اليمنيون.. وعراقة التجارة قديماً

إقتصاد - Tuesday 08 September 2020 الساعة 09:15 am
عدن، نيوزيمن:

كانت دول سبأ وحِمْيَر وغيرها من دول اليمن السعيد من أوسع الإمبراطوريات التي جابت بلاد الشرق والغرب، وقد قيل إنها نافست الفراعنة القدماء في نفوذهم شمالي إفريقيا ووسطها وفي الهلال الخصيب ومنطقة بحر العرب والخليج العربي.

وقد اكتسب اليمنيون على مر التاريخ شهرة واسعة في مجال التجارة، حتى قيل إنهم من أمهر بني الإنسان تجارة، وبإمكانهم أن يجوبوا كل دول العالم ويتكيفوا مع أية بيئة جديدة بغرض نشر تجارتهم. 

ارتبطت التجارة باليمنيين سواءً أكانت قائمة عليهم أم عبرهم من مَناطق إلى مَناطق أخرى في العالم أو ما يستوردونه أو يقتَنونه لهم فحيث صنعوا الدّويلات وأنظمة الحكم أيضاً خلقوا أعرَافاً للتجارة سَواءً في العصر القديم أو في عصر الإسلام وما بعده وكانت لديهم منافذ تجارة بريّة وبحريّة تستقبل وتُرسل كما هو الحال بالنسبَة لتِجارة البُّن اليمني مثلاً عبر ميناء المخا وتجارة اللبان منذُ الألفيّة الأولى قبل الميلاد الذين كانوا يَعتبرون شجرته مقدسة دِينياً وأيضاً البخور والعطور.

وساهم ذلك في البُنيَة الاقتصاديّة لليمن آنذَاك والذي كَن يُصدّر عبر الطرق البريّة والبحرية وفي الغالب البريّة خصوصاً في عهد السَبئيين الذين سيطروا على التجارة وطرقها وأنشأوا أسواقا في كل منطقة وصولاً إلى فلسطين ومصر وتَحكّموا حتى بأسعار البضائع حينها، وبالتالي ارتبطت العمليات التجاريّة وقوافلها بالتسوّق منذُ بداياتها عند اليمنيين التي تحولت اليوم إلى ثَقافة مُتعددة ومنتشرة في كل العالم، وقد ذَكَر اليُونانيون القوافل التي كَانت تأتي من جَنوب الجَزيرة العَربيّة مُحملة بالسِلع وأن اليمنيين كانوا من أثرى سُكانها.

لم يكن اليمنيون شعبا عالة على الإسلام، بل كان في طليعة الشعوب التي جابت دول الشرق والغرب جهادًا للكافرين واستيطانًا للبلاد المفتوحة، فثبت أن قبائل من اليمن رحلت إلى المدينة إبّان عهد الوحي مثل قبيلة الأشعريين، ثم قبائل كثيرة إلى العراق ومصر والشام إبّان عصر الفتوحات في عصر الخلفاء الراشدين، ولم يتخلف شعب اليمن عن الهجرة إلى أقصى الأرض مثل الأندلس عندما فتحت في عصر الأمويين. 

وعندما توقفت الفتوحات لم تتوقف جحافل الشعب اليمني في جوب الأرض شرقا وغربا، ولكن لم يكن ذلك عن طريق الجيوش الجرارة التي كانت تفتح السهول والمدن، بل كان عبر قوافل التجارة التي لم تدع سلعة إلا ورحلت في بيعها أو شرائها أو استجلابها، بل إن من قوافل التجارة تلك من استوطن بلادًا قاصية بعيدة وبقي فيها حتى هذه الساعة.

يتكثف الوجود اليمني في جزيرة جاوه في أندونيسيا، حيث تقيم جاليات يمنية تتمتع بالجنسية الأندونيسية، ولكن غالب أفرادها تبدو ملامحهم العربية واضحة جدا، بل إن بعضا منهم ما يزال يحافظ على اللغة العربية كلغة تحادث في بيته ومع عشيرته، ومنهم طائفة كبيرة ما تزال ترسل أبناءها إلى اليمن ليدرسوا الشريعة الإسلامية في جامعاتها وفاء بالأصل الأصيل الذي ينحدرون منه.

يشتهر اليمنيون بالتجارة في تلك الدول، وقد واكبوا التطور الذي حدث في المنطقة فأقاموا تجارة كبيرة في سنغافورة حيث يوجد حي عربي كامل معظم قاطنيه من اليمنيين ذوي الأسماء والعائلات اليمنية الشهيرة.

ويتخذ اليمنيون من الدول النشيطة تجاريا مراكز تسويق لأعمالهم، مثل تايلند وسنغافورة وماليزيا والصين، ولا توجد دولة من دول الشرق الأقصى إلا وللتجار اليمنيين فيها وجود من نوع ما.