محمد العلائي

محمد العلائي

تابعنى على

"بنو العباس" ودعوى الفضل بالنَّسَب

Saturday 18 February 2023 الساعة 07:09 pm

ما كان لقرابة بني العباس من النبي أن تستحيل إلى مُلك ودولة لو لم ينخرطوا في نشاط منظم انتهى بالإطاحة بدولة الأمويين والحلول محلها. 

وبذلك فقط يصبح لدعوى الفضل بالنَّسَب قيمة سياسية ثانوية لتبرير وشرعنة ما تم تحصيله بالنضال والعمل.

وبما أن دعوى قرابة العباسيين من النبي كانت مهيأة للدخول في منافسة وصدام مع دعوى قرابة العلويين من النبي، وبما أن بعض هؤلاء كانوا قد انضووا مع العباسيين منذ البداية وأسهموا في جذب الأنصار وتعبئتهم ضد بني أمية تحت لافتة "الدعوة للرضا من آل محمد"، فإن نجاح بني العباس الفعلي، وتحولهم من الثورة إلى الدولة، كان كفيلاً بترجيح موقفهم على موقف حزب العلويين، ومساعدتهم على التنصّل من وعود قيل إنهم قطعوها بتسليم الأمر لرجل من أبناء علي.

وبإضافة النجاح المادي إلى ميزة القرابة من النبي، [فالعباس عم النبي بينما علي ابن عم النبي]، صارت الغلبة بلا شك من نصيب بني العباس الذين دعَّموا خطابهم -من موقع السلطة- بالشواهد التاريخية على فشل ثورات بني عمومتهم العلويين وشيعتهم.

وهذا تماماً ما قاله أبو جعفر المنصور في خطبته إلى أهل خراسان والتي نقلها الطبري في تاريخه (الجزء الرابع)، وما قاله في رسالته إلى الداعي العلوي محمد (النفس الزكية) بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

وفيما تسلح العلويون وأنصارهم بشعار "الوصية" ودعوى النص بولاية علي وذريته، اكتفى العباسيون فقط بالتأكيد على أنهم هاشميون من نسل عم النبي، إذ لم يتنازلوا عن التذكير بهذه القرابة كعنصر مهم من العناصر التي يبرهنون بها في ذلك الوقت على أفضليتهم.

غير أن نجاحهم في فرض سلطانهم كأمر واقع، بمساندة حاسمة من الخرسانيين -هذا النجاح بالذات كان أقوى وأمضى من كل حجة أو برهان مجرد، وكان يعوضهم أحسن تعويض عن القول بالوصية والنص، وهو القول الذي ما أفاد العلويين وشيعتهم في شيء، فقد كان "خارجهم مقتول وقائمهم مخذول"، وهي عبارة نُسبت فيما بعد إلى محمد بن علي الهاشمي العباسي مؤسس الدعوة العباسية.

ذلك أن الدول -لا سيما في بداياتها- حركات ووقائع مادية دنيوية لا حجج ودعاوى نصّية بالأفضلية الأخلاقية والاستحقاق.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك