عودة الرسم العثماني من بوابة قطر.. استعمار مدفوع الأجر(1)

تقارير - Saturday 13 June 2020 الساعة 10:29 pm
القاهرة، نيوزيمن، محمد عبده الشجاع:

بصورة منتظمة، تسرب الغاز القطري مدعومًا بقناة الجزيرة، التي تأسست أواخر نوفمبر/ 1996، والخطوط الجوية القطرية، حتى وصل عظام الموتى.

كانت تلك "ركائز" أساسية وقفت خلف تغيير المشهد إلى الأسوأ خلال العقدين الأخيرين.

تلك الموارد الثلاثة المختلفة شكلت امبراطورية من الأدوات والذرائع، للوصول لأكبر قدر من الجغرافيا، وتشتيت ما تبقى من الذاكرة العربية.

جاءت أحداث "الربيع العربي" الذي غذته قناة الجزيرة في العام 2011، بمنظومة متكاملة من الأدوات، ليتبعه اليوم تحالف "قطري تركي" ما شكل مسارًا جديدًا كشف اللعبة برمتها.

هيكل والرأي الآخر

حاولت الجزيرة استقطاب ألمع نجوم السياسة والإعلام، والثقافة والأكاديميين المتخصصين، والباحثين في شؤون البلدان والشؤون العسكرية والاقتصادية والرياضية أيضًا، أي أنها خصصت لذلك ميزانيات ضخمة ومفتوحة.

كان محمد حسنين هيكل أحد أبرز هؤلاء وربما أهمهم على كل المستويات، إن لم يكن الورقة الأكثر ربحية والتي من خلالها تستطيع أن تمرر صفقة قرن جديد.

لماذا؟ أولًا، لتاريخ الرجل الذي تجاوز ال 90 عاما قضى منها 80% من عمره في الكتابة والسياسة ومرافقة الرؤساء، واللقاء بالقادة والزعماء وتغطية الأحدث وأهم الحروب في الوطن العربي وغيره، إضافة إلى مؤلفاته التي شكلت معه أرشيفًا لا يمكن تجاوزه أو القفز عليه.

ثانياً: الرجل يمثل أهم محور في الشرق الأوسط وهو محور الدولة المصرية، التي ترتكز على مقومات لا تشبهها أي دولة في العالم قديمًا وحديثًا.

لم يكن هيكل بالرجل الذي سيسهل استقطابه لصالح تحالف جديد، أو محور تقوده دويلة صغيرة ليست سوى قفاز، كما أن هيكل يدرك كأي مصري أنه يقف على أرضية صلبة، وأي خطأ بسيط سيقود الوضع إلى ما لا يحمد عقباه.

طرح هيكل ما يمكن البناء عليه وتجنيب البلدان الكثير من المنزلقات؛ حين تحدث بلغة شفافة وواعية عن "الربيع" في الأقطار العربية، وتحديدًا سوريا واليمن، غير أن ذلك لم يعجب سيدة الرأي والرأي الآخر (الجزيرة)، فكان لها رأي مختلف.

أدركت إدارة القناة أنه لا توجد أي خيارات أخرى، فتم إنهاء العقد معه وإيقاف بث حلقات مباشرة وحتى مسجلة مع الرجل التسعيني.

حينها كان يدير الحلقات الصحفي التونسي المتمكن محمد كريشيان، وقد حاول في الحلقة الأخيرة تغيير مسار الحوار أو بالأصح توجيه هيكل إلا أنه فشل، وهو ما أحرج "أنبوب الغاز" القطري الذي تعرض لهزة عنيفة.

الرأي الآخر

تخلت الجزيرة عن "الرأي" واكتفت ب"الرأي الآخر" فقط، جندت وحشدت ما يخدم توجهها، وطبيعة المرحلة التي أسست لها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "كوندوليزا رايس"، ذات الأصول الإفريقية بمعية باراك أوباما.

بدأت الممارسات تأخذ منحى آخر في الشارع العربي، وبدا أن الجميع أمام واقع جديد، وفنتازيا هزلية قد تنتهي بمأساة، فالشعوب لم تكن مجمعة على تغيير أشبه بالقفز بين السحاب، وإن كان معظم الناس يتوقون إلى التغيير للأفضل مع عدم المساس بما تحقق من بنى تحتية.

غير أن ذلك لم يكن باليسير والحماس يزداد، وشرارة اللهب تتسع، والإعلام يغذي ويروج ما جعل البعض يركن إلى أن أحلامًا وردية قادمة في الطريق.

تفاصيل تستدعي التوقف

من الأهمية التوقف عند بعض التفاصيل التي تأتي كجزء مهم في بلوغ المشهد إلى ما نحن عليه اليوم.

استمرت القناة في التسويق لفكرة مستقبل مجهول، كما سعت جاهدة لمناقشة قضايا وهموم عربية بصوت مرتفع، من خلال مجموعة من البرامج التي يديرها نخبة من الإعلاميين المتمرسين.

نجحت بذلك بحيث استطاعت القيام بعملية غربلة أو فرز شريحة واسعة من الأصوات السياسية والايديولوجية بحسب التوجهات للوصول إلى النتائج المرجوة.

ورغم سقوطها في أكثر من موقف، إلا أن الانبهار بها ظل يطل برأسه حتى بعد أن قدم العديد من الإعلاميين استقالتهم منها، وكان أهمهما (سامي كليب) و(غسان بن جدو).

...يتبع