الحوالات المنسية وبنك "البيانات" بعدن.. سخرية من فشل أدوات الشرعية

تقارير - Monday 06 February 2023 الساعة 09:12 am
عدن، نيوزيمن، خاص:

لليوم السادس على التوالي، لا تزال قضية الحوالات المالية غير المستلمة حديث اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر كشوف لإحدى شبكات التحويلات تضم ما يزيد عن 64 ألف حوالة غير مستلمة بمبالغ تصل لمليارات الريالات.

الكشف عن هذه الحوالات التابعة لشبكة الامتياز جاء بعد نحو شهر من كشف الخبير في الأمن السيبراني المهندس أحمد العليمي عن سعي جماعة الحوثي لإلزام شبكات الحوالات المالية، بترحيل الحوالات المالية غير المستلمة لمدة شهر على إرسالها، إلى حساب خاص في البنك المركزي التابع للمليشيا في صنعاء.

العليمي كشف، حينها، عن أرقام مالية ضخمة لهذه الحوالات من شبكة واحدة وهي شبكة الامتياز التي تم نشر حوالاتها غير المستلمة مؤخراً، محذراً من وجود مبالغ ضخمة مع وجود نحو 20 شبكة للتحويلات المالية في اليمن تضم آلاف الحوالات غير المستلمة من قبل أصحابها.

ما كشفه العليمي، حينها، دفع باليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي عقب نشر كشوف شبكة الامتياز إلى مطالبة باقي شبكات التحويل وشركات الصرافة بالكشف عن الحوالات غير المستلمة لديها، والتي لجأ البعض منها إلى الإعلان بانها ستقوم بالتواصل مع أصحابها وإبلاغهم مع نشر أرقام هواتف للاستعلام عنها، وهو ما اعتبره رواد مواقع التواصل الاجتماعي بأنه تحايل وهروب من الإفصاح عن حجم الحوالات.

الجدل الذي أثاره الكشف عن هذه الحوالات غير المستلمة أو ما أطلق عليها اليمنيون تسمية "الحوالات المنسية"، أعاد التذكير بالغياب التام لدور البنك المركزي في عدن في التحكم بالسوق المالي والمصرفي في اليمن باعتباره البنك الشرعي والمعترف به عالمياً.

وهو ما تحدث عنه المحلل الاقتصادي وحيد الفودعي، في منشورات له على صفحته في "الفيسبوك"، حيث يرى بأنه من الطبيعي أن توجد حوالات خاملة أو غير مستلمة، لكن "من غير الطبيعي غياب دور البنك المركزي - عدن في الإشراف والرقابة عليها"، حسب قوله.

يضيف الفودعي بأنه لم يلمس أي دور للحكومة الشرعية ممثلة ببنكها المركزي في عدن المعترف به دوليا، والذي غاب عن مراقبة ومتابعة وعمل الحلول المناسبة للحوالات الخاملة، مؤكداً بأنها "واحدة من أهم واجباته ووظائفه في الرقابة والإشراف وحماية حقوق جمهور المتعاملين مع البنوك وشركات الصرافة".

الخطير في الأمر، كما يرى الفودعي، هو في استغلال البنوك وشبكات التحويلات المالية وشركات ومحال الصرافة هذه الأموال المقدرة بترليونات الريالات (مليارات الدولارات) لصالحها وصالح جماعة الحوثي الإرهابية. ويضيف: بل وتستعمل في المضاربة بالعملة والتربح غير المشروع وتمويل الإرهاب.

الصحفي الاقتصادي ماجد الداعري، يضيف من جانبه موضوع الحوالات المنسية، إلى ما يقول بأنها "مخالفات ترتكبها شبكات الصرافة باليمن وترتقي إلى مستوى جرائم مكتملة الأركان"، ويؤكد بأن البنك المركزي اليمني بعدن يبقى هو المسؤول الأول عن ذلك.

ووفق الداعري فإن شبكات الصرافة والتحويلات تواصل ما ترتكبه من مخالفات "بكل أريحية وأمان من غياب أي عقاب أو حملات تفتيش حكومي عليها، نتيجة الغياب التام لأي دور رقابي واشرافي من قبل إدارة البنك المركزي وقطاع الرقابة على البنوك بشكل خاص".

وإزاء هذا الانتقادات، اكتفت إدارة البنك بنشر بيان مقتضب، قالت فيه بأن موضوع الحوالات المالية غير المستلمة "قد تم تغطية هذا الأمر مبكراً من خلال ضوابط تنظيمية لعمل شبكات الحوالات"، مرفقة صورة لتعميم صادر عنها إلى شركات ومنشآت الصرافة أواخر 2019م حول ضوابط الترخيص لشبكات التحويل. 

إدارة البنك المركزي وعدت بإطلاق الشبكة الموحدة للحوالات خلال الفترة المقبلة، مؤكدة بأنه سيلي "ذلك تحويل كافة الحوالات غير المدفوعة لدى شبكات الحوالات، إلى الشبكة الموحدة وإيداع مقابلها من النقد إلى بنوك التسوية".

بيان البنك وبدلاً من أن يعمل على تهدئة الانتقادات الحادة ضد إدارته، ولد انتقادات أكثر حدية، حيث سخر السياسي اليمني سامي نعمان من قيام إدارة البنك بإصدار "بيانات تنظير عما ينبغي وما لا ينبغي... فيما السوق الخاضعة له تغرق بالفوضى والفساد ونهب أموال الناس وعدم صرف حوالاتهم"، حسب قوله.

نعمان أشار إلى مرور عامين منذ حديث إدارة البنك المركزي في عدن عن الشبكة الموحدة للحوالات، متسائلا عن مدى جدواها. وختم حديثه بالقول: بنك "ما ينبغي وما لا ينبغي" يتوجب عليه العمل على استقرار العملة بصرامة عند أعلى سقف، ولا نطلب المستحيل. أما سياسة "الدريهة" النقدية فهي سياسة هدامة للاقتصاد ومنعشة للسوق.