صراخ العالم من الحوثي.. نتيجة حتمية لمنع المجتمع الدولي نهاية الحرب اليمنية

تقارير - Monday 22 January 2024 الساعة 10:13 am
عدن، نيوزيمن:

كشف وزير الخارجية اليمني الأسبق خالد اليماني، ما يمكن وصفه بكواليس وقف المجتمع الدولي وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا جهدا كان سيضع نهاية للحرب اليمنية.

اليماني تحدث في مقال نشرته جريدة اندبندنت بالعربي عن أسباب المستجدات التي تشهدها منطقة البحر الأحمر -حاليا- في ظل الهجمات التي تشنها الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران على السفن التجارية المارة في المياه الدولية.

وقال اليماني في مقاله بعنوان "عربدة إيرانية- حوثية في البحر الأحمر": من خلال مراقبة القدرات العسكرية البحرية الحوثية التصاعدية يتضح يوماً عن يوم تلك الحقيقة التي ظلت ترددها القيادة اليمنية منذ أكثر من عقد حول أن إيران ليست في حاجة إلى القدرات النووية أكثر من تطلعها لإحكام السيطرة على مضيقي هرمز وباب المندب.

وأشار إلى أنه مع مرور السنين تحقق العالم من أن قدرات نظام الملالي على إحكام السيطرة على مضيق هرمز باتت واقعاً يحول دونه الوجود العسكري الأميركي القوي في المنطقة، مضيفا إنه في المقلب الآخر فإن السيطرة الإيرانية على باب المندب هي عملية تجري على قدم وساق، وهي قيد التطور والتقدم بحسب خطة النفس الطويل المتدرجة للتوسعية الإيرانية.

ولفت اليماني إلى التحذيرات التي أطلقتها الحكومة اليمنية ولم يكن العالم ليعبأ لها، واستدرك: "بل كانت أميركا والدول الصديقة الأخرى تقلل من أهمية الخطر الإيراني، وتسقط في فخ السردية الإيرانية المنتشرة في العالم عبر لوبياتها الفاعلة في العواصم الغربية الكبرى من أن إيران لا ترتبط بعلاقة رحمية مع هذه الميليشيات، بل إنها تتعاطف معها من زاوية حقوق مطلبية مشروعة تنادي بها، ومن هنا كانت الرسائل التي تطلقها العواصم الغربية متناقضة ومتضاربة حيال سرطان التوسعية الإيرانية".

وأضاف: "وحينما تحركت السعودية لحماية مصالحها الاستراتيجية وأمنها القومي، كان الموقف الغربي على القدر ذاته من التناقض، وممارسة الضغوط لإيقاف الحرب، ومع اقتراب لحظة الحسم في الحرب اليمنية، وبينما كانت القوات المشتركة على مشارف تحرير الحديدة، تزايدت الضغوط من الأصدقاء، وتعالى الصراخ في الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان حول مأساة إنسانية وشيكة، وموت محدق بالملايين جراء المجاعة باعتبار الحديدة شرياناً حيوياً للعون الإنساني".

وأكد اليماني الذي كان وزيرا لخارجية الشرعية خلال توقيع اتفاق ستوكهولم المشؤوم في ديسمبر 2018، أن الأصدقاء قبل الأعداء مارسوا الضغوط لوقف جهد كان سيضع نهاية للحرب اليمنية، وبقيت الحديدة جوهرة بيد المشروع التوسعي الإيراني وتحت سيطرة عملائها، وهي اليوم شريان لوجيستي ومنفذ حر لحركة قيادات الحرس الثوري وقيادات "حزب الله" من وإلى اليمن.

ونتائج ذلك -كما يرى اليماني- أن المجتمع الدولي اليوم يصرخ جراء الاعتداءات الحوثية المتكررة على الملاحة الدولية، وما يترتب عنها من تعطيل التجارة الدولية ورفع أسعارها على مستوى العالم بأكثر من 30 في المئة نتيجة كلفة الشحن والنقل عبر رأس الرجاء الصالح.

وأشار إلى أنه لم يلتفت أحد من المدافعين عن العمل الإنساني إلى أن الحديدة توقف العمل الإنساني فيها، ولا من يتحدث عن المجاعة وموت الملايين.

واضاف: "أقولها بصراحة لو لم تكن حرب إسرائيل المجرمة ضد المدنيين في غزة عذراً للحوثيين، لكانوا هم وسادتهم في إيران قد اخترعوا سبباً آخر لقرصنتهم للملاحة الدولية، وإحكام إغلاق الممر المائي إلا لمن يريدون له المرور، وربما فرض جبايات، أمام صمت العالم".

وأكد أنه فيما يحدد خبراء الحرس الثوري و"حزب الله" قائمة الاستهداف ويوجهون الصواريخ والمسيرات باتجاه السفن التي لا يرغبون بمرورها في الممر المائي الحيوي، فيما سفن دول بعينها تمر بأمان تام، يفاخر الحوثي بأنه يقاتل أميركا وبقية أساطيل القوى المتحالفة ضمن "حراس الازدهار" لأنها دخيلة على المنطقة، ويصرون على أنهم لا يعوقون حركة الملاحة الدولية، وأن عملياتهم لضرب مصالح دول العدوان ستتواصل في دعوة مفتوحة لجر أميركا إلى المزيد من التورط في المستنقع اليمني. 

وتطرق اليماني إلى تصنيف الولايات المتحدة لميليشيا كجماعة إرهابية، وأوضح أنه هذه المرة تم إدراجهم وفق الأمر التنفيذي 13224 كإرهابيين عالميين مصنفين بصفة خاصة SDGTs، وتم تصنيف "أنصار الله" لارتكابهم، أو محاولة ارتكابهم، أو احتمالات خطر ارتكابهم، أو مشاركتهم في التدريب على ارتكاب أعمال إرهابية تهدد أمن مواطني الولايات المتحدة، أو الأمن القومي، أو السياسة الخارجية، أو اقتصاد الولايات المتحدة.

وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب قد وضع الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، وهو تصنيف آخر ضمن تصنيفات القانون الأميركي قبل أيام من مغادرته للبيت الأبيض. وبعد أيام من وصوله إلى البيت الأبيض أقدم جو بايدن على رفع الحوثيين من قوائم الإرهاب، وها هي إدارته تعيدهم إليها.

وأكد أنه لفترة طويلة وقعت الإدارات الأميركية في فخ اللوبي الإيراني الناشط، مما أربك قرارات الإدارات المتعاقبة على تبين خطر التوسعية الإيرانية على مصالح أميركا وحلفائها في الشرق الأوسط.

وتحدث اليماني عن أخطاء إدارتي الرئيسين الأمريكيين دونالد ترامب وباراك أوباما في التعامل مع الحوثي، وأكد أن إدارة ترمب أخطأت في رفضها دعم تنفيذ الجهد العسكري للقوات اليمنية المشتركة بقيادة تحالف دعم الشرعية لاستعادة مدينة الحديدة الساحلية وموانئها، وإبعاد الخطر الإيراني عن الممر الملاحي الدولي، وهو القرار السيئ الذي مكن الحوثي.

وأضاف: "كما كانت سياسات الرئيس أوباما غزلاً واضحاً مع طهران، وصل حد التعاون معها وصياغة الاتفاق النووي الذي أطلق يد التوسعية الإيرانية في المنطقة، والجميع يتذكر تصريحات أوباما نهاية 2014، والتي مفادها أنه سيكون في مصلحة الجميع أن تصبح إيران قوة إقليمية ناجحة".

وفي الموضوع اليمني، أوضح اليماني أن إدارة أوباما كانت تنظر إلى اليمن من زاوية مكافحة الإرهاب، ولم تقدم إدارته أي دعم لجهود الحكومة اليمنية لمكافحة التمرد الحوثي حتى تفشى وصولاً إلى احتلال العاصمة اليمنية أواخر 2014.

وقال: "اليوم وصلت أميركا إلى لحظة الحقيقة، ولم يعد بوسعها التقليل من شأن الخطر الإيراني- الحوثي المزعزع للاستقرار الإقليمي والدولي عبر تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر. وحينما كررت الحكومة اليمنية على مسامع شركائها في المجتمع الدولي أن الحوثي لا يخفي هويته وأهدافه، وتحديداً في بداية شعاره العقائدي "الموت لأميركا" كانت أميركا ومراكز أبحاثها الواقعة تحت تأثير لوبيات إيران، تصر على أنه شعار للاستخدام الداخلي الدعائي للجماعة الحوثية التي لا يمكنها أن تهدد مصالح أميركا ولا أمنها القومي، وها هي اليوم تفعل ذلك، وتهدد بمزيد ما لم تردع".

وأضاف: "عندما اندلعت الحرب اليمنية في 2015 لم يكن الحوثي يمتلك أي خبرة بحرية، كما أن ترسانة الجيش اليمني التي استولى عليها الحوثي كانت تشمل على صواريخ سوفياتية مضادة للسفن وأخرى صينية أحدث منها بعض الشيء، إلا أنها جميعها كانت متقادمة، واستخدمت للعروض العسكرية الحوثية بعد إعادة تسميتها بأسماء حوثية براقة".

وبين أنه خلال سنوات الحرب وبعد تقييم جنرالات الحرس الثوري للوضع تقاطرت عبر التهريب الآلاف من مكونات الصواريخ والمسيرات بالتعاون مع أمراء الحرب وتجارها أو عبر موانئ الحديدة، وقد استخدمت تلك القدرات في مهاجمة بعض سفن التحالف والسفن الأميركية، مما دفع أميركا في 2016 لتوجيه ضربة للحوثيين.

واليوم بحسب اليماني، بات لدى الحوثي صواريخ كروز مضادة للسفن من طراز "القدس"، و"فتح 313"، و"زهير"، ومسيرات من طراز "غدير" وغيرها، والتي يعيد الحوثي تسميتها لإيهام الذات بأنه صانعها، كما تم بإشراف الخبراء من "الحرس الثوري" و"حزب الله" تطوير مجموعة صواريخ أرض- جو المتقادمة، من مخزونات الجيش اليمني، عبر إدخال مكونات إيرانية، وخلال الأسبوع الماضي كشفت البحرية الأميركية المزيد من مكونات الصواريخ البحرية والمسيرات إيرانية الصنع التي تصل للحوثيين عبر الحديدة.

ويشير إلى عمليات عرض العضلات الإيرانية خلال الأيام الماضية عبر قصف مواقع في دول ذات سيادة مثل: العراق وسوريا وباكستان، وتمكين وتفعيل الجهد الحوثي في البحر الأحمر، وحركة عملائها الدؤوبة في العراق ولبنان تدلل أنها تجر أميركا لمواجهة أوسع في المنطقة.

ويرى اليماني أن استمرار حرب إسرائيل الغاشمة ضد الفلسطينيين في غزة يصب في مصلحة التصعيد، وأن جناحي التطرف الإيراني والإسرائيلي يشكلان ورطة حقيقية لأميركا، وأن المدخل لاستعادة دور أميركا الإقليمي يكمن في التعجيل بوقف حرب غزة، وفرض حل الدولتين، وهذه التوجهات الملحة تستوعبها واشنطن ضمن رؤيتها للحل، لكنها لا تكفي، لأن ترك إيران وعملائها من دون احتواء حقيقي، سيجعل حروبها التوسعية المقبلة أكثر كلفة ودموية.