القفز على الأزمات بمعارك “الفضيلة”.. سخرية من مقترح حوثي بتخصيص باصات أجرة للنساء
السياسية - منذ ساعتان و 5 دقائق
صنعاء، نيوزيمن، خاص:
أثار مقترح لمليشيا الحوثي بتخصيص باصات أجرة خاصة بنقل النساء في صنعاء سخرية واسعة، خلال اليومين الماضيين، من قبل يمنيين على منصات التواصل الاجتماعي.
ونشر الإعلام المروري التابع لسلطة المليشيا الحوثية، الخميس، بيانًا تضمن توجيهات لمدير عام شرطة المرور بسلطة المليشيا، المدعو بكيل البراشي، بإعداد دراسة حول تخصيص عدد من باصات الأجرة في كل فرزة من فرزات أمانة العاصمة، تكون مخصصة حصرًا لنقل النساء.
وبرر المسؤول الحوثي هذه الخطوة بأنها تهدف إلى “حفظ كرامة المرأة وصون خصوصيتها، وتنسجم مع القيم الدينية والأخلاقية للمجتمع اليمني”، ولـ“منع أي مضايقات أو تصرفات غير لائقة قد تتعرض لها”.
وسرعان ما قوبل هذا المقترح بسخرية واسعة من قبل اليمنيين على منصات التواصل الاجتماعي، الذين رأوا فيه انعكاسًا للعقلية المأزومة لمليشيا الحوثي الإرهابية، واختلاقًا لمثل هذه القضايا لإثارة الرأي العام بدلًا من الإقرار بالوضع الكارثي اقتصاديًا وإنسانيًا، الذي تعيشه مناطق سيطرة المليشيا.
هذه السخرية الواسعة أثارت غضب المليشيا الحوثية، ودفعت بإدارة المرور التابعة لها إلى إصدار بيان توضيحي خاص، الجمعة، كشفت فيه حجم انزعاجها من السخرية اللاذعة التي قوبل بها مقترح تخصيص باصات أجرة خاصة بنقل النساء.
وهاجم البيان بشدة الأصوات المنتقدة والساخرة من المقترح، واصفًا إياها بأنها صادرة إما “عن أولئك الذين لم تستوعب عقولهم الفكرة رغم بساطتها”، أو أن ذلك يعود “إما إلى قصور لديهم في الإدراك والفهم، وإما إلى كونهم من ذوي الأفكار والسلوكيات المنحرفة الدخيلة على شعب الإيمان والحكمة”، في هجوم لاذع يعكس حجم الغضب الذي واجهت به المليشيا موجة السخرية.
وحاولت المليشيا تبرير مقترحها بأنه “اختياري وليس إلزاميًا” للنساء، مع تكرار مبرراتها السابقة، قائلة إنها تتلقى عددًا كبيرًا “من البلاغات والمناشدات من نساء عفيفات تعرضن لمضايقات من بعض المنحرفين” في وسائل المواصلات.
ورغم السخرية والانتقادات الواسعة، أكدت مليشيا الحوثي إصرارها على تطبيق المقترح، مشيرة إلى أنها تدرس حاليًا تخصيص عدد من الباصات بأعداد مختلفة للفرز الكبيرة والصغيرة، وأنها ستتولى تحديد واختيار سائقي هذه الباصات.
وإلى جانب السخرية، قوبل المقترح بانتقادات وتحذيرات من قبل ناشطين وناشطات، حذروا من أن يؤدي تطبيقه إلى تعرض النساء لمضايقات أكبر في وسائل النقل العامة، رغم إعلان المليشيا أنه سيكون “اختياريًا وليس إلزاميًا”.

وأشاروا إلى أن المقترح سيؤدي عمليًا إلى فصل وسائل النقل العامة إلى مختلطة، وهي الغالب، وعدد محدود فقط مخصص للنساء، ما قد يُجبر النساء على استخدام هذا العدد المحدود وتجنب الباصات المختلطة، خوفًا من النظرة السلبية في حال استخدام وسائل نقل غير مخصصة لهن.
وأعاد المقترح الحوثي التذكير بالقرارات السابقة التي أصدرتها المليشيا بشأن وسائل النقل في مناطق سيطرتها خلال السنوات الماضية، إذ أجبرت، قبل نحو ثلاثة أعوام، ملاك وسائقي الباصات الصغيرة، أو ما يُعرف محليًا بـ“الدبابات”، على إعادة تركيب مقاعد الركاب بحيث لا تكون متقابلة.
وفي أواخر سبتمبر الماضي، أقرت المليشيا نظامًا خاصًا بعمل باصات الأجرة في صنعاء، اعتمدت فيه نظام “الفردي والزوجي” (الأرقام الفردية تعمل يومًا، والزوجية تعمل في اليوم التالي)، مبررة ذلك بأن عدد الباصات يُقارب 30 ألف باص.
>> الحوثي يضيق الخناق على سائقي الباصات في صنعاء بقرار "الفردي والزوجي"
ويرى مراقبون أن هذه المقترحات والإجراءات، التي ترفع المليشيا معها شعار “الفضيلة”، تمثل سياسة ممنهجة لإثارة مثل هذه القضايا بهدف إشغال الرأي العام في مناطق سيطرتها، في ظل الأوضاع الكارثية التي تعاني منها تلك المناطق اقتصاديًا وإنسانيًا.
وأشاروا إلى أن مناطق سيطرة المليشيا باتت تعاني من أزمة اقتصادية خانقة، نتيجة سياساتها وإجراءاتها التضييقية على القطاع التجاري، مع استمرار فرض الجبايات والإتاوات، ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر، وتفاقم حالة الركود الاقتصادي.
وأكدوا أن هذا الوضع يُثير مخاوف المليشيا الحوثية المدعومة من إيران من أي تحرك أو احتجاج شعبي ضد تدهور الأوضاع المعيشية، وفي ظل غياب مبررات الحرب التي كانت تستخدمها سابقًا، تلجأ المليشيا إلى اختلاق معارك جانبية لإشغال الرأي العام، كما هو حاصل في مقترح تخصيص باصات أجرة خاصة بنقل النساء.
>
