"الشفاء".. حكاية مستشفى في غزة أقدم من إسرائيل
العالم - Sunday 19 November 2023 الساعة 03:39 pmأعلنت منظمة الصحة العالمية الأحد، أن مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة أصبح "منطقة موت" بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي عليه وإجباره الجرحى والنازحين على إخلائه .
ويقع المستشفى على مفترق طرق في المنطقة الغربية الوسطى من مدينة غزة في القطاع، ويطل على شارعي عز الدين القسام والوحدة، حيث يركّز الجيش الإسرائيلي قصفه ومحاصرته لتلك المنطقة.
وتبلغ مساحة مجمع الشفاء الطبي 45 ألف مترا مربعا، ويتكون من عدة أبنية، بمسطح بناء قائم يبلغ 15 ألفاً و235 متراً مربعاً.
ومنذ بدأت الحرب الإسرائيلية البرية على قطاع غزة ، رسم الجيش الإسرائيلي طريقاً واضحة إلى مستشفى «الشفاء» وسط غزة، واعتبره الهدف الأهم في هذه المرحلة من الحرب، بذريعة أنه يمثل مركز قيادة حركة «حماس» وجناحها العسكري «كتائب القسام»، وهي اتهامات نفتها «حماس».
وقد تعرض مجمّع الشفاء الطبي، لحصار من قبل الجيش الإسرائيلي منذ أسابيع، كما تعرضت أجزاء منه لقصف إسرائيلي خلال الأيام الماضية.
ملجأ للنازحين
وبجانب دوره الطبي كان مجمع الشفاء الطبي يؤدي دوراً أساسياً في إيواء النازحين خلال الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ 42 يوماً، إذ نزح إليه أكثر من 40 ألف شخص، في بحثهم عن مكان آمن من الغارات التي استهدفت منازل ومناطق سكنية بأكملها.
وتكدس الآلاف من النازحين ومئات المرضى داخل أقسام المستشفى، وفي الممرات وغرف العناية المركزة، بسبب الأعداد الكبيرة التي توافدت نتيجة القصف الإسرائيلي المستمر للأحياء السكنية المحيطة.
ومع ذلك، حوّله الجيش الإسرائيلي إلى ساحة حرب، ومنع دخول وخروج أي شخص منه، إذ يتم استهداف كل ما يتحرك في محيطه.
وقد اقتحمت القوات الإسرائيلية، الأربعاء، المستشفى مدعومة بعشرات الدّبابات والآليات المدرعة وعشرات من عناصر الكوماندوز، مجمّع الشّفاء وشرعت بعملية تفتيش بالأقسام وتحقيق مع الأشخاص بداخلها.
حصار واقتحام
وعقب ذلك بيوم واحد، قال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة: إن مئات الجنود الإسرائيليين اقتحموا مستشفى الشفاء بالكامل من الداخل بعد ظهر الخميس، وحاصروا كافة المباني، ومنعوا خروج أي شخص من المجمع الطبي، وأطلقوا النار على الأقسام.
تكدس الجثث
وتكدست عشرات الجثامين في ساحة المستشفى، فضلاً عن الجرحى والمرضى، في ظل محاصرة الجيش الإسرائيلي له وعدم تمكن الأطقم الطبية والمواطنين من دفن الجثامين.
"أقدم من إسرائيل"
تأسّس مجمع الشفاء الطبي عام 1946، إذ أنشأه وقتها الانتداب البريطاني.
وبمرور الوقت، تطور وأصبح أكبر مجمع طبي، حيث يضم 3 مستشفيات متخصصة، ويعمل فيه 25% من العاملين في المستشفيات بقطاع غزة.
وكان المجمع الطبي في شكله الأولي يهدف إلى تقديم خدمات الرعاية الطبية للمرضى، وبعد انتهاء الانتداب البريطاني، أصبح تابعاً للإدارة المصرية حينها، وتوسّعت أقسام المجمع، وزاد عدد أسرّته. واستمر تحت الإدارة المصرية ما يقارب عقدين من الزمن.
وفي عام 1967، أصبح المستشفى تابعاً للجانب الإسرائيلي، بعد احتلال إسرائيل لقطاع غزة في أعقاب حرب يونيو من ذلك العام.
وتوسع المستشفى، وضم غرفاً أكثر للمرضى.
وكانت كل غرفة تتسع لـ3 مرضى كحد أقصى، غير أن هذا العدد كان محدوداً مقارنة مع حجم المنطقة التي يغطيها، إذ لم تكن معظم المستشفيات الحالية موجودة.
مع بدء الانتفاضة الأولى في ديسمبر عام 1987، ظهر دور المستشفى كنقطة مواجهة أساسية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حين دخله الطلاب الفلسطينيون لمواجهة الجنود الإسرائيليين للمرة الأولى في الانتفاضة، إذ اتخذه الجيش الإسرائيلي وقتها مركزاً للتجمع.
لاحقاً، حين وقّعت منظمة التحرير الفلسطينية "اتفاقية أوسلو" مع الجانب الإسرائيلي عام 1993، وأصبح المستشفى تابعاً لإدارة السلطة الفلسطينية، وتلقى وقتها دعماً دولياً للتطوير وإنشاء مبان جديدة وتوسيع الغرف، ليتحول إلى مجمع طبي يضم عدة مستشفيات متخصصة.
أكبر مجمع طبي في القطاع
ويقدم المستشفى الخدمات لسكان مدينة غزة، بالإضافة إلى استقبال حالات من مدن أخرى لا تتوفر فيها مستشفيات متخصصة، كونه أكبر مجمع طبي في القطاع.
ويضم المجمع 3 تخصصات، منها مستشفى النساء والتوليد، ويشمل قسم حضّانة الأطفال الخدج، ومستشفى الأمراض الباطنية، ومستشفى الجراحة.
كما يضم المجمع قسماً للطوارئ، ووحدة العناية المركزة، والأشعة، وبنك الدم، والتخطيط، بالإضافة إلى أقسام طبية مساندة، مثل الأشعة، ومختبر وبنك دم، والعلاج الطبيعي، وتخطيط السمع والأعصاب، فضلاً عن صيدلية ووحدة هندسة وصيانة الأجهزة الطبية.
ويوفر مجمع الشفاء الطبي عيادات تخصصية للمرضى، تشمل عيادات: الباطنية، والجراحة، والنساء والولادة، والأنف والأذن والحنجرة، وعلاج العظام، وأمراض الكلى، والمسالك البولية، وأمراض الروماتيزم، وأمراض السرطان.
وبلغ عدد العاملين في المجمع الطبي ما يقارب ربع عدد العاملين في جميع مستشفيات قطاع غزة. وبحسب التقديرات، يعمل فيه حوالي 1500 موظف، منهم ما يزيد على 500 طبيب، و760 ممرضاً، و32 صيدلانياً، إضافة إلى 200 موظف إداري.