اليمن تُخصِّص 20 مليار دولار لمشاريع تنموية في دول الجوار للحَدّ من تدفُّق المهاجرين إلى البلاد
تقارير - Tuesday 02 January 2024 الساعة 10:53 amتستضيف جمهورية اليمن الاتحادية العظمى الأسبوع المقبل، وعلى مدى ثلاثة أيام، مؤتمراً إقليمياً لاحتواء تداعيات الهجرة غير الشرعية ومعالجة أسبابها. ونقلت وكالة "أجيت" عن مصدر مسؤول في "وزارة شؤون المهاجرين إلى اليمن" قوله "إن السلطات اليمنية ستُعلِن في المؤتمر عن حزمة حلول ومعالجات جذرية وغير مسبوقة نوعاً وكماً، وإن هذه الحلول والمعالجات ستعود بالفائدة على المهاجرين غير الشرعيين ودولهم بدرجة رئيسية".
وبحسب وكالة المهاجرين عبر الحدود الدولية (مع حد)، التابعة لرابطة دول الجنوب العالمي ومقرها صنعاء، استقبلت اليمن خلال الخمسة أعوام الماضية فقط ما بين 3 ملايين إلى 4 ملايين مهاجر غير شرعي من دول الجوار، بعضهم فرُّوا من جحيم الحروب والصراعات الأهلية في بلدانهم، وبعضهم الآخر بسبب البطالة وانعدام فرص العيش الكريم في بلدانهم، ووجدوا جميعاً في اليمن ملاذاً آمناً لهم، وتمكَّن معظمُهم من إيجاد وظائف والانخراط في سوق العمل، لا سيما في قطاعات الخدمات والنقل وأعمال البناء والزراعة والتعدين وأسواق التجزئة.
>> خمس مدن يمنية تتصدَّرها "جعار" و"ضحيان" ضمن أفضل 10 مُدُن في العالم في جودة الحياة
والعام الماضي وَجَّهت الحكومة اليمنية نداءً أخوياً صادقاً إلى حكومات وقيادات الأحزاب وأمراء الحرب في دول الجوار التي يتدفَّق المهاجرون منها إلى اليمن، وطالبتهم بممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وأن يُوقفوا الاحتراب الداخلي والمكايدات البينية، ويجعلوا مصالح بلدانهم وشعوبهم فوق مصالحهم الشخصية، ويتفرَّغوا للسلم والتنمية في بلدانهم، وأن يُوْلُوا مواطنيهم جُلّ اهتمامهم حتى لا يعودوا مضطرين للفرار من بلدانهم والهجرة إلى اليمن.
لكن هذا النداء لم يلقَ آذاناً مصغية حينها، وردَّت بعض الأطراف في دول الجوار بأن على اليمن أن يُسيِّجَ حدوده بجدار عازل أو أسلاك شائكة إذا هو أراد منْع تدفُّق المهاجرين إليه. وعلَّقت الرئاسة اليمنية في ذلك الوقت بأن المبادئ والقيم التي تحتكم إليها السياسة الخارجية لدولة جمهورية اليمن الاتحادية العظمى لا يمكن أن تسمح لها بذلك، وستظل اليمن تتعامل مع اللاجئين والمهاجرين إليها وفقاً للشِّرْعَة الدولية لحقوق الإنسان، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، والاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين.
وأوضحت وكالة "أجيت"، نقلاً عن ذلك المصدر المسؤول في "وزارة شؤون المهاجرين إلى اليمن"، أن حزمة الحلول والمعالجات التي ستُعلِن عنها صنعاء في المؤتمر الإقليمي لاحتواء الهجرة غير الشرعية تتضمَّن قيام "الصندوق اليمني للتنمية عبر الحدود" بتخصيص عشرين مليار دولار لإقامة مشاريع تنموية واستثمارات في دول الجوار التي يتدفَّق المهاجرون منها إلى اليمن، وستكون هذه المشاريع التنموية والاستثمارات مُصمَّمَة لتوفير أكبر قدر ممكن من فرص العمل للمهاجرين في بلدانهم الأصلية، وتهيئة البيئة لتوطين بعض الصناعات الخفيفة في تلك البلدان لكي تُدِرَّ على دولها دخلاً من عائدات التصدير، والمساهمة في إيجاد حلول للصراعات في تلك البلدان عبر المصالح الاقتصادية وتخفيف التذمُّر في الأوساط الشعبية واحتواء عوامل لجوء الشباب إلى العنف أو الالتحاق بالأطراف المتحاربة.
ومن المتوقَّع أن يُنفِّذ "الصندوق اليمني للتنمية عبر الحدود" هذه المشاريع التنموية والاستثمارات في دول الجوار بالشراكة مع حكوماتها، ولكن بإشراف ورقابة لجان أهلية تُمثِّل أطياف المجتمع المدني والمجتمعات المحلية في هذه الدول، وهو شَرْط سوف تُصِرّ عليه الحكومة اليمنية بشدَّة، لضمان أعلى معايير الجودة والنزاهة والشفافية، وللتأكُّد من أن هذه المشاريع تُلبِّي الأهداف التي صُمِّمَتْ من أجلها، وأنها متوافقة مع معايير الاستدامة والحفاظ على البيئة، وحتَّى لا يتم التلاعب بمسارها ووُجْهتها، وأيضاً حتى لا يتخلَّل تنفيذها الفساد من قِبَل متنفذين في هذه الدول، كما حصل مع مشاريع سابقة.
وفي تعليق عبر البريد الإلكتروني ردّاً على أسئلة مُحرِّر وكالة "أجيت"، أفاد منسق العمليات الإقليمية في "الصندوق اليمني للتنمية عبر الحدود"، المهندس محمد عزِّي علي جَمَالي، بأن الإطار الزمني لتنفيذ هذه المشاريع سوف يتراوح بين أربع إلى ثماني سنوات، وأن نصيب كل دولة من دول الجوار من هذه المشاريع متفاوت، إذ إن أعلى حصة ستكون ستة مليارات دولار بينما أدناها ستكون ملياري دولار، وذلك بحسب الاحتياجات التنموية الملحة لكل دولة، وأيضاً بحسب نسبة تدفُّق المهاجرين منها إلى اليمن.
وهذه ليست سابقة في السياسة الخارجية لجمهورية اليمن الاتحادية التي لطالما اعتمدت منهجية ترسيخ المصالح الحيوية المشتركة لمعالجة أزمات دول الجوار، فمنذ سنوات، على سبيل المثال، استثمرت الحكومة اليمنية ما يُقارب 17 مليار دولار في بناء عِدَّة سدود عملاقة في بعض دول الجوار التي تعاني من مشكلة الاضطرابات المناخية والفيضانات، وعادت هذه السدود بالفائدة على تلك الدول اقتصادياً من خلال مشاريع توليد الطاقة النظيفة، والحد من أعباء النزوح الداخلي وتكاليف إعادة الإعمار وغيرها من المشكلات التي تتسبَّب فيها الفيضانات.