فيصل الصوفي يتساءل: مَن وراء الاغتيالات في عدن؟

السياسية - Monday 28 December 2020 الساعة 09:46 pm
نيوزيمن، كتب/فيصل الصوفي:

في العام 2015 والذي تلاه، اجتاحت عدن موجة من الاغتيالات والعمليات الإرهابية، التي استهدفت جنوداً ومجندين في معسكراتهم، فأودت بحياة مئات منهم، وقتل المحافظ الأسبق جعفر محمد في عملية إرهابية كبيرة، كما اغتيل عدد غير قليل من أئمة وخطباء المساجد، وعشرات الضباط والنشطاء السياسيين، وفي تلك الأثناء كانت السلطة الفعلية في عدن بيدي حزب الإصلاح.. كان تنظيم القاعدة وتنظيم داعش يؤكدان في كل مرة مسئولية كل منهما في هذه العمليات.. لكن لم يعلن أي من التنظيمين، ولا أي جهة أخرى مسئوليتها عن الاغتيالات وجرائم القتل التي تتم منذ العام 2016 حتى اليوم، ولو كان لتنظيم أنصار الشريعة أو القاعدة أو داعش صلة بذلك لما تردد الفاعل منهم عن إعلان مسئوليته، بل قد أعلن هذا أو ذاك مسئوليته عن بعض جرائم القتل التي سجلت في أوقات متباعدة هنا وهناك، وهي قليلة على أي حال.. وإذا كان الأمر كذلك فإنه من الطبيعي أن يبرز السؤال الكبير: من هي الجهة التي تقتل أو تغتال أبرياء في عدن لمجرد الاشتباه بانتمائهم لما تسمى ميليشيا موالية للإمارات؟ وقد كان آخر ضحايا هذه الجهة نادر الشرجبي الذي اغتيل مساء أمس أثناء وجوده وسط شارع في مدينة الشيخ عثمان.. كان ملثمون يركبون سيارة(...) يراقبون حركته، وعندما تهيأت الفرصة لهم أطلقوا الرصاص عليه فأردوه، وكان انتسابه للمقاومة الوطنية- حراس الجمهورية، في الساحل الغربي تهمة كافية لحرمانه من الحياة.. وليس مصادفة أن تظهر بعد هذه الجريمة كتابات إصلاحية- حوثية زعم أصحابها أن حماية مشروع بلحاف في شبوة قد أسندت في هذه اللحظة إلى حراس الجمهورية.. تماماً كما ظل الإصلاحيون يتفجرون كذباً مرة بعد مرة عن حراس الجمهورية، فقالوا إنهم توجهوا من الساحل الغربي إلى أبين في مثل اللمح بالبصر! لكي يحاربوا إلى جانب قوات الانتقالي هناك، وفي كل تلك المرار لم يتزحزح حراس الجمهورية عن جبهات المواجهة العسكرية مع ميليشيا الجماعة الحوثية.

ما يزال السؤال الكبير عن الاغتيالات في عدن دون جواب.. فالجواب الصحيح لدى القوى الأمنية والقضائية، أو هكذا نرجو.. قوات الأمن والحزام الأمني تظل في دائرة الاتهام بالتقصير، ما لم يحصل الناس على جواب.. لماذا كان القتلة دائماً وما يزالون ملثمين، لماذا يفرون في كل مرة، وإلى أين يذهبون ليحتموا بعد إتمام مهامهم القذرة؟ لماذا غدت الاغتيالات في عدن امتداداً لنشاط مرتكبي الجرائم في تعز؟ وهل ثمة جهة سياسية لديها جهاز أمني يفوق قدرة الجهاز الأمني للدولة، تدبر الاغتيالات وترتب لما بعدها؟

إذا قتل عضو في حزب الإصلاح -لا نقصد التهوين، فقتل نفس واحدة كقتل للمجتمع كله- نقول عندما قتل إصلاحي مثل عوض فدعق، الذي قتله مجهولون في مدينة المنصورة في شهر أغسطس الماضي، وهي الجريمة الوحيدة التي طاولت عضواً في الحزب هذه السنة، رأيت حزب الإصلاح وإعلامه، يتورم ادعاءات وتهماً، وعنه يأخذ الإعلام القطري ويهول نكاية بالإمارات، وعملاء الإمارات، ومرتزقة أجانب يعملون لحساب الإمارات.. الاتهام موجه دائماً نحو الإمارات العربية المتحدة، وإلى ميليشيا موالية لها حسب تعبيرهم، وهذه التي يسمونها ميليشيا هي قوات الحزام الأمني التي أمست جزءاً من المؤسسة الأمنية وفاقاً لاتفاق الرياض.. هذا، بينما معظم ضحايا الاغتيالات ينتسبون للتي يسميها الإصلاحيون ميليشيا موالية للإمارات.. ويذهبون في التعمية عن الفاعلين الحقيقيين إلى أبعد من ذلك، وهو أن الإمارات تستأجر مرتزقة دوليين!! وتجلبهم إلى عدن لتنفيذ عمليات الاغتيال.. هل رآهم أحد؟ هل جلبتهم الإمارات لاغتيال الموالي لها عيدروس الزبيدي مثلاً، أو مدير الأمن السابق شلال شايع هادي؟ فهذان (العميلان المواليان!) ظلا هدفين كبيرين للقتلة، حيث تعرضا لعدة محاولات اغتيال.. هل الإمارات وراء كل هذا؟ يقولون عنها في الوقت عينه إنها تسعى لفصل جنوب اليمن عن شماله، من خلال الموالين لها: المجلس الانتقالي الجنوبي الأعلى، وفصائل الحراك التي لم تسلم من الاغتيالات أصلاً، حتى إن فؤاد راشد كان في أواخر شهر أكتوبر الماضي هدفاً للقتلة، وفي أوائل هذا الشهر اغتيل الدكتور خالد عبد الحميدي عميد كلية التربية في الضالع، الذي ينتمي للحراك الانفصالي، أما فؤاد راشد فأكثر أهمية من الناحية السياسية، إذ هو رئيس المجلس الأعلى للحراك الجنوبي.