غابرييل مونويرا فينيالس

غابرييل مونويرا فينيالس

أوروبا ودعم جهود السلام في اليمن

Tuesday 09 May 2023 الساعة 03:54 pm

اليوم وبعد 73 عاما، تمر قارتنا (أوروبا) بفترة حرجة في تاريخها، والحرب تستعر في أوكرانيا.

 رأينا كيف يمكن للسلام والأمن في أوروبا أن يصبحا هشين وكيف يجب أن نعمل من أجل الحفاظ عليهما وتعزيزهما والدفاع عنهما.

 لقد غيرت الحرب أوروبا، وبالرغم من كل الأهوال، أنا على يقين بأننا سنخرج من الحرب أقوى وأكثر اتحادا.

وبالرغم من الحرب في أوكرانيا وتفاقم التحديات الاقتصادية، ظل الاتحاد الأوروبي وسيظل نشطا وفاعلا في اليمن. 

إن اندلاع نزاعات جديدة وظهور بؤر توتر جديدة حول العالم لم يُحوِّل انتباه الاتحاد الأوروبي عن اليمن.

 بينما زادت وتيرة النزاعات في أماكن أخرى، شهد اليمن تطورات هامة وإيجابية على مدى الاثني عشر شهرا الماضية.

دخل اليمن فصلا جديدا غير مسبوق حافلا بالأمل منذ اندلاع الصراع. 

حيث أفضت الهدنة التي توسط فيها المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانس غروندبرغ إلى مرحلة من الهدوء النسبي، شهدها اليمن وكانت الأطول خلال الثمان سنوات الماضية من الحرب.

إن الهدنة، رغم أنها لم تتجدد في أكتوبر الماضي، أبقت على حالة من الاستقرار النسبي مع انخفاض كبير في الأعمال العدائية في مختلف أنحاء البلاد. 

ما زال يمنيون كثر يستيفدون من الرحلات الجوية بين صنعاء وعمان، ومن دخول شحنات أكثر الى موانئ الحديدة.

ورغم أن الطريق لا يزال طويلا، فإننا نلمس إرادة سياسية لطي صفحة الصراع في اليمن. 

تابعنا جميعا ورحبنا بالجهود خصوصا تلك المبذولة من المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان في الأشهر الأخيرة، ونأمل أن تؤدي تلك الجهود إلى مخرجات واعدة قريبا. 

وبالنسبة للاتحاد الأوروبي يعد وجود عملية سياسية شاملة وجامعة أمرا في غاية الأهمية، إذ نؤمن بأن مثل تلك العملية فقط يمكن أن تفضي إلى السلام المستدام في اليمن.

كان الاتحاد الأوروبي نشطا على وجه الخصوص في ثلاثة محاور استراتيجية تؤكد أهمية عمل الاتحاد الأوروبي في اليمن:

أولا، في الجانب السياسي: 

دعمنا بشكل فاعل جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة لإحلال السلام الدائم في اليمن. 

قمنا مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بما لا يقل عن خمس زيارات إلى عدن، بالإضافة إلى الزيارات العديدة التي يقوم بها زملاؤنا من قسم التعاون ودائرة المساعدات الإنسانية (الإيكو) إلى صنعاء وأماكن أخرى في البلاد.

تُوِّجت النقاشات المنتظمة التي نجريها مع مجلس القيادة الرئاسي بزيارة فخامة الرئيس رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، إلى بروكسل في فبراير الماضي، حيث التقى برئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل والممثل الأعلى جوزيب بويل والعديد من كبار المسئولين في الاتحاد الأوروبي.

 أسهمت تلك المباحثات في تعزيز الشراكة والعلاقات الثنائية مع الحكومة اليمنية.

ثانيا، الجانب الإنساني: رغم بعض التحسن والانخفاض في العنف، تتبقى احتياجات إنسانية ضخمة. من المهم بمكان الحفاظ على الدعم الإنساني لضمان تحقيق المكاسب بدلا عن ضياعها. 

يظل الاتحاد الأوروبي دائما شريكا موثوقا لليمن في القضايا الإنسانية. 

في هذا السياق، كان الاتحاد الأوروبي المساهم الأكبر أثناء الفعالية رفيعة المستوى لإعلان التعهدات (مؤتمر المانحين) التي نظمت في جنيف في فبراير الماضي حيث أعلن الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء عن أكبر التعهدات في تلك الفعالية والتي بلغت إجمالا 500 مليون دولار أمريكي.

والجانب الأخير هو التعاون التنموي: اشعر بالفخر عندما أشير بأننا كنا نشطين في هذا الجانب خاصة على مدى العام المنصرم وكنا أحد كبار المانحين التنمويين لليمن، مع التركيز على بناء الصمود المعيشي ودعم الاقتصاد وتعزيز السلام والأمن وحقوق الإنسان. 

وإلى جانب علاقاتنا الجيدة مع السلطات اليمنية، يعد عملنا مع المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية ودعمنا لها ذو أهمية جوهرية، إذ سيكونون فاعلين أساسيين في سلام الغد.

يدعم عملنا المتضافر في هذه المجالات الثلاثة هدفا مشتركا بسيطا ألا وهو: السلام الدائم في اليمن، لجميع اليمنيين.

ومن الواضح أن "جميع اليمنيين" هو لفظ يشمل نصف السكان الذين يتم إقصاؤه حاليا من جهود السلام: أي جميع النساء اليمنيات. 

فإلى جانب مشاركتهن السياسية المحدودة، أشعر بقلق عميق إزاء القيود التي يتم فرضها على حرية تنقل النساء في أجزاء من البلاد، خاصة في الشمال.

 يقوض ذلك من قدرة النساء اليمنيات على العمل والحصول على الاستقلالية المالية والمشاركة في المجتمع والمساهمة في تقديم الخدمات الإنسانية الأساسية والاجتماعية.

ولهؤلاء النساء أود أن أعبر لهن عن دعمي.

 إن اقصاء النساء من السياسة والمجتمع، إلى جانب انتهاك حقوقهن المدنية والسياسية والإنسانية، سيُضر بإمكانيات السلام المستدام والازدهار والتنمية في اليمن. 

لا يمكن لأي بلد أن يزدهر اذا كان نصف سكانه مقصيا، واليمن ليس استثناءً.

وللشباب اليمني الذين هم أيضا مقصيون من صنع القرار حول مستقبل بلدهم والذين يُحرمون من طفولتهم وشبابهم بسبب الحرب، أريد أن أذكركم بأنكم أنتم يمن الغد وشريان حياة الأمة.

* سفير الاتحاد الأوروبي لدى اليمن - من كلمته في حفل استقبال أقيم بعمان بمناسبة يوم أوروبا