صواريخ الحوثي على محطات الوقود.. استراتيجية قتل مزدوجة بهدف ترويع المدنيين وبث الإرهاب

تقارير - Tuesday 15 March 2022 الساعة 07:54 am
نيوزيمن، قسم التحقيقات:

في 19 يناير مطلع العام الجاري وعلى بعد عشرات الكيلوهات من الجبهات التي كانت قد هدأت بين الذراع الإيرانية وقوات العمالقة الجنوبية، قتل أربعة مواطنين بصاروخ باليستي أطلقته مليشيا الحوثي على محطة "العقيلي" للوقود في عزلة "حوره" في وادي مديرية عين شمالي غربي شبوة.

قصف الحوثيون محطات الوقود بصواريخ بالستية تعد واحدة من أكبر دلائل “إرهابية” الحرب الحوثية التي تسعى لبث الرعب والترويع بعيدا عن الجبهات العسكرية، فـ”قصف تجمعات المدنيين في محطات الوقود بصواريخ بالستية” هو وسيلة لـ”إيقاع أكبر قدر من الضحايا”، مما يوضح الاستهداف المنهجي وواسع النطاق لأهداف يوجد بها مدنيون في انتهاك لمبدأ التمييز والتناسب في القانون الدولي الإنساني.

وخلال 12 شهراً من فبراير 2021 حتى فبراير 2022، تعرضت أربع محطات وقود في مناطق مختلفة من محافظة مأرب لوحدها، لقصف بصواريخ بالستية، أوقعت الحوادث الأربع خسائر في صفوف وممتلكات المدنيين.

ليان الطفلة المتفحمة 

في 5 يونيو 2021، تعرضت محطة وقود في حي الروضة السكني شمالي مدينة مأرب لهجوم مزدوج بصاروخ «بالستي» وطائرة بدون طيار «مفخخة» مما تسبب في سقوط عشرات القتلى والجرحى من المدنيين والعسكريين.

ووفقاً لتقرير "التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان" الصادر في سبتمبر 2021 فقد استهدف الهجوم محطة الوقود أثناء وجود طابور من السيارات الخاصة التي ينتظر أصحابها الحصول على حصتهم من مادة البنزين المنعدمة، ما أدى إلى حدوث انفجارات متتالية أعقبها اندلاع حريق هائل سقط ضحيته (26) مدنيا بينهم (21) قتيلا تفحمت جثث البعض منهم و(5) جرحى إصابة بعضهم خطيرة.

>> إرهاب حوثي بتعريف النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.. تفجير المنازل

نشرت منصات التواصل الاجتماعي صوراً مؤلمة للطفلة ليان وهي متفحمة بالكامل والتي قضت مع والدها في الهجوم على المحطة فضلاً عن مقتل 3 أطفال آخرين لا تتجاوز أعمارهم 14 عاماً، تواردت على إثره ردود فعل محلية ودولية معبرة عن بشاعة الجريمة.

أبدت القائم بأعمال السفير الأمريكي لدى اليمن كاثلي ويستلي فزعها من الحادثة قائلةً: "نشعر بالصدمة المروعة من التقارير التي تفيد بأن الحوثيين استخدموا صاروخاً بالستيًا لتدمير محطة وقود في مأرب والتي تسببت في قتل وجرح مدنيين".

فيما وصف السفير البريطاني السابق مايكل أرون الأنباء التي تتحدث عن انفجارات في محطة بترول في مأرب بالمروعة، والتي خلفت عشرات القتلى والجرحى المدنيين، داعيا مليشيات الحوثي إيقاف الهجوم على مأرب والانخراط بجدية مع الأمم المتحدة.

صواريخ بالستية متشظية

في تحقيق استقصائي مفتوح المصدر نشر على موقع "الأرشيف اليمني"، 

ذكر التحقيق أن مليشيا الحوثي الإرهابية استهدفت محطة وقود "مجمع تاج سبأ" في منطقة الرميلة شرقي مأرب بصاروخ بالستي متشظ من نوع (بدر- F) في الـ16 من مارس 2021 أثناء تجمع كبير لمركبات المدنيين راح ضحيته شخصان وأصيب 7 آخرون.

وأكد التحقيق عدم وجود أي نشاط عسكري في محطة الوقود لحظة القصف وأن جميع المركبات الـ35 المصطفة في طابور للتزود بالوقود ذات طابع مدني.

وتبين المعلومات التي نشرتها المليشيات عن الصاروخ (بدر - F) أنه يحتوي على 14000 شظية تغطي مساحة بقطر 350 مترا بنسبة خطأ 3 أمتار فقط، ينفجر على ارتفاع 20 مترا من الهدف أي ذا نظام انفجار تقاربي وبحسب موقع "أنا أصدق العلم" يهدف هذا النوع من الصواريخ لإحداث ضرر أكبر في مساحة أكبر ويسبب الأذى عن طريق الشظايا، وعن طريق موجة الصدمة ما يجعل تأثيره قاتلاً ومهلكًا للأشخاص والأبنية.

استهداف منهجي بهدف الترويع

تجدد الاستهداف المنهجي لمليشيا الحوثي الإرهابية على تجمعات المدنيين عند محطات الوقود بالتزامن مع تحركات قواتها في مديرية الجوبة، حيث تعرضت محطة وقود بالقرب من مدينة الجديدة مركز المديرية لقصف بصاروخ بالستي في الـ13 من أكتوبر 2021، موقعاً 10 ضحايا من المدنيين 4 قتلى بينهم امرأتان وجرح 6 آخرين بينهم طفلان. واحتراق عدد من مركبات المواطنين.

توضح المسافة في صور الأقمار الصناعية أن المحطة كانت على بعد 4 كم تقريباً من خطوط الاشتباك في ذلك الحين، إذ كانت مليشيات الحوثي الإرهابية  تتمركز في أطراف منطقة واسط في نفس المديرية بينما موقع تمركز قوات الشرعية بالقرب من محطة راشد، ولا يشكل قصف موقع بهذا البعد عن المواجهات أي ميزة عسكرية، فضلاً عن كون الضحايا مدنيين.

في 19 يناير 2022، أصاب صاروخ بالستي حوثي محطة وقود في مدينة حريب جنوبي مأرب أسفر عن مقتل 4 مدنيين بينهم عمال في المحطة، وأصيب 5 آخرون بجروح، في وقتٍ شهدت المنطقة مواجهات عسكرية بين قوات العمالقة ومليشيا الحوثي التي أجبرت على الخروج من المدينة. وتعد هذه الحادثة آخر محطة استهدفتها المليشيات ولن تكون الأخيرة في انتهاك القانون الدولي.

انتهاك القانون الدولي

قال فريق الخبراء المعني باليمن في تقريره الأخير المقدم لمجلس الأمن (S/2022/50)، إنه حقق في ثمانية حوادث استخدم فيها الحوثيون ذخائر متفجرة بصورة عشوائية في مناطق مأهولة بالسكان في مأرب وتعز، مما أسفر عن مقتل 33 شخصاً من بينهم ثمانية أطفال وإصابة 51 آخرين بينهم 11 طفلاً.

>> بروتوكولات اتفاقية جنيف تعتبره إرهاباً محظوراً: بالأرقام.. الحوثي يعدم المدنيين قنصاً

وأفاد الفريق أن القتال العنيف في محيط مأرب منذ فبراير 2021 كان له عواقب وخيمة على المدنيين، وفي عدة هجمات استخدمت فيها أجهزة متفجرة مثل القذائف المدفعية أصابت مخيمات وأعيانا مدنية أدت إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين.

وأشار التقرير إلى أن تلك الحالات تبين استمرار تجاهل الحوثيين لمبدأ التمييز ومبدأ حماية المدنيين، ويمكن اعتبار الهجمات الممنهجة على المناطق المأهولة بالسكان في تعز ومأرب، على مسافة من الخطوط الأمامية النشطة، أعمالاً تهدف إلى نشر الرعب بين السكان المدنيين، وهو أمر محظور بموجب القانون الدولي الإنساني.

ويطالب القانون الدولي الإنساني بأن تقوم أطراف النزاع بالتمييز بين المدنيين الذين توفر لهم الحماية، والمقاتلين الذين هم أهداف مشروعة للهجوم. ولا يجوز استهداف المدنيين عمداً؛ ويجب أن لا تنفذ هجمات لا تستطيع التمييز بين المدنيين والمقاتلين، أو تتسبب في أضرار غير متناسبة للمدنيين.

على الرغم من التقارير والدعوات المحلية والأممية التي تطالب مليشيا الحوثي الإرهابية عدم استهداف المدنيين، تنهال الصواريخ البالستية على كل المحافظات اليمنية وصولاً لدول الجوار مصيبةً أهدافًا مدنية يسقط على إثرها ضحايا من المدنيين، في تجاهل تام للقوانين الدولية والأعراف الدولية.