الحطب.. خيار إجباري للمواطنين لمواجهة فساد موزعي الغاز المنزلي

إقتصاد - Sunday 26 March 2023 الساعة 11:58 am
المكلا، نيوزيمن، خاص:

على مدى أسابيع يبحث "طه الخلاقي" على أسطوانة غاز واحدة -غاز الطهي- في أنحاء متفرقة من مدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت، في ظل أزمة خانقة ومفتعلة تشهدها المدينة منذ أسابيع بفعل فساد التوزيع من قبل الوكلاء المعتمدين.

يقول طه لـ"نيوزيمن": الأحياء السكنية في المكلا موزعة على مربعات سكنية، وكل مربع لديه وكيل معتمد من قبل شركة الغاز الوطنية، لكن عدم الرقابة على الوكلاء تسبب في شحة كبيرة في أسطوانات الغاز المقدمة للمواطنين في مربعاتهم السكنية ما يدفع بالأهالي إلى التخبط والخروج للبحث عن أسطوانة واحدة وبأسعار مضاعفة.

وأضاف: نحن في بداية رمضان، وأبحث منذ أسابيع عن أسطوانة غاز واحدة، فالأسطوانة التي في المنزل شارفت على الانتهاء، ولا أعرف كيف سنعمل في حال انتهائها دون أن يكون هناك بديل.

واضطر طه، كغيره من المواطنين إلى استعمال الحطب، كطريقة بديلة لإعداد الطعام لأفراد أسرته، رغم المخاطر الصحية التي تسببها الأدخنة المتصاعدة، إلا أن الحطب بات خيارا إجباريا.

كفاح كبير

كفاح كبير تعيشه آلاف الأسر في مدينة المكلا لتوفير الغاز المنزلي، الكثير منهم يضطر إلى التوجه إلى "مصنع بروم لتعبئة الغاز" -وهو مصنع حكومي في مديرية بروم ميفع غرب المكلا على بعد 30 كيلومترا- من أجل تعبئة اسطواناتهم بعد تخاذل الموزعين والوكلاء المعنيين عن توفير لهم هذه المادة منذ قرابة شهر.

مع دخول شهر رمضان، تعمقت المشكلة بشكل كبير وأصبحت أكثر تعقيداً، كون الشهر الكريم لديه طقوس وأكلات ووجبات خاصة، وهو ما يتطلب زيادة في استهلاك غاز الطهي عن بقية الشهور الأخرى.

ويؤكد الكثير من المواطنين في المكلا أن الأسر أصبح همها الأول هو توفير أسطوانات غاز لمنازلهم، فخلال مرورك في عدة شوارع بمناطق فوه والشرج والمكلا والديس وتحديدا بالقرب من مواقع توزيع الغاز ستشهد الكميات الكبيرة من الاسطوانات التي ينتظر أصحابها الفرج.

ويقول الاستاذ علي بافضل -موظف حكومي- معاناتنا مع الغاز لا يمكن وصفها، من قبل شهر رمضان بأسابيع وأنا أبحث عن اسطوانة واحدة، الوكيل المخصص بمنطقتنا السكنية لا يرد علينا ويكتفي بالقول إن هناك أزمة، موضحا أن الكثير من السكان لجأوا إلى الحطب خصوصا الأسر التي نفدت اسطواناتها وعجزت عن توفير بديل.

تلاعب في التوزيع وضعف الرقابة

يوجه المواطنون اتهامات للوكلاء الموزعين بالتلاعب والفساد وإخفاء الغاز لبيعه في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، مضيفين إن الوكيل يتسلم من المصنع بشكل منتظم وشهري نحو 210 اسطوانات، لأجل تغطية المربع السكني المسؤول عنه. إلا أن المواطنين يفاجأون بأن عملية التوزيع تكون أقل من العدد المحدد، وهو ما يؤكد أن هناك فسادا وعملية إخفاء لكمية كبيرة من الدفعة المحددة للمربع السكني.

وتباع أسطوانة الغاز بشكل رسمي بنحو 6 آلاف ريال في المكلا، في حين يتم بيع الاسطوانة في السوق السوداء بنحو 12 إلى 15 ألف ريال، ما دفع بالكثير من الوكلاء لتقليل العدد المقدم للمواطنين، وهو ما خلق أزمة خانقة مع بداية الشهر الفضيل.

ارتفاع أسعار الحطب 

الكثير من الأسر خصوصاً في المناطق الريفية والمحيطة بالمكلا، لجأت إلى طرق بديلة لطهي الطعام، بعد أن عجزت عن توفير اسطوانات الغاز المنزلي، من بين تلك الطرق الحطب والفحم.

يقول علي سالم، أحد تجار الحطب في المكلا لـ"نيوزيمن": في ظل أزمة الغاز الخانقة لجأ الكثيرون إلى الحطب بعد شرائهم للتنانير الطينية، موضحا أن تجارة الحطب أصبحت رائجة ومزدهرة، فهناك أسر كثيرة تعتمد عليه من أجل تجهيز الأطعمة إلى أن يتم تأمين لهم أسطوانة الغاز من قبل الوكيل الخاص بمربعهم السكني، وقد يستمر هذا أسابيع.

الإقبال الكبير على الحطب، أدى إلى ارتفاع سعره، وأصبحت الحزمة الواحدة التي كانت تباع بنحو 500 ريال يمني، باتت تقترب من 1000 ريال، وتتفاوت في الاحجام والأسعار. 

ما يزيد المعاناة أن الافران والمطاعم أصبحت هي الأخرى تعتمد على الحطب لتجهيز مأكولاتها، وهذا تسبب في ارتفاع أسعار هذه المواد بشكل كبير.

فساد واضح 

رغم التأكيدات من قبل المسؤولين في شركة الغاز بالمكلا ومصنع بروم لتعبئة الغاز بعدم وجود أزمة غاز وأن الكمية الموزعة كبيرة عبر الوكلاء، إلا أن الكثير من المربعات السكنية محرومة من وصول حصصها منذ نحو شهر، وهو ما يكشف عن تلاعب واضح من قبل الوكلاء بعدد الاسطوانات وكذا ضعف الرقابة من قبل اللجان المجتمعية ومكتب الصناعة التجارة وعقال الحارات.

وبحسب مصادر في شركة الغاز ومصنع بروم لـ"نيوزيمن"، فإن كمية الغاز الواصلة من مأرب إلى حضرموت كبيرة جدا، ومصنع التعبئة في بروم يعمل بطاقته الكاملة، ويتم تعبئة الكثير من حصص الوكلاء المعتمدين، إلى جانب إرسال سيارات توزيع إلى أحياء سكنية عشوائية لتغطية النقص.

وقالت المصادر: المشكلة تكمن بعد خروج الوكيل من المصنع إلى مربعه السكني المحدد، فالكمية التي يتم توزيعها أقل من 200 أسطوانة التي تسلمها من مصنع التعبئة، مشيرا إلى أنه يجب تحديث آلية الرقابة على الموزعين والوكلاء، حتى يتم إنهاء التلاعب بالكميات المحددة لكل مربع.