إلى الشاب الذي قضى موتًا في غابات بولندا.
نص (1)
أشجارُنا التي سافرتْ مع الريح غَرستْ أسنان موتها على مشارف برلين..
بعضها ابتلعتها مستنقعات بولندا
يا لخيبتنا...
والبعض الآخر مزقته رصاص الجنود البلاروس والبعض استقرت في "كمب" مغلق بسياج شائك وجدار مرتفع مثل النخلة...
كمب ممتلئ بالأفارقة والأكراد والأرمن والأحوازيين المضطهدين والإيرانيين والمجوس الباحثين عن قمم عالية بدون عمائم...
والأفغان والشاميين النشامى والسامرائيين...
لم يكن بينهم شجرة عبدالمجيد.. لقد وقعت في وحل المستنقع...
أعرف مهاجرًا كان أطول من شجرة، لكن ساقه خانته فصار حديث الأشجار الميتة..
وأعرف آخر كان ذا لحية كثيفة، لكن الأحراش تداعت فأصيب بثعلبة مخيفة..
لأنكَ الشجرة الظل والوطن يا عبدالمجيد
لم تقبل بك تلك المياه..
وحين أردتَ العودة أدراجك.. ضمدت جراحك طحالب الغابة...
أرادتكَ وجبةً دسمةً لأولادها...
لقد نجت الجثة بأعجوبة.. جثة الشجرة عبدالمجيد.
لقد علمَ بنجاتها الجميع.
أصبحتَ حديث الساعة أيها ال"يوتيوبر".
الشجرة صارت "ترندًا" في صفحات الأصدقاء، عيون الأمم المتحدة العمياء أبصرتها لحظة تصدرها...
المجتمع الدولي هو الآخر كان مبتهجا يلاطف تسريحة شعر المسؤول عن الملف النووي الإيراني...
يخبره بأن آخر أغنية لأم كلثوم من يومين كانت جيدة..
وأن يمنيًا جاء فاتحًا فاستراح للأبد في قلب الغابة.
لم يكن يعي أن السيدة ماتت قبل عمر طويل وأن الذي بين أيدينا ظلها الذي لم يدفن معها...
وبقايا علوج...
يشجون رؤوس أطفالهم لأجل الحسين.
ظِل السيدة طويل يا عبدالمجيد؟
أجل..
لأن الشجرة الظل؛ عادت لكنها عودة ميتة..
لأنكَ الشجرة الظل والوطن يا عبدالمجيد!!!
*
نص (2)
أين تذهبُ أوراقُ الغاباتِ المتساقطة في الخريف؟؟
جذعٌ يسأل شجرته.
تعود إلى مَسقط رأسها حيث يتمدد آدم الآن..
مثل عبدالمجيد تمامًا..
يعني أنها تسلكُ الطريق الصحيح إلى منزلها الأبدي؟
أجل..
وتحافظُ على نَسلها
كي لا تعود
ثانيةً
إلى الحياة.