أبعاد التسلق الحوثي على فلسطين للوصول إلى عضوية في المجتمع الدولي
تقارير - Sunday 11 February 2024 الساعة 10:10 pmفي الوقت الذي ما زال فيه الحوثيون يروجون لموقفهم مع المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل بأنه نابع من "منطلق ديني وأخلاقي وإنساني" صرف، تكشف بعض تصريحاتهم عن أهدافهم الحقيقية والمكاسب التي يسعون إلى تحقيقها عبر التمسك بهذا الموقف.
منذ بداية هجماتهم ضد السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر وخليج عدن، حفلت خطابات زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي وقيادات أخرى فيها، بالكثير من الكلمات والجُمل التي التقطها المحللون والمراقبون على المستوى المحلي والدولي ومنها ما يتعلق بسعيهم للحصول على اعتراف إقليمي ودولي بهم كقوة فاعلة في المنطقة.
خدمة هيمنة إيران في المنطقة
ظلت هذه المساعي الحوثية المتخفية تتسلق عبر القضية الفلسطينية، وبعد أكثر من ثلاثة أشهر من بدء هجماتهم ضد السفن المرتبطة بإسرائيل وإطلاقهم للصواريخ والمسيرات باتجاه جنوب إسرائيل، أضفى الناطق السياسي باسم الجماعة محمد عبدالسلام، طابعا منفعياً على هذه الهجمات بأنها لمنع "هيمنة إسرائيل" على البحر الأحمر أو إضعاف المقاومة الفلسطينية. وبدون أن يوضح العلاقة بين هيمنة إسرائيل على المياه البحرية اليمنية وبين قضائها أو إضعافها للمقاومة الفلسطينية، قال إن ذلك يؤثر "علينا في اليمن"، فيما جاء ترتيب "المنطلق الديني والأخلاقي والإنساني" في آخر دوافع موقفهم مع القضية الفلسطينية.
إشارة القيادي الحوثي إلى "هيمنة إسرائيل" في البحر الأحمر تذكّر بتصريح وزير الدفاع الإيراني أواخر العام الماضي بأن منطقة البحر الأحمر منطقة نفوذ إيراني، وبالتالي فإن الهدف من منع الهيمنة الإسرائيلية أو الأمريكية أو البريطانية على هذا الممر البحري ذي الأهمية العالية دوليا، هو هدف إيراني بالدرجة الأولى. ولأن الحوثيين لا يستطيعون الخروج من العباءة الإيرانية، يستمرون في خدمة هدفها هذا مقابل استمرار دعم إيران لهم بالسلاح والموقف السياسي إقليميا ودوليا، مع تركيزهم على هدفهم المتمثل بالحصول على اعتراف إقليمي ودولي بهم. وما دام العدوان الإسرائيلي مستمرا على قطاع غزة، فلن يجد الحوثيون أفضل من هذا الغطاء الأخلاقي والإنساني والسياسي أيضا، للمطالبة بهذا الاعتراف بكل الطرق الضمنية والصريحة.
ففي آخر خطاباته التي أصبح يلقيها كل خميس لتحشيد المتظاهرين والمقاتلين إلى ميدان السبعين كل جمعة، حاول زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، الخميس الماضي، استمالة بلدان العالم، خاصة تلك المتعاطفة والمتضامنة مع فلسطين، قائلاً إنه ليس هناك أي بلد آخر مستهدف بهجمات جماعته على الملاحة الدولية. وطلب الحوثي صراحة من "كل الدول" أن تقوم "بمزيد من التنسيق" مع جماعته لكي "تطمئن أكثر وأكثر في حركتها التجارية"، وهو ما يعتبر أكثر المؤشرات وضوحاً على هدف الجماعة المتمثل في الحصول على عضوية سهلة في المجتمع الدولي.
عبدالملك الحوثي تحدث أيضا في ذلك الخطاب عن دور الأذرع الإيرانية الأخرى في خدمة هدف طهران بفرض هيمنتها على البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، وقال صراحة: "مسارنا أصلاً هو التصعيد"، وهي إشارة إلى الدور المنوط بالحوثيين ضمن مهام تقاسم الأدوار بين أذرع إيران في المنطقة.
مفهوم الحوثي للتأثير السلبي للتصعيد
وبينما يتحدث قادة العالم والإقليم عن التأثير السلبي لتصعيد الحوثيين هجماتهم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، على اقتصاد اليمن والمنطقة والعالم ككل، أبدى عبدالملك الحوثي لا مبالاة شديدة تجاه التأثير السلبي لتصعيد جماعته على اليمن، معتقداً أن هذا التأثير ينحصر فقط على إسرائيل وأمريكا وبريطانيا. وأكثر من ذلك، اعتبر أن تأثير هذا التصعيد إيجابي بالنسبة لهم "في تطوير القدرات العسكرية بوتيرة متسارعة، وعلى نحوٍ متميز". على حد تعبيره.