رجل أعمال يحذر: تداعيات الحرب والانهيار الاقتصادي تجبر المستثمرين علی مغادرة اليمن

إقتصاد - Thursday 01 November 2018 الساعة 04:00 pm
صنعاء، نيوزيمن:

حذر رجل الأعمال أمين أحمد قاسم، من أن تداعيات الحرب واستمرار التدهور الاقتصادي وانهيار سعر العملة الوطنية في اليمن لن تقف انعكاساتها السلبية في جعل البلد طاردا للاستثمار فحسب، بل اجبرت -ومازالت- الكثير من المستثمرين ورجال الأعمال المتواجدين حاليا علی المغادرة.

جاء ذلك في محاضرة القاها أمس في صنعاء عن الأبعاد الاقتصادية للثورة اليمنية (26 سبتمبر و14 أكتوبر) ضمن الفعاليات التي ينظمها المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل (منارات) بمناسبة اعياد الثورة اليمنية الخالدة.

ودعا رجل الأعمال أمين أحمد قاسم كافة أطراف الصراع إلى بذل الكثير من الجهود الحقيقية للتعجيل بإيجاد حل سياسي وإيقاف الحرب والمسارعة بالبدء بحركة إنعاش اقتصادي اجتماعي واسع يؤتي ثماره أكثر بجهد أقل على المستوى الخاص والعام بعيدا عن الاستغلال السيئ للسلطة وتحويلها إلى غنيمة شخصية او عائلية، وبالتالي تدمير الاقتصاد الوطني وإجبار أصحاب الأموال والمستثمرين العرب والأجانب علی مغادرة اليمن.

وتناول قاسم الواقع الاقتصادي السيء الذي كان يعيشه اليمن قبل الثورة اليمنية، مؤكدا أن الثورة فتحت آفاقا رحبة للتنمية الاقتصادية الشاملة في الوطن.

وقال، "إن مرحلة الازدهار وحتی وإن كانت قصيرة لكنها هامة وجعلت المواطن اليمني يقول بفخر واعتزاز إن ثورته بعثت الحياة وفتحت له أفقا للحاق بركب التطور علی مستوی العالم".

وأفاد أن ثورة 26 سبتمبر الخالدة قضت على الكهنوت والادعاء الإلهي في تملك السلطة والثروة، بينما وحدت ثورة 14 أكتوبر أكثر من 23 سلطنة ومشيخة وطردت الاستعمار البريطاني.

وأوضح أنه علی الرغم من الظروف الصعبة لدولة الاستقلال في الشطر الجنوبي من الوطن بعد تفجير الثورة بسبب إغلاق قناة السويس وتراجع النشاط في ميناء عدن إلا أن الشباب اليمني كان له الفضل في استمرار الثورة.

ولفت رجل الأعمال أمين أحمد قاسم، إلی أن اختلاف المنطلقات الفكرية قبل الوحدة بين النظامين الشطريين في الشمال والجنوب، انعكست بآثارها السلبية علی واقع اليمن بعد إعادة توحيد الوطن في 22 مايو 1990م.

وبين أن تلك التأثيرات وصلت إلى تشريعات وقوانين ما بعد الوحدة والتي أصبحت أنظمة نافذة على واقع الحياة الاقتصادية ومؤسساتها وفعاليتها جميعا على امتداد العقود الماضية من عمر الوحدة المباركة، موضحا أن ذلك انعكس على الحالة الاقتصادية للبلد والنظم المؤسساتيه ولكن بمنهجيتين تنفيذيتين مختلفتين في كلا الشطرين.

وأشار إلى أن التوجه العام للنظام الاقتصادي في شمال الوطن بعد ثورة 26 سبتمبر، وانتهاء الحرب الأهلية عام 70 كان يرتكز علی النظام الرأسمالي وسياسة الباب المفتوح مع وجود بعض القيود القانونية على حرية التجارة والاستثمار بعكس النظام في جنوب الوطن بعد الاستقلال الذي تبنی النظام الشمولي وأمّم المزارع والمباني وكثيرا من المؤسسات الأجنبية والبنوك.

واستدرك قاسم قائلا "لكن حكومتا شمال اليمن وجنوبه كانتا غير قادرتين على فرض كامل سيطرتهما على أجزاء كثيرة من المناطق النائية في الشطرين".

وتطرق إلى أنه بعد ثورة 26 سبتمبر في شمال الوطن كان الحديث يدور حول دور القبيلة في مواجهة النظام الملكي والتخلف الاقتصادي والسياسي ودور رجال الأعمال في مجالات التنمية وتشجيع الشباب في مختلف المناطق اليمنية للتجنيد في الجيش والأمن للدفاع عن الثورة.

وتناول أمين قاسم ما شهده اليمن رغم كل التحديات من تطور وتقدم في عهد الثورة المباركة.

وقال "ما تحقق من تنمية اقتصادية واجتماعية وتعليمية وثقافية وزراعية في اليمن كان ملموسا وكبيرا إلا أنه غير كاف خلال أكثر من نصف قرن على الثورة اليمنية".

وأكد رجل الأعمال أمين أحمد قاسم استمرار وجود المشاكل الاقتصادية في النظام الاقتصادي، مرجعا ذلك إلى غياب دولة قوية وحكومة كفؤة وتشريعات واضحة وإرادة قادرة على توفير كل أسباب النجاح في إزالة كل عوائق التنمية وتوفير البيئة التشريعية والإدارية والمخرجات التعليمية التي ترتبط باحتياجات التنمية وتخدم احتياجات سوق العمل.

واستدرك قائلا، "لكن ذلك بالضرورة لا يسمح لنا بالمقارنة ما بين الوضع الاقتصادي قبل الثورة اليمنية وبعدها".

وتابع "فقد أنشئت البنوك ووضعت الخطط الاقتصادية المزمنة كالبرنامج الإنمائي الثلاثي والخطة الخمسية الأولى والثانية، لكن للأسف الشديد لم تستطع الدولة بعدها أن تجد أنموذجا ناجحا للخطة الخمسية".

وجدد قاسم في توصياته الدعوة إلی سرعة إيقاف الحرب والتدهور الاقتصادي والبدء بحركة إنعاش اقتصادي شامل، لافتا إلى أن تدهور الاقتصاد اليمني في ظل الحرب دفع بالفعل كثيرا من المستثمرين العرب والأجانب إلى الرحيل.

وقال "التنمية الاقتصادية والاجتماعية لا تبنى على حسن الظن وإنما على التخطيط القائم على الممكنات الاقتصادية والبنى التحتية والتشريعات الواضحة والقوية والأمن والأمان"، مشددا على ضرورة توحيد الجهود من طبقة رجال الأعمال والمثقفين والاكاديميين والقوى الاجتماعية ﻹقناع صناع القرار للاهتمام بقيام المشروعات الفردية التي يشترك فيها المواطنون وتشجيع استقطاب المستثمرين العرب للمشاركة في مشاريع تحقق أرباحا حقيقية للجميع وتوفير ملاذ آمن يطمئن فيه المستثمر على مستقبل أمواله.

كما أكد رجل الأعمال أمين أحمد قاسم، أن اليمن يمتلك إمكانيات اقتصادية كثيرة ولكنها تحتاج إلى تشريعات واضحة وضامنة للمستثمر العربي والمحلي والأجنبي على حد سواء، مشددا على أن عدم توفر المناخ لتنفيذ إصلاحات اقتصادية حقيقية وعدم الجدية في حل المشكلات السياسية وفقا لبرنامج وطني وعدم توفر الأمن للأجانب من موظفي الشركات النفطية والمشاريع الاستثمارية أدى إلى تدهور حقيقي في كل مجالات التنمية الاجتماعية والصناعية والاقتصادية.

وزاد بالقول، "يجب تجنب السلبيات التي تركناها سابقا وتبني برنامج متكامل للإصلاح السياسي والاقتصادي بالتعاون مع المؤسسات النقدية الدولية وتشجيع الصناعات الوطنية والتقدم التنموي ودق أجراس الخطر لمن يقفون في مربعات الصراع وفنادق المصالح لما فيه خير الجميع".. مؤكدا على أن الشعب اليمني شعب حي ويمكنه أن يفعل كما فعلت بلدان كثيرة في أمريكا اللاتينية واوروبا في سبيل تسريع وتائر التنمية الشاملة.

واختتم رجل الأعمال أمين أحمد قاسم محاضرته بالقول "الفائدة الأكبر ليست بتوحيد اليمن واستغلال الامكانيات الاقتصادية والثقافية والعلمية فحسب وإنما خروج اليمنيين من مراحل الانغلاق والانطلاق في رحاب العلم والمعرفة".

حضر الندوة عدد من رجال الأعمال وأساتذة الاقتصاد والباحثين في جامعتي صنعاء وعمران.