محمد عبدالرحمن
ما وراء الإصرار الحوثي على الإيرادات النفطية أولاً..؟
ليس من المعقول أن يكون الحوثي حريصاً على مصلحة اليمنيين، وليس من المنطقي أيضاً، لأن الشواهد والأحداث التي رافقت قدومه من صعدة إلى أقصى نقطة وصلها في الجنوب تكشف أنه لا يعمل لمصلحة اليمنيين ولم يأت من أجل ذلك، ولا يمتلك القدرة على ذلك، لأن الأساس الذي جاء من أجله يتعارض كلياً مع مصلحة اليمنيين والعالم أيضاً، واليوم يصعّد من نبرته الإعلامية تجاه ما يسميها العمل الإنساني وصرف الرواتب من إيرادات النفط، في محاولة منه لاختراق حالة التذمر الشعبي تجاه سلطته في الشمال وفشلها الذريع.
صحيح أن إيرادات النفط يجب أن تذهب إلى الناس في الشمال والجنوب كمرتبات وخدمات وغيرها، وأن حكومة معين معنية بهذا الأمر بالدرجة الأولى، لكنه من غير المنطقي أن تتبنى هذه المطالب جماعة الحوثي، لأن الجميع يدرك أن سياسة لبس الأقنعة قد أصبحت غير فعالة، وأن الحوثي بتكراره وتبنيه لهذه المطالب لا تتوافق مع مبادئه والتزاماته، فهو قادر على دفع المرتبات في مناطق سيطرته من عائدات الضرائب والمشتقات النفطية التي يجنيها بمليارات الريالات، وقادر على الانتظام في صرفها، لكنه يحاول التذاكي وتحميل المسؤولية حكومة الشرعية، التي هي بالأساس مسؤولة عن ذلك.
الحوثي اليوم وفي هذا التوقيت من الهدنة التي لم تجد لها طريقا، ولم يعرف أحد هل هناك هدنة أم تفاوض أم ماذا؟ لكن ما يهم هو معرفة دوافع الحوثي في التمسك بالحصول على إيرادات النفط وخاصة تلك التي يتم تحصيلها من بيعه في المناطق الجنوبية المحررة من هيمنته وسلطته؟
يرى الحوثي في التمسك بالمطالبة بحصوله على إيرادات النفط في هذا التوقيت ليظهر أمام الناس بحامي الحمى وبالمدافع عن حقوقهم، وبهذا يهدف من وراء ذلك إلى كسبهم إلى صفه وتغيير مزاجهم نحوه إلى إيجابي ولو نسبياً، ومن جهة أخرى هو يدرك أن تلك الإيرادات إذا ما حصل عليها، فإنه سوف ترفده بمبالغ طائلة تعزز من سيطرته على الشمال وتحقق له مناورة للعودة نحو غزو الجنوب مرة أخرى، لأن الإمكانيات المادية التي سيكون قد امتلكها تجعله يخوض حروباً طويلة الأمد ضد اليمنيين والدول المجاورة، حسب ما ستوجهه السلطات الإيرانية.
الحوثي يريد الإيرادات أولاً قبل الشروع في أي مفاوضات سياسية، من أجل ضمان قوة يضغط بها على الآخرين، قوة مالية تجعله يتحرك بشكل أوسع لإفشال أي مساعٍ تجبره للتقدم نحو الحل السياسي، وتضمن له هذه القوة المالية بقاءه مسيطراً على الشمال وقراره بعيداً عن بقية الأحزاب الأخرى.