تحقيق صحفي.. مليشيا الحوثي تخضع أسرى ومختطفين لـحقن «مصل الحقيقة»

السياسية - منذ ساعة و 59 دقيقة
عدن، نيوزيمن:

في 27 يوليو/ تموز 2019، وقع رامي محمد أسيراً في قبضة الحوثيين في بلدة "منبه آل ثابت" شمال غرب صعدة، أقصى شمالي البلاد، واقتيد معصوب العينين عبر سرداب طويل إلى قبو تحت الأرض، لم يكن رامي جنديًا عاديًا يمكن انتزاع الاعتراف منه بسهولة، على الرغم من حفلات التعذيب الجسدية لم يتمكن المحققون من انتزاع منه شيء.

وحين فشلت محاولاتهم أجلس المحققون رامي على كرسي مقيد اليدين إلى الخلف معصوب العينين، وبلا مقدمات حقنه أحدهم بإبرة حادة على كتفه ولم تمر أكثر من دقيقة ليدخل رامي في حالة من اللاوعي والهذين، بحسب تحقيق صحفي لموقع العين الإخباري.

  تعذيب دوائي داخل سجون سرية

وفقًا لتحقيق العين الإخبارية، فإن جماعة الحوثي لجأت، بين عامي 2015 و2023، إلى حقن محتجزين قسرًا بإبر مخدِّرة أو إجبارهم على تناول حبوب دوائية خلال جلسات التحقيق، بعد فشل أساليب التعذيب الجسدي في انتزاع اعترافات منهم. وتسببت هذه الممارسات بحالات هذيان، وهلوسة، وفقدان إدراك وذاكرة، إضافة إلى مضاعفات صحية ونفسية طويلة الأمد.

وأكدت العين أنها وثّقت شهادات 15 ناجيًا من سجون حوثية مختلفة، والتقت 6 أطباء ومحامين قدّموا إفادات متطابقة حول استخدام الجماعة لعقاقير مخدِّرة أثناء التحقيق، تسببت للضحايا بأعراض خطيرة، بينها فقدان الوعي وصعوبات في التنفس واضطرابات نفسية حادة.

ومن بين الشهادات، شهادة الأسير السابق أسامة محمد، الذي أُسر عام 2019 في محافظة حجة، وتعرّض للضرب والصعق بالكهرباء والتعليق، قبل أن يُحقن مرارًا بمادة مخدِّرة خلال التحقيق، ما أدى إلى اضطرابات في الذاكرة وآلام جسدية مزمنة يعاني منها حتى اليوم.

سجون بلا مقومات إنسانية

وبيّن التحقيق أن أغلب هذه الانتهاكات وقعت في سجون سرية وغرف تحت الأرض تفتقر للتهوية والنظافة والضوء الطبيعي، حيث يُحتجز العشرات في زنازين ضيقة وسط إهمال طبي متعمد. ونقلت الصحيفة عن منظمات حقوقية أن جماعة الحوثي تدير مئات السجون، بينها عشرات السجون السرية، في المحافظات الخاضعة لسيطرتها.

وأشار الناجون إلى أن الأسابيع الأولى من الاحتجاز تعدّ الأخطر، إذ يلجأ المحققون إلى وسائل تعذيب «غير تقليدية»، من بينها استخدام العقاقير الطبية كسلاح نفسي لشلّ إرادة المحتجزين.

مصل الحقيقة

عرض موقع العين الأعراض التي وصفها الضحايا على أطباء مختصين في التخدير، أكدوا أن تلك الأعراض تتطابق علميًا مع تأثير مواد مخدِّرة مثل الميدازولام، الكيتامين، والسكوبولامين، وهي عقاقير تُستخدم طبيًا تحت إشراف صارم، لكنها استُخدمت تاريخيًا فيما يُعرف بـ«مصل الحقيقة» لتعطيل القدرة على الكذب، رغم عدم موثوقية الاعترافات الناتجة عنها وخطورتها الشديدة.

وأوضح أطباء أن إعطاء هذه المواد دون إشراف طبي دقيق قد يؤدي إلى توقف التنفس، أو هبوط حاد في الضغط، أو مضاعفات قد تفضي إلى الوفاة.

وجرائم ضد الإنسانية

وأكد حقوقيون، بحسب التحقيق، أن استخدام العقاقير الدوائية لانتزاع اعترافات قسرية يُعد تعذيبًا محظورًا حظرًا مطلقًا، ويرقى إلى جريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، وفقًا لاتفاقية مناهضة التعذيب والقانون الدولي الإنساني.

كما أشار التحقيق إلى أن المحققين الحوثيين غالبًا ما يخفون هوياتهم باستخدام أسماء حركية وأقنعة، في محاولة للإفلات من المساءلة القانونية، بينما تم توثيق أسماء عدد من المسؤولين عن إدارات السجون والتحقيقات.

ونوه التحقيق إلى أن كثيرًا من الأسرى والمختطفين المفرج عنهم يعانون اليوم من صدمات نفسية، وأمراض مزمنة، وإعاقات جسدية، وسط مطالبات حقوقية بتوفير رعاية طبية عاجلة لهم، وملاحقة المتورطين في هذه الانتهاكات أمام القضاء المحلي والدولي، وإدراجهم في قوائم العقوبات الدولية.