الخمينية عقيدة التشدُّد (2-2).. انتقد الحوثي الوهابية في السعودية ثم جرَّم الحياة في صنعاء

السياسية - Friday 15 January 2021 الساعة 08:51 pm
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

وهابية الحوثي.. تشييع بالقوة

وتزداد مظاهر الوهابية الحوثية التي تحاول المليشيات فرضها اليوم في مناطق سيطرتها بروزاً من خلال النهج المذهبي الذي يعتمده الحوثيون ويسعون لفرضه على مختلف الشرائح الاجتماعية خصوصاً صغار السن والشباب من خلال الدورات التثقيفية التي تنظم بالقوة والتي تهدف إلى ترسيخ أفكار المذهب الشيعي بكل ما يتضمنه من مزاعم متعلقة بالسلطة والحكم وأفضلية من يحمل النسب الهاشمي على بقية أفراد المجتمع.

وتقول (أسماء) وهي طالبة دراسات إسلامية بكلية التربية بجامعة صنعاء لـ”نيوزيمن”: ما تمارسه المليشيات الحوثية اليوم هو عملية تشييع للناس بقوة السلاح والإرهاب الذي يصر على مصادرة حق الشخص في اعتناق الفكر والمذهب الذي يريده.

وتضيف: ولعل مضامين المحاضرات والخطب التي يلقيها قادة الحوثيين من زعيمهم إلى أصغر خطيب مسجد، فضلاً عن مضامين الدورات التي يعقدونها للموظفين والطلاب والشباب بالقوة تعكس حقيقة أن هذه المليشيات تمارس نفس النهج الذي مارسه النظام الإيراني الخميني في فرض المذهب الشيعي الاثني عشري مذهباً أوحدَ وأبدياً للدولة والشعب الإيراني.

وحسب أسماء، فإن بعض قيادات المليشيات الحوثية لم تعد تتورع عن المجاهرة بتطرفها المذهبي الشيعي حتى إننا شاهدنا بعض خطبائهم يجاهرون بلعن الصحابة ومعاوية ويزيد، بل ولعن كل من لا يؤمن بأحقية علي وأبنائه ونسله من بعده بالإمامة.

وتختتم بالقول: من كان يتوقع أن يأتي يوم ونشاهد وصف شخص متمرد مثل حسين الحوثي يوصم بأنه قرين القرآن والقرآن الناطق، فيما يقتل كل من ينتقد أو يبدي أي معارضة لهذا الفكر ومصطلحاته التي تسعى لترسيخ التشيع المذهبي على الناس بالقمع واستخدام السلاح.

وفي سياق ذي صلة ورغم تشدق المليشيات الحوثية بالحديث عن الجمهورية ونظامها إلا أنهم سرعان ما أبانوا عن حقيقة مشروعهم الهادف إلى استعادة النظام الإمامي الذي جرفته ثورة السادس والعشرين من سبتمبر وإن بطرق وأشكال مختلفة.

ويقول سليم صادق، وهو طالب في سنة رابعة كلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء لنيوزيمن: من المؤسف أن كثيرين من الساسة والإعلاميين والمثقفين كانوا ينكرون ما يتحدث به الرئيس السابق علي عبدالله صالح عن الحوثيين أثناء الحروب ضد تمردهم واتهاماته لهم بالسعي لاستعادة النظام الامامي والانقضاض على الجمهورية ويصفون تلك الحقائق بأنها غير صحيحة وأن ذنب الحوثيين هو معارضتهم لصالح ونظامه، مضيفا: وها نحن اليوم نشاهد كيف أن المليشيات الحوثية تجاهد لاستعادة جوهر وروح النظام الامامي بكل مظاهره القائمة على السلالية في التعيين لقيادات الدولة، والسعي لنشر الجهل ومحاربة التعليم، ومصادرة الحقوق والحريات، وقمع أي معارضة بالقوة والعنف.

>> الخمينية عقيدة التشدُّد (1-2).. “الرياض” تتخلص من آثار الثورة الإيرانية.. و”صنعاء” تسقط بيد ذراعها

ويتابع: الحوثيون يدعون أنهم جمهوريون، فعن أي جمهورية يتحدثون وعبدالملك الحوثي هو من يدير الدولة من كهفه في صعدة دون أن يكون له أي صفة تنفيذية، وعن أي جمهورية يتكلمون وأسرة الحوثي باتت اليوم من خلال افرادها هي من تسيطر على أهم المناصب في مؤسسات الدولة، وأي جمهورية هذه التي يمكن للمشرف فيها فعل ما يشاء وكيفما يشاء ووقتما يشاء بعيدا عن كل ما له صلة بالدستور والقوانين والنظام، وهل ثمة نظام إمامي أكثر قبحا من هذا الذي نعيشه ونحن نشاهد ثلة من الجهلة والقتلة باتوا يديرون مؤسسات الدولة، وينهبون إيراداتها، ويسرقون حتى مرتبات الموظفين، ويعتقلون كل مخالف لهم، ويصدرون بحقه أحكام الإعدام بمحاكمة لا تتوفر لها أدنى درجات العدالة.

ويختتم بالقول: المليشيات الحوثية هي نموذج لحكم إمامي لا يختلف عن نظام الإمامة التي حكمت اليمن سوى أنها تلبس قناعا جمهوريا يخفي سواءتها ومساوئها ويحاول ان يغطي على حقيقة ان هذه المليشيات ليست الا امتدادا لمشروع ما قبل ثورة 26 سبتمبر وان اختلفت الأشكال والشخوص.

الوهابية الحوثية: إغلاق الكافيهات وفصل الطالبات ومنع قصات الشعر

وعلى غرار المظاهر التي كانت تمارسها ما تسمى بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية من فرض شكل محدد للبس المرأة بحجة الاحتشام، إلى منع مظاهر الاختلاط بين الاناث والذكور، ومنع اي نشاطات ذات طابع فني أو موسيقي أو احتفالي بالمناسبات، باتت المليشيات الحوثية تنتهج سياسات مشابهة إن لم تكن متشددة اكثر على طابع الحياة الذي كان معتادا في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرتها خصوصا في المدن.

ودشنت مليشيات الحوثي مشروعها الوهابي ذا الطابع الشيعي بممارسات بدأت ضد محلات بيع فساتين الأعراس والحفلات، وامتدت إلى إحراق بعض أنواع البالطوهات والعبايات النسائية بحجة أنها ذات موضة غربية، وملابس غير محتشمة، مرورا بالقبض على شباب في الشوارع وحلق شعر رؤوسهم بمبرر أن حلاقتهم متأثرة بالموضة الغربية، وانها انعكاس لتأثير الغزو الفكري الغربي، وصولا إلى إغلاق الكافيهات في العاصمة صنعاء بحجة منع الاختلاط وفرض سياسة جديدة قائمة على تخصيص كافيهات رجالية واخرى نسائية، وتشديد إجراءات زيارة الرجال والنساء إلى المطاعم، وليس انتهاءً بإجراءات فصل الطلاب عن الطالبات على مستوى الجامعات والمدارس.

هذه الإجراءات التي تعكس حقيقة التشدد والتطرف والغلو الحوثي تساندها إجراءات موازية تتمثل في حملات إعلامية وفقهية تنشرها وسائل إعلام المليشيات واذاعاتها وقنواتها التلفازية، وخطباؤها في المساجد والتي تصدر فتاوى تحرم وتجرم خروج النساء إلى الشوارع دون محارم، وتصف بعض ما ترتديه النساء من ملابس بانه عري وتصفهن بالفاسقات، وتتضمن الحملات انتقاد الشباب الذين يجارون الموضات في اللبس وشكل الحلاقة، وفي الوقت نفسه تحثهم على الذهاب إلى جبهات القتال.

وهابية الحوثي الشيعية المتشددة تتجلى في أبهى صورها في حملات تجريم تدريس المواطنين لأبنائهم وبناتهم في معاهد تعليم اللغات الأجنبية وتعتبرها إحدى وسائل الغزو الفكري، في الوقت الذي تعمد قيادات المليشيات الحوثية لتدريس أبنائها وبناتها وتعليمهم في معاهد اللغات والحاسوب.

والخلاصة التي يجمع عليها المراقبون والمحللون أن مليشيات الحوثي بفكرها وأيديولوجيتها الدينية والفكرية والثقافية والسياسية، وممارساتها التي تنفذها اليوم من خلال سيطرتها على مؤسسات الدولة ليست سوى حركة تجسد نموذج الخمينية الشيعية المتزمتة والمتشددة والمتطرفة والتي لا تختلف عن الخطاب الوهابي السعودي قديماً.