تراجع الدولار لا يعني خفض الأسعار.. هكذا يستثمر الحوثي في بورصة وجع اليمنيين

إقتصاد - Tuesday 27 November 2018 الساعة 09:51 am
صنعاء، نيوزيمن، جلال محمد:

استعادت العملة الوطنية بعض قيمتها، أمام العملات الأجنبية في السوق المحلية، خلال الأيام الأخيرة، بيد أن الأسعار التي قفزت إلى مستويات قياسية مع آخر ارتفاع للدولار ظلت مكانها، دون أدنى تخفيض في سعر المواد الغذائية والاستهلاكية.

وفي الأسبوعين الأخيرين، استعاد الريال اليمني ما يقارب 38% من قيمته، حيث انخفض سعر الدولار من 740 ريالاً إلى ما يقارب 544 ريالاً، إلا أن ذلك لم ينعكس على أسعار الغذاء والدواء في السوق، رغم أن التجار برروا موجة الغلاء الهستيرية، بارتفاع الدولار.

في الأثناء تستمر أزمة الارتفاع الحاد للسلع الغذائية، في العاصمة صنعاء والمناطق الأخرى القابعة تحت سيطرة ميليشيا الحوثي، رغم إعلان بعض الشركات المحلية خفض أسعار منتجاتها تبعاً لهبوط أسعار الصرف، ليكون منطق دولة الحوثي وتجارها: "تراجع الدولار لا يعني خفض الأسعار".

في هذا السياق استطلع "نيوزيمن" آراء عدد من المواطنين في العاصمة صنعاء، حول أزمة الغلاء الذي يتزامن مع وضع معيشي مأساوي أصلاً. وخلصت الإجابات إلى مسؤولية ميليشيا الحوثي عن ما يبدو تجويعاً متعمداً للمواطنين.

يقول محمد السالمي، وهو من سكان صنعاء، لـ"نيوزيمن"، إن الأسعار باقية على ما كانت عليه دون أي تراجع ملموس، ورغم قرار شركات هائل سعيد تخفيض أسعار منتجاتها بعد تراجع الدولار".

ويضيف: "إلا أن تجار الجملة والتجزئة والبقالات مستمرون في البيع بذات الأسعار السابقة، وهو ما يجعل من إعلان التخفيض مجرد إعلان دعائي لا يمت للواقع بصلة".

ويكمل: "سعر 10 كيلو رز أصبح بـ 9000 ريال بعد أن كان بعشرة آلاف، يعني نزلوا ألف ريال!! هل هذا هو التخفيض الذي يتناسب مع نسبة 38% من هبوط سعر الدولار".

من جانبها تقول، أم محمد: "أعلنوا أن الزبادي الكبير بـ 200 ريال، واليوم اشتريته بثلاثمائة ريال.. لا نزلت أسعار ولا نفع هبوط الدولار".

وتضيف: "يكذبوا علينا، ما معهم غير الكذب.. ما دام وهؤلاء موجودين (الحوثيين) لن نرى الخير.. هؤلاء يشتوا موت بس، مقابر وزوامل، ما يهمهم المواطن وما يعاني، أهم شيء بيوتهم سابرة، ورواتب الناس في بطونهم حرام في حرام".

وتكمل أم محمد قائلة: "ما بش دولة.. رحم الله عفاش، كان بيهم الشعب أكثر من نفسه، وكان يخاف يرفع 50 في سعر الحاجة، لكن هؤلاء (أي الحوثيين) جاءوا ورفعوا آلاف من غير حساب ولا يهم من مات ".

صنعاء مدينة الارتفاع الدائم

ما زالت العاصمة والمحافظات الأخرى القابعة تحت سلطة الحوثيين، تعاني من غلاء في أسعار المواد الغذائية والحاجيات الأساسية والمواصلات والمشتقات النفطية التي وصلت إلى مستويات لا يطيقها المواطن اليمني في ظل انقطاع مرتبات الموظفين في القطاع العام لقرابة عامين، والأزمات الخانقة المستفحلة التي تجر البلاد إلى هاوية المجاعة الشديدة.

فبينما يباع البنزين في محافظة عدن بـ 7000 ريال، لازال في صنعاء بسعر عشرة آلاف ريال، أي ما يعادل 18- 20 دولاراً ما يجعلها من بين أغلى المدن في سعر البنزين على مستوى العالم.

يقول عبدالرقيب محسن -موظف-: "يتعلل التجار في صنعاء انهم اشتروا بضاعة بالسعر المرتفع، والجميع يُدرك أن الارتفاع الحاد لسعر الدولار لم يمض عليه أكثر من شهرين، وهذا يعني أن ما تعاقدوا عليه في الخارج بالسعر المرتفع لم يصل وأنهم مازالوا يبيعون من مخزون تم شراؤه وصرف الدولار بسعر 420 ريالاً، ولكن فور ارتفاعه محلياً تم إعادة التسعير وفق الأسعار الجديدة وإضافة نسبة المخاطر والتوقعات الاقتصادية، والآن يتذرعون بأنهم اشتروا بسعر مرتفع وهذا كذب".

ويستغرب من قيام التجار برفع الأسعار إلى أعلى مستوى لمجرد أي ارتفاع بسيط في أسعار صرف العملات الأجنبية، وعند الانخفاض لا يتم معادلة السعر، محملاً سلطات الأمر الواقع مسؤولية النهب والاستنزاف لما تبقى في جيب المواطن اليمني المحروم قسراً من مرتبه بفعل هذه الجماعة الفاشية وتحالفها السيء مع التجار.

أما أفنان صالح، طالبة جامعية، فتقول: "لقد أعادنا الحوثي إلى العصور الوسطى التي كانت تعيشها أوروبا، حين تحالف فيها الحاكم مع التجار وكونوا سلطة قهرية كهنوتية امتصت دماء الناس، وهو ما يجري اليوم في صنعاء ومحافظات الشمال الواقعة تحت سلطة الكهنوت".

مضيفةً: "يتحكم الحوثي في سوق المشتقات النفطية عبر تجار قام بتفريخهم بعد قرار التعويم، ليتحكم بالسوق النفطي من خلال الإيعاز للتجار باحتكار المشتقات النفطية وإعادة رسم الأسعار وفق أهوائهم، وشاهدنا كيف تختفي المشتقات في غضون ساعة وتغلق المحطات أبوابها وهي ممتلئة، لتعود سلطة الأمر الواقع بتسعيرة جديدة مرتفعة وهكذا في كل مرة، وكذلك يتم الأمر مع تجار السلع الغذائية حيث تم استنزافهم من خلال المضاربة بسعر الدولار، ورفع ثمنه والسماح للتجار برفع البضائع كما يريدون فقط يتم تجنيب العائد الذي يطلبه المشرف او القيادي الحوثي.

التجار: ليس بأيدينا هذا الارتفاع

يعزو التجار استمرار ارتفاع الأسعار رغم تراجع الدولار، إلى تعدد الضرائب وما تسمى "صناديق التحسين الحوثية والجبايات" والإتاوات الأخرى التي تفرض على التاجر ليقوم بدوره بإضافتها على المواطن عبر رفع أسعار السلع الأساسية".

ويقول التجار إن هذا الواقع المفروض في ظل إجراءات التفتيش التي تخضع لها جميع الواردات، أدى بطبيعة الحال لزيادة في تكاليف التأمينات والنقل والتوزيع، فضلاً عن أن عدداً من التجار يتخوفون من الاستمرار في الاستيراد بكميات كالسابق بسبب تقلبات السوق وأوضاع الحرب في البلاد، مما حدا بالبعض احتكار السلعة والمزايدة المفرطة في ثمنها، وفي النهاية كل التكاليف السابق ذكرها تُضاف إلى السعر الإجمالي للسلع التي أصبحت بمعظمها بعيدة عن متناول السواد الأعظم من اليمنيين، حيث ارتفعت أسعار الدقيق وغاز الطبخ بنسبة 300% ووصل سعر البترول إلى حدود 400% وفقاً لتقارير منظمات إغاثية دولية.