، مضيفًا أن نجاح المبادرة "سيتوقف على سلوك الحركة واستعدادها للتعاون مع الترتيبات الأمنية الجديدة"، مؤكداً أن استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد حماس "يبقى مرجحًا في ظل غياب الثقة المتبادلة".
ويعد الموقف التركي أحد أكثر الملفات تعقيدًا، إذ ترى واشنطن في أنقرة شريكًا مهمًا داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بينما تعتبرها إسرائيل خصمًا سياسيًا لا يمكن الوثوق به. ويعتقد محللون أن رفض تل أبيب لأي دور تركي سيكون له تأثير مباشر على الصيغة النهائية للقوة الدولية، وسط حديث عن إمكانية استبدال المشاركة التركية بقوات من دول إسلامية أخرى لتجنب التصعيد السياسي.
وفي سياق موازٍ، أوضح غاردنر أن إسرائيل لا تثق في الأمم المتحدة أو وكالاتها، خصوصًا وكالة "الأونروا"، التي تتهمها تل أبيب بارتباطات وثيقة مع حماس، وهو ما يجعل واشنطن تميل إلى استبعاد الأمم المتحدة من أي دور مباشر في الإشراف على القوة المقترحة، مفضّلة إدارة الملف من خلال تحالف محدود يضم شركاء مختارين.
ويرى مراقبون أن التحركات الأميركية تمثل محاولة لإعادة ترتيب المشهد الأمني في غزة بما يتماشى مع مصالحها وحلفائها، لكنها في الوقت نفسه تصطدم بحقائق الميدان وتعقيدات السياسة، خصوصًا أن أي ترتيبات مستقبلية لن تنجح من دون معالجة الأسباب السياسية للصراع وضمان مشاركة الأطراف الفلسطينية في القرار.
>
