أحمد سيف حاشد

أحمد سيف حاشد

تابعنى على

فوضى سلطة صنعاء.. نحو الاستبداد وتكريس الانفصال..!!

Monday 05 June 2023 الساعة 09:59 am

سلطة صنعاء تمارس مزيدا من فوضى القوانين التي تصدرها، وتوغل في ممارسة الانفصال في الواقع على نحو غير مسبوق، متفوقة في هذا الجانب على أشد خصومها انفصالية، وتتجه هرولة في طريق تحث على مزيد من الاستبداد، حتى باتت وكرا لكل ما سبق ذكره، ومن دون منافس أو منازع.

*    *   *

نحو الاستبداد..

مشروع تعديلات قانون أمام مجلس نواب صنعاء تصب في اتجاه سحب صلاحيات المجلس لصالح "رئيس المجلس السياسي" والحكومة.!

*    *   *

كل يوم نرى السلطة التنفيذية في صنعاء، ومن خلفها السلطة الخفية، وبكل فجاجة وجموح تعتدي جهاراً نهاراً على ما بقي من مبادئ ونصوص دستورية وقانونية، وفي طليعتها تلك التي تقرر الفصل بين السلطات الثلاث.. وهو ما نعده انقلاباً مكشوفاً بإرادة موغلة على النظام القانوني للجمهورية والوحدة اليمنية، وتكريس اغتصاب صلاحيات السلطة التشريعية لصالح السلطة التنفيذية وقبلها السلطة الخفية المستبدة.

*    *   *

لقد عجزتُ خلال سبعة أشهر من إحضار وزير مالية حكومة صنعاء إلى مجلس نواب صنعاء للرد على أسئلتنا الموجهة إليه عبر المجلس، ومعه فشلت أو تواطأت هيئة رئاسة المجلس رغم أهمية وإلحاح ما ورد في تلك الأسئلة، وما يجلبه هذا التغافل والتعامي من أضرار وتبعات، ولا زال الحال -كما هو-  قائماً إلى اليوم.

وما كان هذا ليحدث لولا أن هذا الوزير الطاؤوس مدعوم من السلطة الخفية والنافذة.

كما سبق أن عجز مجلس نواب صنعاء برمته، رئاسة ولجانا وأعضاء، من إحضار هذا الوزير وكذا محافظ البنك إلى المجلس رغم أن موضوع الاستدعاء كان يتعلق بأخطر قانون يصيب الائتمان في مقتل، ويحول دون حصول أكثر من مليون مواطن على ودائعهم من البنوك، وما كان هذا ليحدث لولا دعم الرئاسة له، ومن خلفها السلطة الخفية.

واليوم وزير المالية حضر زاهياً وواثقاً من نفسه إلى المجلس يريد سرعة البت بالتعديلات القانونية، وهي تعديلات لا تقل خطراً من "القوانين" التي تم إصدارها من قبل، وعلى رأسها ما سمي بـ"قانون منع التعاملات الربوية" والتي اتضح أخيراً أنها تندرج في إطار مشروع "نه...."، تم بمقتضاه منع أكثر من مليون مواطن من استعادة ودائعهم وحقوقهم من البنوك.

*   *   *

مشروع التعديلات القانونية التي جاء من أجلها وزير المالية إلى مجلس نواب صنعاء في جوهرها ومضامينها جاءت لتسحب من مجلس النواب صلاحياته الدستورية لصالح "رئيس المجلس السياسي" أو ما اصطلح عليه في النص "رئيس الجمهورية"، حيث أعطته أو حوِلته بصريح النص إلى مشرّع آخر إلى جانب مجلس النواب، ومنحته الحق في إصدار القرارات التي تعدل وتعلق العمل بمواد قانونية. 

بالإضافة إلى هذا فإنها منحت رئيس الوزراء امتياز حق التشريع، وجعلت من حقه أن يعدل الغرامات الجمركية المنصوص عليها بالقانون، وسقوف القيم الجمركية المقطوعة وغير ذلك؛ بقرارات يصدرها رئيس مجلس الوزراء. 

*    *   *

أفتى اليوم رئيس اللجنة الدستورية ونائبه في قاعة مجلس نواب صنعاء بعدم دستورية تعديلات مشروع القانونين المحالين إلى المجلس شكلا وموضوعا.. 

ومع ذلك تمت الإحالة رغم ثلاثة تصويتات ترفضه!!!

*    *   *

لا يوجد مشروع قانون ينهب أموال الناس ويشرعن من مجلس بوعد شخطة وجه إلا مجلس نواب صنعاء.. أقصد هنا تشريع قانون "منع التعاملات الربوية".

 *   *   *

‏تم رفض مشروع تعديلات القانونين المقدمين إلى المجلس ابتداء ثلاث مرات، والحيلولة دون إحالته للجنة الدستورية والمالية، ولم تحصل إحالته على الأغلبية المطلوبة، ومع ذلك تم تمريره "غصيباني" خلافا للدستور والقانون واللائحة!!!

ولله جنود أعفاط لا من عسل.

*   *    *

سلطة صنعاء هي وكر الانفصال، صنعاء تمارس الانفصال في الواقع على كل المستويات والجوانب التشريعية والاقتصادية والمالية والتعليمية.

وكمثال هنا من ألف مثال، انظروا هذه التوصية من مجلس نواب صنعاء للحكومة:

"مجلس النواب يلزم الحكومة بتنفيذ توصياتها وهي كما يلي:

أولا على وزارة العدل القيام بما يلي:

- سرعة استكمال إجراء المسح التشريعي المتكامل لإعادة النظر في كافة القوانين الإجرائية والموضوعية المتعلقة بأعمال السلطة الفضائية..."!!!

ما تم أصدراه من قبل المجلس عجن السلطة القضائية عجين، وخلق كثيرا من التعقيدات والاختلالات والربكات، وأكثر منها أغرق المحكمة العليا بآلاف من قضايا الإيجار والأحوال الشخصية وغيرها على حساب مهامها الدستورية والقانونية، والقضايا التي هي من صميم اختصاصها، وأوجد اضطرابا في المدد القانونية، والتعاميم لا تتوقف في محاولة عمل ما يمكن لتقليل هذا الضرر التشريعي الجسيم.

وفيما التوجه القائم لدى المحكمة العليا ومجلس القضاء حسب ما عرفت هو محاولة الدفع بإعادة النظر فيما تم إصداره من "قوانين" أعاقت العدالة، ولم يتحقق أي إسراع في بت القضايا، بل ألحق مزيدا من الضرر والإرباك والاختلالات العدلية.

ومجلس النواب النائم لا يعرف ماذا يحدث في الواقع القضائي، ولهذا نراه يوصي وزارة العدل بمشاريع قوانين جديدة لتزيد الطين بلة، بل ويزيد فوق الخراب خرابا..!!

وما تم ويتم تقديمه لمجلس النواب من مشاريع "قوانين" وما يتم إصداره من "قوانين" يندرج في إطار الإمعان في ممارسة الانفصال في الواقع، وبناء كيان انفصالي مسخ في مساحة 20 في المائة من أرض الجمهورية اليمنية، وزائد عليه مثقل بالتشوه والجبايات وما هو أسوأ..!

*   *   *

مجلس نواب صنعاء يعدل قوانين وأنا ضد هذه التعديلات لأنها تكرس الانفصال ولا تقدم شيئا للمواطن غير مزيد من الجبايات والتعقيد..

وأكثر من هذا يتم تعديل ما تم تعديله في المجلس من قبل أشخاص وجهات لا نعلمها ودون علمنا بما يزيد من تكريس الانفصال ورفع واستحداث مزيد من الجبايات.

*    *   *

جاء في تقرير لجنة المياه والبيئة في مجلس نواب صنعاء أنه تمت إضافة عشرة ريالات للوحدة في فاتورة المياه بدون أي مسوغ قانوني من قبل مؤسسة المياه.

رد وزير المياه للجنة أن إضافة العشرة الريالات للوحدة التي تم إضافتها جاءت تحت مسمى تنمية مياه الريف وأشار الوزير إلى أن هذه الإضافة أقرت بموجب توجيهات "مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى".

المواطن لدينا هو الجدار القصير..

لجنة المياه والبيئة رفعت توصية للمجلس أن على الحكومة إلغاء العشرة ريالات التي أضيفت تحت مسمى تنمية مياه الريف، حيث لا يوجد لها أي مصوغ قانوني.

المجلس منتظر حضور الوزير لمناقشة التقرير.

*    *   *

إن الوضع ليس مزرياً فحسب، بل وكما نراه ونعيشه ونتابعه أكثر من مزرٍ، والمؤلم أكثر أن يظل كل يوم هذا المزري يتحدّى وينتشر ويتسع حتى اتسع الرقع على الراقع، بل بلع الرُقع الراقع.

ومع ذلك بإمكاننا طرح السؤال الأهم: 

إن كان الحال مزريا أو أكثر؛ لماذا لا تهبون لمواجهته والتصدي له؟!!!

طالما هناك اعتراف بأن الوضع مزرٍ فإن هذا الاعتراف يترتب عنه استحقاق للمواطن وهو أن يسألكم: 

لماذا لا يتم إيقاف هذا الوضع المزري؟! 

لماذا لا يتم القيام بالكثير لمواجهته؟!

ما دوركم في إيقاف هذا التدهور الذي صار أكثر من مزر وأكبر منه؟! 

هل يكفي أن تلقوا الاعتراف بالمزري ثم تمضوا وكأن الأمر لا يعنيكم؟!

لماذا تديرون ظهوركم لما هو مزرٍ، وقد صار المواطن يأن تحت وطأته وطائله؟!

لماذا لا يتم التخفيف على المواطن المثقل به، وقد بات هذا الثقل بثقل الجبال الراسيات؟! 

لماذا لا نسمع ولا نرى بعد الاعتراف به فعلاً كبيرا أو صغيراً، أو حتى محاولة تجعلنا نحسن الظن بكم؟!

استحقاق المواطن بعد الاعتراف بالمزري هو أن يرى تغييراً جاداً يبدأ من قمة الهرم حتى أصغر مسؤول فيه.

استحقاق الشعب عليكم بعد الاعتراف أن يرى حزماً ومحاسبة، وقرارات جذرية جادة وفاعلة، بل وأكثر من هذا وذاك، وبما يناسب مع صبر شعبنا المنكوب، ومعاناته وكده ونزيفه، طوال ثماني سنوات طوال، وإصلاح شأنه بعد أن بلغت القلوب الحناجر؟! 

ولكن ماذا نقول وقد بلغ الحال أسوأه، وما زال يعد ويتوعد بما هو أفدح وأثقل..؟!

ماذا نقول إن كان اليوم هنا ما يزيد الوضع وزراً وهلكة..؟!

 *   *   *

الحقيقة مُرّة..

ولكن هناك من تضيق صدورهم في الاعتراف بها.

البعض يحب فقط أن يسمع ما يحب

ولذلك تسير أمورهم من سيئ إلى أسوأ؛ وسيجنون حصادا مُرا.

*جمعه "نيوزيمن" من منشورات للكاتب على صفحته في الفيسبوك