مستشفى الثورة أنموذجاً.. لماذا يُسخّر الإصلاح ميليشياته للاعتداء على مؤسسات الدولة في تعز؟

السياسية - Wednesday 06 March 2019 الساعة 10:41 am
تعز، نيوزيمن، شوقي سعيد:

لماذا يُسخّر الإصلاح فضائياته وإعلامه وشبابه في حملات التحريض ومليشياته في الاعتداء وماذا يستفيد من هذه الحملات؟ ومن هم أبطالها الذين يروج لهم إعلامه؟!

أعلن أحد عناصر اللواء 170 دفاع جوي بتعز، ويدعى صلاح نعمان، عن إشهار تكتل لمكافحة الفساد حمل اسم "شباب ضد الفساد"، وذلك على هامش قيام مجموعات مسلحة من زملائه في ذات اللواء بتنفيذ هجوم بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة على هيئة مستشفى الثورة العام بتعز، وهو ما أثار ريبة واستغراب رواد على مواقع التواصل، بالنظر إلى تورط مؤسس التكتل بقضايا نهب السيارات، فيما يواجه دعوى أمام القضاء على خلفية نهب سيارة إسعاف تابعة لهيئة مستشفى الثورة، وهي القضية التي اشتهرت على وسائل التواصل الاجتماعي تحت هاشتاغ #رجع_السيارة_يا_مقاوم.

ومع أن الإعلان يبدو شكلياً، إلا أنه اكتسب اهتماماً من نشطاء في مدينة تعز، كونه جاء ضمن حملة إعلامية شرسة يقودها النعمان مدعوماً من قيادات محسوبة على حزب الإصلاح ضد هيئة مستشفى الثورة بتعز، وتزامن الإعلان مع الاشتباكات العنيفة في باحة المشفى، والتي دارت بين مجاميع تابعة للواء 170 دفاع جوي، وحراسة المستشفى المُشّكلة من قوات الشرطة العسكرية انتهت بسيطرة المجاميع المسلحة ومصادرة طقم الشرطة العسكرية فجر الثلاثاء الماضي.

مستشفى الثورة بتعز.. إرث الصين وتاريخ اليسار وعبث الإخوان

وتدخل مسؤولون في الحكومة الشرعية لإنقاذ الموقف، فيما -نقلت مصادر إعلامية- توعد القائد العام للشرطة العسكرية اللواء ناصر النوبة قيادات تعز العسكرية المتورطة في الهجوم، بردعهم في الوقت المناسب، واصفاً اقتحام المسلحين للمستشفى والاعتداء على عناصر الشرطة العسكرية ومحاصرة الطاقم الطبي بـ"العملية الإرهابية"، متعهداً بألا تمر (هذه العملية) دون عقاب، ومتوعداً من أسماها "القيادات الداعمة للفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار في تعز" بالمحاكمة العسكرية، ومؤكداً أنه على تواصل مع الرئيس بهذا الشأن.

وهوّن نشطاء إصلاحيون من شأن حادثة الاقتحام، معتبرين أنها "بسبب خلافات شخصية"، ونشرت أغلب هذه التبريرات بعد لحظات من الاقتحام الذي اعتبروه ثأراً من قبل هذه المجموعات لمقتل رفيقهم –أحد المطلوبين أمنياً– في مقر الشرطة العسكرية بالمحافظة في الشهر الماضي، وهو ما لاقى استنكاراً في مواجهته.

وعبر نشطاء آخرون عن رفضهم لهذه التبريرات، معتبرين أن تداولها بعد الهجوم بثوانٍ معدودة، يدل على أن العملية تم التنسيق لها من قبل حزب الإصلاح عسكرياً وإعلامياً، وهدفت للسيطرة على المستشفى وإجبار قيادته على الاستقالة عبر الإرهاب، واعتبر بعضهم أنه وفي حال تم قبول مبرر الثأر –غير المنطقي من وجهة نظرهم– متسائلين عن السر وراء مهاجمة ثكنة الشرطة العسكرية في مستشفى الثورة تحديداً، ورغم انتشار مواقع وثكنات كثيرة لها، إضافة إلى وجود مقرين رئيسين لها في المدينة.

وكانت إدارة المستشفى قد أصدرت بلاغاً أعلنت فيه إضرابها عن العمل مؤقتاً باستثناء الخدمات الطبية الطارئة في أقسام الطوارئ الجراحية والباطنية.

وبررت هيئة مستشفى الثورة إضرابها بأنه "تجاوب مع مطلب الكادر، وحفاظاً على سلامته، واحتجاجاً على السلوك المشين المتمثل باقتحام المستشفى"، مشيرة إلى أن مجاميعَ مسلحة مدججة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة أقدمت على اقتحام المستشفى وتمركزت في بوابة المستشفى الرئيسية وباحة مركز الطوارئ الجراحي والباطني، وأطلقت الرصاص الكثيف، الأمر الذي تسبب بذعر وهلع عند الكادر المناوب ونزلاء المستشفى.

وحملت الهيئة "الجهات الرسمية المدنية والأمنية والعسكرية في المحافظة مسؤولية سلامة الكادر الطبي والإداري"، مطالبة بسرعة العمل على "تأمين المستشفى" وطالبت بـ"إيقاف حملات التحريض التي تتعرض لها الهيئة وقيادتها وكادرها"، وعلل البلاغ ضمنياً سبب الهجوم بـ"حملات التحريض" التي اعتبر أن ما "ينتج عنها سلوكيات عدوانية يمكن أن تؤدي إلى ما هو أسوأ".

هيئة مستشفى الثورة: خلاف إداري أم صراع سياسي؟

ويشن نشطاء مقربون من حزب الإصلاح حملات تحريض ضد هيئة مستشفى الثورة، ممثلة برئيسها أحمد أنعم، جراح العظام الشهير، وتصاعدت الحملة لتحظى بتغطية إعلامية واسعة من قنوات فضائية تابعة للحزب، وفضائيات أخرى عربية ودولية.

ورغم محدودية الشعارات التي تنطوي عليها الحملة، وضيق نطاقها الجغرافي المتمثل في إطار مدينة تعز وضواحيها، إلا أنها لقيت صدى واسعاً في وسائل الإعلام التي يمتلكها "الإصلاح"، أو يؤثر عليها، وأطلق نشطاء اتهامات لرئيس هيئة مستشفى الثورة بالفساد وإهمال الجرحى واستبعاد الكادر الطبي، وهي الاتهامات التي ردّ عليها رئيس الهيئة بدعوته لتقديم أي أدلة تدينه بالفساد إلى الجهات الرسمية، معلناً عن تحديه لكل من يتهمه بالفساد إثبات ذلك بالطرق القانونية، دون إساءة وتحريض، وقد سبق ذلك إصدار قيادة الهيئة بلاغاً حمل عنوان "يد لا تسرق.. لا تخاف" اعتذرت فيه عن تقصير قيادة الهيئة في مواجهة هذه الحملات لكونها "لا تدفع الرشاوى" لإقناع وسائل الإعلام بنقل وجهة نظرها وردودها على تلك الاتهامات.

وقال مصدر بالهيئة إنّ رئاسة الهيئة عقدت مؤتمراً صحفياً في المستشفى، دعت إليه وسائل الإعلام، أجابت فيه عن مجمل التساؤلات بمنتهى الصراحة، مشيراً إلى أن رئيس الهيئة أكد عدم صرف ميزانية للهيئة منذ عامين ونصف وحتى الآن، وأن الدعم الحكومي للمركز الجراحي قد قطع، بعد أن وصل إلى 280 مليون ريال، خلال عام ونصف تقريباً، وأن هذا المبلغ لا يشكل خمس موازنة الهيئة البالغة 1 مليار و500 مليون ريال للعام الواحد، إلا أن وسائل الإعلام –وبالرغم من هذه التوضيحات– تحيزت ضدنا ولم تنقل وجهة نظرنا إلا بعد شد وجذب معها.

من جهته، وصف مدير مكتب الصحة في محافظة تعز، عبد الرحيم السامعي، الاتهامات الموجهة للمستشفى بـ"الكلام الفارغ"، وذلك أثناء حديث له مع إذاعة "وطني إف إم" التابعة للإصلاح، فيما نقلت مواقع إخبارية عن السامعي قوله إن هيئة مستشفى الثورة "قدمت ما نسبته 50% من إجمالي الخدمات التي قدمها القطاع الصحي في محافظة تعز خلال العام المنصرم"، وأكد السامعي في تصريحاته صحة رواية رئيس الهيئة عن عدم صرف الموازنة منذ عام 2016 وانقطاع الدعم الحكومي للمركز الجراحي، والذي كان قد اعتمده رئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر.

وأثيرت تساؤلات حول المغزى من تسييس هذه القضية، والتي يتراءى للمتابع أنها صراع مفتعل، تم تغذيته من مسؤولين موالين للإصلاح وقيادات في الحزب، وذلك اعتماداً على تهييج الجرحى ومحاولة استعطاف الشارع، فضلاً عن التُهم المُرسلة لرئيس الهيئة بالفساد، وتساءل نشطاء عن المبرر وراء المبالغة في تضخيم الحملة، وتحويلها إلى قضية رأي عام.

قيادات في القطاع الصحي بمحافظة تعز، أجابت على هذا السؤال بالإشارة إلى تصريحات وزير الصحة السعودي قبل نحو شهر، والتي أوضح فيها أن مركز الملك سلمان سيقوم بإيقاف الدعم المالي للمستشفيات الخاصة، المعنية بعلاج جرحى الحرب، مشيراً إلى توجه المركز لدعم المستشفيات الحكومية، والتي "أثبتت كفاءتها والتزامها بتقديم الخدمة الأمثل، بموازاة الفساد والاختلاس الذي مارسته المستشفيات الخاصة بمحافظة تعز"، وهي المستشفيات التي تعود ملكية أغلبها إلى قيادات من الصف الأول والثاني في حزب الإصلاح.

واعتبرت هذه المصادر، أن غالبية المستشفيات الخاصة في محافظة تعز، تعتبر ضمن استثمارات حزب الإصلاح، وهو –برأي المصدر– ما جعل قيادات الحزب تسعى للاستيلاء على هيئة مستشفى الثورة بعد إصرار وزير الصحة ناصر باعوم لاستخراج الموازنة، التي تعد الأولى للهيئة منذ بداية الحرب، فضلاً عن الدعم الكبير الذي ينوي تقديمه مركز الملك سلمان، وهو ما يفتح شهية الإصلاح لاختلاس هذه الأموال، كون قياداته تستحوذ على تمثيل القطاع الصحي في المحافظة، سواءً عبر السلطة المحلية، أو عبر ما تسمى بـ"اللجنة الطبية" أو عبر الجمعيات والروابط التي تدعي تمثيل الجرحى.

وأضافت المصادر أن الأهمية المتعلقة بهذا الجانب لا يمكن استيعابها "ما لم يتضح لنا الفارق في أداء المستشفيات الخاصة التابعة لحزب الإصلاح وهيئة مستشفى الثورة"، والذي يعد، بحسب المصادر، "المستشفى الحكومي الوحيد الذي يعمل بأقصى طاقته في ظل شحة الدعم"، مشيراً إلى أن المستشفيات التابعة للإصلاح كانت تتسلم 4 آلاف دولار من مركز الملك سلمان عن كل عملية يتم إجراؤها للمرضى، حيث كانت تعتبر القيام ببتر الأطراف، أو نزع المسامير عملية جراحية منفصلة تكلف 4 آلاف دولار، في الوقت الذي أجرى فيه المركز الجراحي التابع لـ"الثورة" 6 آلاف عملية في عام واحد، غالبيتها مجانية، بدعم من منظمة "أطباء بلا حدود" وبحساب التكلفة على الداعمين، فإن متوسط الدعم الذي تلقاه المستشفى لكل عملية ما بين "100 – 120 دولارا أمريكيا" وهذا –برأي المصدر– ما يشكل فارق ما تم نهبه باسم الجرحى لمصلحة حزب "الإصلاح".

النعمان.. ناهب سيارات ينشئ تكتلاً لمكافحة الفساد!

وفيما لا يزال "الناشط المليشاوي" صلاح النعمان، يواصل حملته لتحريض الجرحى على اقتحام هيئة مستشفى الثورة، ويرسل الخطابات لرئيس الوزراء ووزير الصحة، ويدعو الأجهزة القضائية لمحاكمة الجراح د. أحمد أنعم –رئيس الهيئة– يثير عدد من النشطاء والصحافيين قضية نهب النعمان، وزميل آخر له يعمل كفني تخدير في المشفى، ويدعى عيدروس القرشي بنهب وبيع سيارة إسعاف تابعة للمستشفى، في يوليو عام 2015م، وهي الحادثة التي ينظر فيها القضاء بعد بلاغ تقدمت به الهيئة أمام نيابة الاستئناف، وأثيرت في وسائل التواصل الاجتماعي، وحملت وسم #رجع_السيارة_يا_مقاوم.

وكان الإعلامي فيصل الذبحاني، مراسل قناة أبو ظبي، قد أثار في يوليو 2015، قضية سرقة سيارة الإسعاف الخاصة بهيئة مستشفى الثورة، من قبل أحد المنضمين إلى صفوف المقاومة الشعبية، ويدعى صلاح النعمان، ورفقة أحد موظفي الهيئة، ويدعى عيدروس القرشي، وذلك من داخل المشفى، فيما أشار نشطاء آخرون إلى أن النعمان أطلق النيران باتجاه موظفي الهيئة والذين كانت تجمعه بهم علاقة صداقة حين حاولوا منعه من ارتكاب جريمة السرقة.

وقال الذبحاني، في أحد منشوراته المتعددة عن الموضوع، "حين يتحول ثوار من تعز إلى مرتزقة ولصوص وقطاع طرق، ويقومون بنهب سيارة إسعاف تابعة لمستشفى الثورة العام بتعز، وهو المستشفى الحكومي الوحيد بتعز، والذي يقوم بمهامه رغم إمكانياته المحدودة وكادره الذي يعمل تحت قصف العبيد ليل نهار، وبدلاً من مجازاتهم بالشكر والعرفان يأتون محملين بالبلاطجة والمسلحين ويطلقون النار وينهبون السيارة".

وأضاف الذبحاني، "أي عار على المقاومة.. لا، وأزيدكم أن هؤلاء أعضاء مؤسسون لمجلس توكل الشبابي بتعز، باسم ثورة فبراير. هؤلاء هم صلاح النعمان وعيدروس القرشي".

وأثار إعلان النعمان عن تكتله استهجان وسخرية شريحة واسعة من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، والذين سخروا من دعوة ناهب السيارات الشهير، إلى محاكمة الآخرين تارةً بتهمة الفساد وتارةً بتهمة الإهمال، فيما قال الناشط وليد الحميري، في حديثٍ له على قناة بلقيس، "إذا كان النعمان والقرشي، المتورطان بأعمال إجرامية عدة منها سرقة سيارة إسعاف مستشفى الثورة، سيقودان مهمة التصحيح ومكافحة الفساد، فكيف تريدوننا أن نصمت، كيف يمكن لناهب أن يكافح الفساد؟!".