حرب الحوثي الاقتصادية وأكذوبة الكتلة السكانية.. من العملة للموانئ

تقارير - Sunday 07 April 2024 الساعة 12:53 am
المخا، نيوزيمن، تحليل خاص:

على هامش الإجراءات والخطوات التي يقوم بها البنك المركزي اليمني في عدن مؤخراً بوجه الإجراءات التعسفية التي تمارسها جماعة الحوثية في ملف الاقتصاد، ينصب اهتمام المواطنين بالمناطق المحررة على ملامسة تأثيرها في تحسين قيمة العملة المحلية أمام العملات الصعبة.

ويأمل المواطنون في المناطق المحررة من خطوات البنك لاستعادة دوره السيادي بالرقابة والإشراف على القطاع المصرفي في وضع حد لانهيار العملة المحلية والمستمر منذ قيام مليشيات الحوثي أواخر عام 2019م بمنع تداول العملة المطبوعة من قبل البنك المركزي بعدن، وفشل البنك وحكومة الشرعية في وقف ذلك.

>> لماذا أثارت قرارات البنك المركزي بعدن جنون ذراع إيران؟

فشلٌ يبرره محافظ البنك المركزي أحمد غالب المعبقي في حوار اجراءه الخميس، مع قناة "الحدث" بأنه نتاج لقرار مليشيات الحوثي بمنع تداول العملة الجديدة، وقال بأن ذلك أخرج 70% من الاقتصاد الوطني من تغطية هذه العملة التي باتت تغطي الـ30% المتبقية.

ويبلغ سعر صرف الدولار الأمريكي حالياً في المناطق المحررة 1660 ريالاً، مقابل 530 ريالاً في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي، وهو سعر ثابت منذ سنوات، إلا أن محافظ البنك أكد في حواره بأنه سعر صرف وهمي، مستدلاً بأن أسعار السلع في مناطق سيطرة المليشيا أعلى بنحو 20 -30% عن سعرها بالمناطق المحررة.

اللافت في حديث محافظ البنك كان تبريره أيضاً لخضوع التجار ورجال الأعمال لابتزاز مليشيا الحوثي وإجبارهم على تحويل عمليات الاستيراد من الموانئ المحررة إلى موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرتها، بأنه يعود إلى سيطرة المليشيا على 70% من حركة الاقتصاد والكتلة السكانية في اليمن.

أرقام ونسب يُعيد مسئولون وقيادات في الشرعية تكرارها خلال السنوات الأخيرة، على الرغم من عدم دقتها واعتمادها على بيانات قديمة لآخر تعداد سكاني شهدته اليمن عام 2004م، ويتجاهل حقيقة النزوح الكبير الذي شهدته مناطق سيطرة المليشيا إلى خارج اليمن ونحو المحافظات المحررة إما هرباً من بطش المليشيا أو بحثاً عن فرص العمل والخدمات.

وهو ما أكده تقرير رسمي صادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي في الحكومة الشرعية عام 2021م أكد فيه أن تركيز السكان في المحافظات المحررة بات حالياً يفوق المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثي.

التقرير الذي أشار إلى أن إجمالي سكان اليمن بلغ 30 مليون نسمة وفق الإسقاط السكاني لعام 2020م، كشف أن إجمالي السكان الأصل والنازحين بالمحافظات المحررة يبلغ 14.4 مليون نسمة ما نسبته 48% من إجمالي السكان، مقابل 14.1 مليون نسمة بمناطق سيطرة المليشيا وما نسبته 46% من إجمالي عدد السكان، في حين بلغ عدد النازحين واللاجئين خارج اليمن ما نسبته 6%، بـ1,8 مليون نسمة.

وذات الأمر ينطبق على تبرير فشل الشرعية في ضبط سعر العملة الجديدة أمام العملات الصعبة إلى تكدسها بالمناطق المحررة جراء قرار المليشيا بمنع تداولها في مناطقها، حيث يغفل هذا التبرير الحقائق التي تؤكدها التقارير الاقتصادية وآراء الخبراء والمحللين بأن أسبابا أخرى تقف خلف الأمر.

وعلى رأس هذه الأسباب هو ما تتعرض له العملات الصعبة بالمناطق المحررة من عمليات مضاربة بسبب غياب دور البنك المركزي وبقاء مراكز أكبر البنوك التجارية وشركات الصرافة وشبكات التحويل في صنعاء وتمكن مليشيا الحوثي من سحب كميات كبيرة منها وتغطية عمليات الاستيراد لمناطق سيطرتها التي تغيب عنها عمليات الطلب على العملة الصعبة.

وهو ما تؤكده الأرقام الواردة في التقارير الشهرية والسنوية الصادرة عن البنك المركزي في عدن حول التطورات النقدية والمالية في اليمن، والتي تكشف أن معدل انهيار العملة المحلية بالمناطق المحررة لا يتناسب مع معدل التغيير في الكتلة النقدية المتداولة في السوق.

فبحسب التقارير السنوية للبنك فإن حجم العملة المصدرة من البنك للسوق ارتفع من 1893 مليار ريال عام 2017م (وهي السنة التي تم فيها طباعة العملة الجديدة) إلى 3830 مليارا أواخر 2023م وبنسبة زيادة بنحو 100%، في حين تصاعد المتوسط السنوي لسعر صرف العملة المحلية من 369 ريالاً عام 2017م إلى 1378 أواخر 2023م، وبنسبة 300%.

وما يعزز حقيقة عدم دقة أسعار الصرف حالياً في المناطق المحررة هو ما تشهده العملة المحلية من صعود مفاجئ أمام العملات الصعبة متأثرة بوجود متغيرات في الوضع السياسي كما يحدث مع أي تغيير تشهده الحكومة أو مع الأنباء عن وصول منحات مالية من دول التحالف، ما يؤكد أهمية استعادة دور البنك المركزي لسلطته الرقابية في ضبط السوق المصرفي بالمناطق المحررة.