محمد عبده الشجاع
شكراً أمريكا على اليانصيب وخيبة الأمل
أمريكا بوضعها الحالي الدولة الأولى، استطاعت أن تتسيد العالم بإمكانات عالية وأدوات هائلة وذكية بين بقية دول العالم الصاعد والمتقدم.
تتمتع بحداثة الجغرافيا إن صح التعبير مقارنة ببقية الدول، حتى أصبحت ليست أرض الاحلام وحسب وإنما أرض (القرار) وهو الأهم، أرض الفكر والرؤى والقوانين والثقافة التي حولت علاقات الناس ودساتيرهم والنظم والخرائط إلى تابع طيع بكبسة زر، ومواثيق وعهود ملزمة.
غير أن ذلك لا يبرر لها بأي حال أن تظل تنهج سياسة "الكيل بمكيالين" وهي تدرك النتائج والمآلات الوخيمة التي لا تحقق مصالح جمعية ومشتركة من لعبة كهذه.
شكرا امريكا على فوز أكثر من 1500 يمني بورقة اليانصيب، والسفر إلى أرض الواحد وخمسين ولاية، بلد الأوراق الزرقاء والبيضاء والخضراء، وقبل ذلك بلد الديمقراطية والحريات، هذه هي امريكا التي تروج لنفسها ما أطيبها!!
لكن الكثير يجهل مثلا أن أمريكا تدعم الحوثيين في اليمن، وهي تدرك تماما أنها جماعة إرهابية، تقوم بتجنيد الأطفال وتدمر التعليم، وتنشر الطائفية والعنصرية، وتغيير المعتقدات وتقتل الناس خارج القانون لصالح مشروع تم استيراده من طهران.
تدرك امريكا أن الحوثي أقلية بغيضة تصدرت المشهد بفضل المخابرات والصراع السياسي البيني، وأنها تصادر الحقوق والحريات، وتهين المرأة، ولا تعترف بالمواثيق ولا الاتفاقيات، وأنها مستعدة لجعل اليمن حظيرة مغلقة عن العالم.
تدرك امريكا أن "خزان صافر" العائم في البحر الأحمر منذ العام 2016 دون صيانة وعلى بعد 8 كيلو مترات من ميناء رأس عيسى قنبلة موقوتة، واذا انفجر سيكون كارثة لا يتسع المقام لشرحها، ومع ذلك لا تزال غير راغبة بتاتا بإلزام هذه الجماعة بصيانة الخزان.
الواضح أن الجميع يبتز الجميع؛ بتحويل قضايا مصيرية للشعوب إلى "أوراق سياسية" بين طهران وواشنطن وبعض دول الخليج وبريطانيا.
اليانصيب الحقيقي هي أن تترك واشنطن النفاق السياسي، ان تدعم الشعوب ومشاريع الاستقلال؛ ليس على الطريقة الأفغانية، التي تعتبر فضيحة، وإنما على طريقة رفع يدها عن التدخل في إرادة الشعوب التي نضج كثير منها بما فيه الكفاية.
لماذا تعترض امريكا مشاريع التحرير في اليمن، وتسعى إلى تثبيت جماعة مأزومة تحمل في مخيلتها كل العاهات والتخلف، وتسوق النشء والشباب إلى دورات الموت التي لا تنتهي.
لماذا تدين حرب الروس على اوكرانيا التي أتت على كثير من البنى التحتية وهجرت ما يقارب أربعة ملايين شخص، ولا تفعل الشيء نفسه في اليمن؟
اليمني ليس بحاجة "للبخت واليانصيب"، اليمني يشعر بخيبة أمل كبيرة جراء هذه السياسة التي تقودها امريكا وبريطانيا بتقارير مغلوطة واحاطات بائسة وغير شفافة وقرارات غير نافذة ولا ناجعة ولا ملزمة.. هذا معيب!!
صحيح أن أمريكا تصدر القرارات، وتلوح بالعقوبات، وتعمل على الإدانة، لكن تلك إجراءات لم تعد في نظر المواطن اليمني سوى فانتازيا لجذب وسائل الإعلام غير متحققة على أرض الواقع.
اليمني اليوم بحاجة لاستعادة بلده وشخصيته، هويته ومؤسساته، قيمه وراتبه واستحقاقاته كاملة غير منقوصة، هذا هو اليانصيب الحقيقي الذي يمكن أن ينقذ اليمني من مستقبل مفخخ.