مؤرخ المخا: المباني الأثرية في عاصمة "القهوة" لا يمكن تعويضها

المخا تهامة - Sunday 22 January 2023 الساعة 11:55 am
المخا، نيوزيمن، خاص:

يدرك مؤرخ مدينة المخا، عادل حسين، أن المكانة التي تبدو عليها المباني الأثرية الآن في عاصمة القهوة، لا يمكن تعويضها بعدما خسرت أهم مبانيها التاريخية نظرا لتأثرها بالنزاعات والحروب التي شهدتها اليمن خلال القرون الماضية.

 و"عادل حسين" الذي لديه اهتمامات كثيرة بالإرث الحضاري للمخا، يقر بصعوبة إيجاد طريقة في الوقت الحالي يمكن بها إعادة تأهيل تلك المباني التي كانت بمثابة قصور فخمة تم تشييدها خلال القرن السادس عشر الميلادي عندما بدأت المخا في تصدير شحنات القهوة إلى العالم. 

وتتكون تلك الأبنية من الياجور والنورة التي تصنع من الحجر الجيري بعد أن يتم تسخينها عبر محارق، وتعرف علمياً بكربونات الكالسيوم، إذ كان يتم صناعتها _محليا- في معامل ذاعت شهرتها في مديرية حيس، وهي مدينة تاريخية تقع على الشريط الساحلي الغربي لليمن، وكانت قديما طريقا للقوافل التجارية.

والسبب الذي دفع السكان الأوائل إلى استخدام الياجور عوضا عن الأحجار في البناء كان ناتجا عن قدرته العجيبة في مقاومة الحرارة العالية داخل تلك الأبنية بما يجعلها مناسبة للعيش بداخلها، قياسا بطقس المدينة الحار.

ولم يقتصر طابع البناء المعماري المطرز بأشكاله الجميلة، على المباني السكنية فقط، وإنما بنايات كانت يوما ما ممثليات قنصلية لدول أجنبية، انخرطت في تجارة البن اليمني ذي المذاق الرائج عالميا. 

ومن بين تلك المباني العتيقة، القنصلية الإيطالية، حيث ما تزال الزخارف الخشبية على واجهتها الأمامية تشير بشكل رمزي إلى المكانة التي كانت عليها المخا، عندما اكتسبت شهرتها العالمية، أثناء تصدير شحنات البن، واتساع شهرة هذا المشروب الشعبي عالميا.

وينظر "عادل حسين" بيأس إلى هيكل المبنى المكون من ثلاثة طوابق، والذي أصبح الآن على وشك الانهيار، قائلا: إننا على وشك فقدان إرث آخر كان يمثل رمزا لحقبة معينة في تاريخ هذه المدينة، ما لم يتم وضع خطط عاجلة لترميم المبنى تفاديا لحدوث ذلك.

ولا توجد أرقام معينة عن عدد المنازل المهدمة أو تلك المعرضة لخطر الانهيار، نظرا لغياب الإحصاء الحكومي والجهات المعنية بحفظ التراث في هذه المدينة التي كانت نافذة اليمن إلى العالم، وذلك بعد سنوات من انشغال اليمنيين بالحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي.

وفيما يتعلق بالمباني المتبقية فإنها ظلت مهجورة في السابق بعدما غادرها سكانها إلى وجهات أخرى للعمل في التجارة، وقد تسبب عدم الحفاظ عليها، بالسماح لمياه الأمطار في التسرب إلى الداخل، وتهدم أجزاء منها.

كما أن بعض الأسر النازحة التي فرت من بطش مليشيا الحوثي لجأت للسكن في تلك المنازل دون الاكتراث بمكانتها التاريخية كمعالم ينبغي الحفاظ عليها.

وخلال الأعوام الأخيرة طرأت ظاهرة جديدة تتمثل بقيام اللصوص بسرقة أخشاب تلك المنازل التي يصل عمر بنائها إلى أكثر من 500 عام، وهي من نوعية "الساج" المتينة التي كان يتم استيرادها من الهند لتغطية أسطح المباني العتيقة.

ومع بدء عمليات تحرير مدينة المخا من قبضة ذراع إيران عام 2017م، تعرضت المدينة لتدمير ممنهج من قبل المليشيا بعد طردها منها، حيث نفذت عمليات قصف عشوائي طالت أحياء المدينة المتفرقة بما فيها الحي القديم الذي تعرضت الكثير من الأبنية فيه للدمار والتهدم جراء القصف.