فساد الحوثيين وإعلام الشرعية.. ساعة فليته ومطاعم حسن زيد
السياسية - Friday 21 June 2019 الساعة 11:44 pm
لقراءة الحلقة السابقة:
> آلاف الضحايا وسلسلة ثابتة من الهزائم والخسائر.. حولوها شهداء اجترحوا المعجزات.. الحوثي كمجرد دعاية
(4)
مشرف حوثي واحد من الدرجة الثانية اشترى أرضية بمبلغ مليار و300 مليون ريال، ولم يقل الإعلام الحوثي إن ذلك فساد، بل إن كل من انتقد ذلك وتداوله اتُهم بأنه مرتزق وخائن.
مقابل ذلك اشتعلت وسائل إعلام الجماعة بأن هيئة زكاة أحمد حامد وشركاه، قد وزعت مبلغ مليار و500 مليون ريال على 100 ألف أسرة يمنية، وهو مبلغ قريب من صفقة مشرف الدرجة الثانية أعلاه، ويعني بالنسبة والتناسب أن مشرفاً واحداً يعادل 90 ألف يمني، مع العلم أن هيئة زكاة أحمد حامد نهبت عشرات المليارات من أموال اليمنيين خلال شهر رمضان وحده، وغيرت قانون الزكاة اليمني النافذ لتشرعن لنهبها، وعندما ارتفعت بعض الأصوات من داخل الجماعة لانتقاد سلوكيات أحمد حامد تم نشر قصص فساد حولها، واتهامها بسوء استغلال السلطة.
محمد عبدالسلام، الذي يرتدي ساعة يد قيمة المعروض منها في عالم التخفيضات 21 ألف دولار، بينما سعرها الحقيقي حسب مطلعين يتجاوز 50 ألف دولار، أو 28 مليون ريال يمني، بسعر الصرف الراهن، وسبق لأحد أعضاء وفد الحوثيين في مفاوضات جنيف أن تحدث عن فليتة وكيف يحمل معه رزماً كاملة من اليوروهات والجنيهات الاسترلينية وينفقها بلا حساب.
هذا الرجل يتحدث عن الحصار وعن مجاعة اليمنيين باعتبار التحالف سبباً لها، وهو نفسه التحالف الذي يدفع مرتبات أغلب موظفي البلد وكل جيشها، وإن كانت الشرعية بهوامير فسادها تبتلع أغلب تلك المساعدات.. وجزء من ثروة ناطق الجماعة الحوثية محمد عبدالسلام تأتي بتعاون الشرعية ومنحها سفن النفط التابعة له تصاريح دخول ميناء الحديدة، مقابل مبالغ كبيرة يتم تحويلها لنجل هادي.
هل يمكن لإعلام الحوثيين أن يقول إن عبدالسلام فاسد؟
بالحقيقة يصعب ذلك، فالمنطق يقول إن إعلام الشرعية وحلفاءها يجب أن يتصدى لهذه المهمة، لكن الشرعية لها وسائل إعلام وهمية، وكلما نشطت، وجهت سهمها لبعض حلفائها وقدمت خدمة مجانية للحوثيين، ولو قامت بواجبها لتغير الحال كثيراً.
أما حسن زيد الذي طالب بتوقيف الدراسة وإرسال أبنائنا وأطفالنا في سن المدرسة إلى جبهات سيد الكهف فقد كلفت وجبة غداء واحدة له مبلغ (640 ألف ريال)، وهو وزير الرياضة الذي لا يعرف شيئاً من الوزارة غير صندوق النشء والشباب الذي يتم سرقة أمواله بالمليارات، وعندما التقط صورة له وهو يسوق دراجة هوائية ليقول إنه متواضع أو متقشف، قال أحد الرياضيين إن قيمة تلك الدراجة تتجاوز مليون ريال يمني.
ليذهب أطفال اليمنيين إلى جبهات الموت، ويذهب حسن زيد وأطفاله إلى تناول وجباته المفضلة في جبهة المطاعم، ذلك الدور الذي يريده، ومن يصدقه من اليمنيين.
أحد أكبر تجار القمح في اليمن قامت الجماعة بمنعه من توزيع آلاف السلال الغذائية على الفقراء، كما اعتاد كل عام في رمضان، وبعد مفاوضات طويلة وتهديد وابتزاز وافق مشرفو الجماعة على توزيع السلال الغذائية بشرط واحد، وهو أن يقوم التاجر بشرائها من المشرف، ووافق التاجر على مضض.
تفاجأ التاجر، حسب مقربين، أن علامة وشعار برنامج الغذاء العالمي ما زالت ملصقة بأكياس القمح التي باعها له المشرف الحوثي، لكن لم يكن بيده حيلة غير شرائها.
ماذا قالت وسائل إعلام وأجهزة دعاية الحوثيين؟
لقد اتهمت برنامج الغذاء العالمي بالفساد، ونشرت عدة تقارير عن اكتشاف أغذية فاسدة في مخازنه، وهذا الأمر ليس كذباً، بل إن تواطؤ بعض موظفي البرنامج مع بعض مشرفي الحوثيين قد أحدث الكوارث للمستحقين والفقراء الذين يفترض أن تصلهم مساعدات البرنامج كل شهر.
برنامج الغذاء العالمي بالتزامن أعلن عن احتمال توقيف توزيع المساعدات الغذائية على اليمنيين في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وسبق أن اتهم الجماعة بالابتزاز والفساد وعرقلة توزيع المساعدات، وحرف مسارها عن مستحقيها، لكن ذلك لم يتم إلا بعد الفضيحة الدولية التي أحدثها تحقيق استقصائي لوكالة اسوشيتد برس حول الفساد المصاحب لتوزيع المساعدات الأممية في اليمن.
هناك قرابة 26 إذاعة إف إم بصنعاء وحدها، أكثر من 20 إذاعة منها تابعة مباشرة أو بشكل غير مباشر للحوثيين، وليس هناك إذاعة واحدة للشرعية بالمقابل في هذا النطاق، ليتم ضخ آلاف الرسائل الإعلامية المضللة لليمنيين دون قدرة كثيرين منهم على التمييز بين المعلومة والدعاية المضللة والموجهة بشكل ممنهج.
قنوات الشرعية تخضع لإدارة بعض المهرجين الذين لا يجيدون صياغة خبر مهني، أو إعداد تقرير احترافي، ويتم التعيين فيها وفقاً للمحسوبية والمزايدة، بينما يعاني عشرات ومئات الصحفيين اليمنيين في الداخل والخارج من البطالة والفقر، كان يمكن لتوظيف مهاراتهم أن يغير المعادلة الإعلامية برمتها لصالح الشرعية، أو على الأقل ضد الحوثيين.
هل الأمر يقتصر على الإعلام وحده؟
بالتأكيد لا، لكن لو قام الإعلام بكشف فضائح وجرائم الحوثيين فإن ذلك كفيل بإعادة تشكيل الرأي العام المحلي والعالمي.
كم تقريراً إعلامياً عن نقاط جمارك الحوثيين؟
كم تقريراً عن حجم النهب باسم الزكاة؟
كم تقريراً عن حجم الضرائب التي يتم تحصيلها، وهي أضعاف ما كان يتم تحصيله سابقاً؟
كم تقريراً عن (المجهود الحربي) الذي يفرضه الحوثيون على التجار؟
كم تقريراً عن الأراضي المنهوبة من قبل مسلحي الجماعة ومشرفيها؟
من المفارقات أن ما يكشفه البرلماني أحمد سيف حاشد عن فساد الحوثيين يفوق عدة مرات ما تقوم به وسائل الإعلام المناهضة للحوثي، بغض النظر عن موقف حاشد ودعمه للجماعة الذي يركز عليه إعلام الشرعية، وكأن ذلك يجعل ما يقدمه من معلومات كثير منها موثقة لا يجب الاستفادة منه!!
الخلاصة:
لا يجيد الحرب من لا يجيد الدعاية، وهذه لعبة الحوثيين الاحترافية حتى الآن.