بلواء يقوده مراسل "الصحوة" ومحاولات مع تركي وحمدي.. الصبيحة وآمال الإخوان الابتعاد عن الشمال "جنوباً"

السياسية - Sunday 06 September 2020 الساعة 02:47 am
عدن، نيوزيمن، خاص:

تعد قبائل الصبيحة من أكبر القبائل الجنوبية ليس بعدد أفرادها، بل بعدد المقاتلين فيها، ويمكن اعتبارها بأنها "عمران" الجنوب، كمخزون ضخم من المقاتلين على أرض جافة بالموارد.

تتوزع قبائلها على مديريات غرب لحج وصولاً إلى باب المندب، وشمالاً إلى خطوط التماس "الشطرية" مع محافظة تعز أو مع الحجرية تحديداً التي باتت -مؤخراً- تحت سيطرة مليشيات الإخوان.

لذا، فإن أي محاولة اختراق إخوانية من تعز إلى عدن لن تمر إلا عبر مناطق قبائل الصبيحة، وهنا يُفهم لماذا صنع الإخوان "الجبولي" الذي ظهر فجأة وقبل نحو عامين فقط كقائد عسكري برتبة عميد وقائد للواء.

فالرجل بلا تاريخ عسكري ولا يُعرف عنه سوى أنه كان مدرساً في كلية التربية بطور الباحة، ومراسلاً لصحيفة "الصحوة" الناطقة بلسان حزب الإصلاح، الذراع السياسي لجماعة الإخوان، إلى عام 2013م.

لقد أراد الإخوان صناعة قائد عسكري "صبيحي" وزرعه في مناطق التماس بين لحج وتعز ليكون رأس حربة لأي تحرك قادم لهم نحو عدن، فكان "الجبولي" وكان "اللواء الرابع مشاة"، الذي تؤكد المصادر بأنه لم يصدر قرار بإنشائه من الرئيس هادي بل بتوجيهات من نائبه الجنرال علي محسن الأحمر، وضُم لاحقاً إلى وزارة الدفاع والمنطقة العسكرية الرابعة ومحور تعز.

وللوصول إلى هذا الهدف كان لا بد من استخدام الجبولي ولوائه ضمن حرب الإخوان ضد اللواء 35 مدرع وانتزاع مسرح عملياته في مناطق الحجرية، فالتمركز في جبالها وحده من يؤمِّن أي تحرُّك مستقبلي نحو عدن عبر مناطق الصبيحة.

تمركز اللواء في مديرية المقاطرة التابعة إدارياً لمحافظة لحج، وتحديداً في سائلتها الواقعة على الطريق الرابط بين طور الباحة إلى مدينة التربة، ومنها بدأ بالتوسُّع على امتداد الطريق على حساب اللواء 35، وتمكن عبر تواطؤ من المحور من السيطرة على طول الطريق إلى مدينة التربة مروراً بهيجة العبد.

ثم توسَّع لاحقاً إلى مديرية الشمايتين وأقام فيها معسكرات تدريب، وخاض جولات من المواجهات لانتزاع مدينة التربة والمواقع المحيطة بها من سيطرة اللواء 35، إلا أن وجود قائده الشهيد عدنان الحمادي صعَّب من ذلك.

تغير الوضع لاحقاً باغتيال الحمادي أواخر العام الماضي وفرض سيطرة الإخوان على اللواء 35 مدرع، ليعود الجبولي ولواؤه إلى المهمة الأساسية وهي الاتجاه جنوباً.

فبحسب مصادر قامت قوات الجبولي، خلال الأيام الماضية، بإنشاء واستحداث مواقع عسكرية في جبال المقاطرة الشاهقة وفي قلعتها وجبل اراف المطل على مناطق الصبيحة.

قوات الجبولي، التي تقول المصادر بأن قوامها بات يصل حالياً إلى نحو 6 آلاف فرد، الفئة الأكبر منها من العناصر الإخوانية المؤدلجة فكرياً من بينها عناصر جهادية عائدة من أفغانستان.

كما أن لواء الجبولي بات –وبأوامر رسمية تم الكشف عنها- مركز تجميع لأفراد من القوات الموالية للإخوان والتي تم طردها من عدن في أغسطس من العام الماضي، وعلى رأسها قوات اللواء الرابع حماية رئاسية الذي يقوده العميد مهران القباطي أحد القيادات العسكرية الإخوانية، كما نقل الإخوان قياداتهم الاجتماعية والتنظيمية من عدن إلى الحجرية في حماية "اللواء الرابع"..

ومنتصف فبراير الماضي كشفت وثيقة رسمية صادرة من القباطي إلى الجبولي، أشار فيها إلى قرار بتجميع قوات لواء الحماية الرئاسية في محورين: محور عتق ومحور طورالباحة.

توجيهات تشير بوضوح إلى اتجاه إخواني بتحويل المقاطرة عبر الجبولي ولوائه إلى ما يشبه "شقرة" أخرى للانقضاض على عدن عبر الصبيحة، وبخط إمداد من قوات الإخوان في تعز.

يجمع أغلب المتابعين على أن مخططات جماعة الإخوان بالعبور إلى عدن عبر مناطق الصبيحة بأنها صعبة إن لم تكن انتحاراً ولو كان عبر قفاز "صبيحي"، لكن الجماعة تراهن على عوامل عديدة على وقع ما حدث في شبوة وأبين، بالنظر إلى عوامل تاريخية واجتماعية.

أهم ما تراهن الجماعة عليه هو ضعف الولاء بمناطق الصبيحة وبين قبائلها للمجلس الانتقالي، فالتواجد العسكري لقوات الانتقالي في لحج مقتصر على الحزام الأمني، والذي لا يتواجد في مناطق الصبيحة.

فالثقل العسكري والقبلي حالياً تسيطر عليه شخصيات "صبيحية" يمكن القول بأنه خارج دائرة الولاء للانتقالي، ولعل من بينها المحافظ اللواء/أحمد تركي قائد اللواء 17 مشاه ميكا الذي يتملك قوة عسكرية وثقلاً قبلياً لا يستهان به.

تركي وهو من القيادات العسكرية التي برزت في الحراك الجنوبي، يعد من أشد الموالين للرئيس هادي ووقف سداً منيعاً أمام فرض الإدارة الذاتية التي أعلنها الانتقالي على السلطة المحلية بالمحافظة، وسبق له الصدام لأكثر من مرة مع المجلس. 

أما أبرز هذه الشخصيات فهو العميد حمدي شكري قائد اللواء الثاني عمالقة والذي يعد من أقوى وأكبر الألوية في الساحل الغربي، وهو ما منحه نفوذاً قبلياً مؤثراً بين قبائل الصبيحة يكاد يكون الأول وبلا منافس.

ويشترك شكري مع المحافظ بالولاء الشديد للرئيس هادي، ولكن كنظرة "سلفية" تؤمن بالولاء لولي الأمر وترفض الخروج عليه، لكنه يرفض أي التقاء بالإخوان.

رغم ذلك فإن مطامع الإخوان تسعى لأن يكون ولاء حمدي لهادي، مفتاح اختراق عبر رداء الشرعية التي تتحكم بالقرار فيها بدءاً من الرئيس هادي ذاته.

كما لا يمكن إغفال سمة الصراعات والاقتتال والثارات بين قبائل الصبيحة، والتي تلعب دوراً مهماً في الفرز والاصطفاف السياسي لأبنائها ومشائخها وهو ما تحاول جماعة الإخوان استغلاله ضد الانتقالي باستقطاب رموزها لصالح مخططاتها.


لكنه في ذات الوقت سلاح ذو حدين، قد يقلب الطاولة على الإخوان يصبح معه أي محاولة تقدم واختراق لمليشياتها دافعاً لتوحد قبائل الصبيحة ضدها باعتبار غزوها خطراً مشتركاً على مناطقهم.