من يحكم صنعاء.. وأين تذهب إيرادات البلاد؟!

إقتصاد - Saturday 23 May 2020 الساعة 04:33 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

تعج العاصمة صنعاء بالقوانين المرتجلة يوميًا، ومثلها حجة وذمار وإب، بحيث يتم التركيز على الإيرادات ونهب التجار والمواطنين معًا دون هوادة.

أم حسن، مواطنة في الأربعين من العمر تقول: "الحوثيون نجحوا في إيجاد مخارج لكيفية نهب أموال الناس، وتسويق أنفسهم في الوقت ذاته بأنهم أبناء وأحفاد الرسول".

وتضيف: "لا ندري كيف يجتمع ذلك، فعلى سبيل المثال قيامهم خلال الأيام الماضية بعملية "رش الشوارع" الرئيسية بمادة الكلور المخلوطة بالماء، فريق يقوم بالرش وآخر يقوم بجمع الأموال مقابل ذلك".

في يوم واحد فقط ممكن أن تصل إيراداتهم من 10 إلى 30 مليون ريال، كل ذلك مقابل علبة من الكلور وبدون أي سندات إيصال.

الحروب الستة كمدخلات

يعمل الحوثيون على الجانب المالي عن طريق الجباية والزكاة والواجبات منذ زمن طويل ربما يمتد لعقود، غير أن مسألة زكاة المال والفطر والنفس والمزروعات من حبوب وغيره أمور بديهية تاريخية لها علاقة بالولاية وآل البيت.

ولعل التمرد الأول الذي بزغ مع الحروب ال6 في صعدة ومحيطها بدأ من مسائل الزكاة وخاصة ما يتعلق بإنتاج المزارع عمومًا، من فواكه وقات وخضروات، أي أن أمورا إدارية فتحت باب التمرد على الدولة.

كل ذلك كان مَدخلًا لهذا المشروع الذي يمشي اليوم، ليجوب القرى والمديريات والمحافظات وشوارع المدن، ومفاصل الدولة ودوائرها، من أوقاف ومالية وقضاء وتعليم.

مضاعفة الزكاة نهب صريح

قابلت أحد الفلاحين، يقول الناشط الحقوقي أحمد ناجي النبهاني، وهو من محافظة حجة، فأخبرني أن الحوثيين ضاعفوا عليهم الزكاة.

يضيف على لسان الفلاح، فالذي كان يدفع قدحًا من الطعام في العام الماضي، أصبح اليوم ملزمًا بدفع 5 أقداح للحوثيين.

ثم يستشهد برسالة وصلته من أحد أبناء وصاب واسمه فؤاد النهاري، يذكر فيها أن الحوثيين في منطقتهم، وهو ما شاهده بأم عينه، يتعالون على الناس بسلوك مشين.

يواصل طرحه بأن هذا يحدث من قبل المكلفين والموظفين المعنيين بالنزول الميداني والتنقل بين المحلات التجارية.

وختم في هذا السياق بقوله، كما أن رفع المبالغ التي تطالب بها هيئة الزكاة نسبة 500% أمر محير لا نعلم له أي مبرر شرعي.. وهو ما يسري على العاصمة صنعاء وبقية المدن الخاضعة لسيطرة الحوثيين، أمام صمت رهيب للمواطن الذي لا يستطيع الإدلاء بأي حديث، أو حتى مراجعة تلك القوانين.

التضامن لا يكفي

يبدو أن التضامن ورفع الشكاوى غير كاف، يقول أيوب حميد صاحب محل. في نهاية الأمر الجميع يتعامل مع عصابة توزعت في الأحياء والشوارع لجمع الجبايات وابتزاز الناس بصورة غريبة.

حتى جهة استقبال المظالم إذا وصلتها تظل بانتظار الرد أشهرا، ثم يأتي ليقول لك لدينا يوميا أكثر من 3 آلاف شكوى. ما يعني أن عليك الانتظار سنوات حتى تأخذ حقك الذي سلبوه هم أنفسهم.

ثم يختم، هناك محسوبية لم اشهدها خلال ال 20 عاما الماضية، ووساطات ورشاوى ومنافع مشتركة بينهم، على مستوى نهب الأراضي وغيره.

أسباب التغطية على وباء كورونا

يسبب عدم الشفافية كانت منظمة الصحة العالمية قد علقت عملها بتاريخ 10 مايو، كما اتهمت جهات رسمية ومنظمات الحوثيين بإخفاء المعلومات رغم وجود أكثر من 150 حالة هذا كان مع بداية الانتشار.

الجميع كان يعرف أن المنظومة الصحية قد خرجت عن الجاهزية بسبب الحرب التي بدأت منذ 2015 وأن هناك أكثر من 4 آلاف منشأة صحية قد خرج نصفها عن العمل.

يأتي ذلك بسبب نقص المواد والمستلزمات وغياب الخدمات كما أن العديد من أطباء التخصص هاجروا خارج البلاد، ناهيك عن توقيف الرواتب.

تعمد الحوثيون إخفاء الوباء في مناطق سيطرتهم واستمروا في تضليل المواطن والرأي العام معًا لأسباب تخصهم وحدهم.

يقول محمد إسماعيل أحد الذين مات عليه قريب قبل عام في ظروف غامضة، كانت هناك حالات نسمع أنها تصل المستشفيات ولا تخرج إلا محمولة إلى المقبرة.

يضيف، وجدت أن الأمر منتشر ولم يكن كورونا قد تم الإعلان عنه، حتى تفاقم الوضع لنصل إلى ما وصلنا إليه.

اليوم عشرات الحالات في صنعاء وإب وكثير من المناطق،  والحوثي ما زال يتعامل بمنطق الجاهل تجاه جائحة وصلت إلى كل دولة وبيت.

تقول المعلومات إن مليشيا الحوثي تعمدت إخفاء ذلك حتى تستطيع جمع الضرائب والواجبات الزكوية لأنها تعتبر الأمر مقدسا وهو موسم لا يتكرر.

وقد عملت على نشر لافتات توعوية في الشوارع تحث المواطن على عدم التقاعس أو التأخير في دفع الزكاة، وهي تدرك أن الموظفين بلا رواتب منذ سنوات والوضع الاقتصادي متدهور.

السؤال الأهم إلى متى سيبقى البلد على هذا الوضع، في استنزاف المواطنين وموارد البلاد من قبل مجموعة من المشرفين والقيادات التي فرضت نفسها بقوة السلاح، وسط تقاعس الأطراف الدولية والمعنية بإنقاذ ما تبقى.