عقب اعتقال العماد.. هل ستتخلى عُمان عن مليشيا الحوثي ومتى؟
السياسية - Monday 13 September 2021 الساعة 04:02 pmتساؤل جاء عقب عملية اعتقال الجهات الأمنية التابعة لحكومة الشرعية لقيادي كبير محسوب على مليشيا الحوثي ذراع إيران في اليمن والمنطقة، الأسبوع الماضي، أثناء عودته متنكرًا من إيران عبر المنفذ البري بمنطقة "شحن" محافظة المهرة قادمًا من عُمان.
وبحسب التقارير، فإن حسن العماد من أبرز مرجعيات الفكر الطائفي الإيراني، ولا تزال مقابلته مع الصحفية اليمنية رحمة حجيرة في 2014م برنامج "ساعة زمن" على قناة اليمن اليوم متداولة لدى الشارع اليمني والتي أثبتت أنه شخصية عقائدية متعصبة للمذهب الاثني عشري. إضافة إلى أنه متزوج من إيرانية ولديه منزل في طهران هو ووالده أحد الداعمين والمؤسسين للحركة الحوثية.
سيرة الرجل مليئة بالعلاقات المثيرة والتنشئة العقائدية الدخيلة على المجتمع اليمني، بالإضافة إلى الولاء السياسي للمشروع الإيراني، ناهيك عن أنه دخل متنكرًا على أنه طالب، وبحسب التقارير فقد تم استدراجه من قبل المخابرات.
مجلس التعاون وعمان
لن تتخلى السلطنة عن الحوثي وهي التي تلعب ظاهريا دور الحياد في حل الخلافات السياسية في البيت الخليجي والصراع اليمني، لذا ستُبقي على علاقتها بالحوثي ككيان سيحقق لها بعض المكاسب في الشمال والجنوب وسيخفف من الضغط الموجود داخل دول مجلس التعاون والتباينات الحادة.
من جهة أخرى من الطبيعي في العلاقات السياسية أن تكون على مسافة واحدة من أطراف الصراع حين يكون كل طرف موجودا على الأرض، كما هو الحاصل بين الشرعية والمليشيا أيًا كان النهج السياسي لكل منهما.
لكن في السياسة والعلاقات الديبلوماسية كل شيء جائز للحفاظ على خيوط المصالح المشتركة وهو ما سيكون في حال توحد البيت الخليجي حينها ستصبح عمان أمام خيارات محدودة على الأقل لن تذهب بعيدًا جدًا عن قرارات وترتيبات متفق عليها داخل المجلس.
كيف سقط العماد
السؤال غير المهم هنا على الأقل في الوقت الحالي والمتروك للأيام لأنه في نهاية الأمر قد سقط دون أن يتوقع هو، مع من خطط ودعم، وسهل الأمر على الورق. وهل كشف أمر العماد بالصدفة أم بتحريات دقيقة أم أن هناك يدا صديقة أطلقت الضوء الأخضر للحصول على هذا الصيد الثمين.
إشارة واضحة تقودنا إلى أسئلة أكثر أهمية منها: هل ستتراجع عمان عن دور الوسيط المتردد وتعمل على إيقاف تهريب الأسلحة لمليشيا الحوثي وأجهزة الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة التي تقتل بها الشعب اليمني كان آخرهم أكثر من 40 جنديًا من أبناء الجنوب في أهم قواعد الشرق الأوسط سابقًا واليمن وهي "قاعدة العند" التي بناها الاتحاد السوفييتي مطلع ثمانينات القرن الماضي إبان الحرب الباردة وقام بتوسعتها عام 1986.
هناك تساؤلٌ آخر هل كُشف أمر الحوثيين بعد عودة الوفد العماني إلى مسقط دون تحقيق أي تقدم في المفاوضات على عملية السلام باستثناء أكياس ظهر الوفد وهو يحملها في يده قبل صعودهم الطائرة والتي أوحت بالفشل.
كان التعويل على تلك التحركات من قبل البعض كبيرة لكن مراقبين كانوا مدركين فشل المفاوضات، لأن أحد أطرافها الحوثي؛ الذي حاول فيما بعد نشر خطة سلام شاملة والتسويق لها قال بأنه قدمها للوفد نفسه والذي لم يتحدث عنها العمانيون بتاتًا، حيث اختزل الأمر كما هو حال الأمم المتحدة في (مأرب)، خطة لم يلتفت إليها أحد.
تبادل الأسرى والمعتقلين
ستلعب صفقة اعتقال حسن العماد أو ما يسمى ب"خميني اليمن" دورًا بارزًا في عملية تبادل عشرات الأسرى والمعتقلين سواء شخصيات من الوزن الثقيل مثل ناصر هادي والصبيحي ومحمد قحطان وبقية المعتقلين وإن تأخر أمرهم بسبب ضعف عملية المفاوضات وسوء تقدير الأمم المتحدة ومبعوثيها.
لذا تكمن أهمية العماد في كونه يحمل الجنسية الإيرانية، ثانيًا لأنه معتقل مقابل آخرين ذنبهم أنهم كانوا رافضين سيطرة المليشيا وقاموا بمواجهتها. ما لم تحدث صفقة مجزأة لإطلاق سراحه، وهو ما سيكون فضيحة.!
استعجل العماد عودته دون معرفة الدوافع وكيف استسهل أمر التخفي ولماذا فضل المنفذ على طائرة الأمم المتحدة؟ الأسئلة كثيرة خاصة وأنه يحمل هوية مزورة وتغييرا في ملامح وجهه الذي بدا بالتأكيد بدون عمامة، ربما كان يعتقد أن قوة إلهية ستحمله إلى صنعاء، والأهم أن هناك من كان بانتظاره لتهريبه إلى عدن ضمن ترتيب مقابل صفقة مالية مثله مثل أي صفقة سلاح أو نفط أو أجهزة اتصالات وقد بلع الطعم.
تفيد التقارير أن هناك دورا وتنسيقا استخباراتيا دقيقا كما تحدثت "قناة العربية"؟ ما يعني أن لعُمان وأجهزتها يدا في ذلك الصيد وسيتم التحقيق معه وإظهار كل التفاصيل.
نشاطه وتحركاته
بحسب ما تم تداوله خلال الأيام الماضية، الرجل مصنف من أخطر القيادات الحوثية العقائدية الاثني عشرية، إضافة إلى نشأته في إيران وحصوله على الجنسية وإنشاء أملاك هناك.
يعتبر المسؤول عن التنسيق مع لجنة خاصة أسستها طهران من أجل دعم الحوثيين إعلاميًّا وحقوقيًّا عبر كوادر الحوزات الطائفية وطلابها اليمنيين، وكان يتم التصديق على تمويل اللجنة اللازم من البرلمان الإيراني بحسب "نيوزيمن".
ناهيك عن أنه يدير مجموعة منظمات وجمعيات خيرية حوثية تعمل على تنفيذ أجندة المشروع الإيراني في اليمن بحسب الموقع السابق، منها تنظيم مستقبل العدالة ومؤسسة العلم والعمل. كما اشترك 2006 في التمويل والإشراف على خلية حوثية خططت لاغتيال الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، وكان حينها متواجدًا في طهران وعاد لليمن في 2011.
ومنذ ذلك الحين تنقل العماد بين صنعاء وطهران حتى العام 2015 حيث لم يتمكن من الخروج من اليمن بعد إعلان عاصفة الحزم حتى غادر إلى طهران في 2016 عبر طائرة الأمم المتحدة.
أيضًا ضمن المعلومات التي نقلها الموقع المذكور سابقًا أنه في يوليو 2020 قام قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي بتكريمه في مؤتمر "مجاهدون في الغربة"، وهو مؤتمر دولي يقام في طهران لتكريم الشخصيات والتنظيمات التي تساند الحرس الثوري وتعمل تحت إشرافه خارج إيران.
كما يشغل أخوة المدعو حسن العماد الأربعة مناصب ومواقع مهمة لدى الحوثيين، من بينهم علي العماد، رئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة التابع للحوثي.
كما عيّن الحوثيون أحمد العماد رئيسًا لفريق التواصل الخارجي للمليشيا الانقلابية، فيما يعد عصام العماد مرجعية للمذهب الشيعي الاثني عشري في اليمن، وأما محمد فهو يمتلك قناة فضائية اسمها "الهوية" تمويلها خارجي.
تسير عمان ضمن نسق محوري معروف إلى جانب تميزها بعلاقات مختلفة يمكن أن نطلق عليها علاقة "حذرة" لاعتبارات كثيرة وصراع نفوذ محسوب، لذا من الصعب أن تفرط في علاقتها مع الحوثيين طالما وأن الشرعية ما تزال طريحة في الرياض وتمارس مهامها السياسية من هناك في ظل فشل كبير على الأرض.
فيما الإدارة الأمريكية ومعها التحالف العربي يقولان بأنهما يسعيان إلى سلام شامل، وهذا ما لم يتضح حتى اللحظة طالما كان الحوثي طرفا فيه وله شروطه التي لا يمكن القبول بها على الأقل في إطار الخروج من نفق الأزمة الإنسانية التي تعصف بأكثر من 12 مليون يمني تحت خط الفقر.