من الطبيعي أن تشعر قيادات وكوادر "الجماعة الحوثية"، بـ"الفزع" من زيارة العميد "طارق صالح" مؤخرا لمدينة تعز، كخطوة جريئة من شخصية قيادية قوية في إطار العمل الجاد على وحدة مكونات الصف الوطني.
ظهر هذا "الفزع" جليا في منشورات القيادات، والخطابات الإعلامية، لهذه الجماعة التي صورت الأمر كما لو أنها حريصة على أبناء تعز، ومشفقة حتى على حزب الإصلاح، من هذه الزيارة المؤامرة التي ستبتلع الجميع.!
غير أن هذه الخطابات الكيدية المكشوفة.
ليست جديدة إلا من حيث "الكم"، أما من حيث "النوع" فقد دأبت ماكينتها الإعلامية على تحذير تعز من المخا، وعدن من تعز، وحضرموت من عدن، وعدن من شبوة، وشبوة من مأرب، والساحل من الجبل.. واستعداء الجميع ضد الجميع.
هذه الجماعة تعلم. كما نعلم. أن بقاءها واستمرارها مرهون ببقاء واستمرار الصراع بين عناصر الخارطة الوطنية اليمنية، وبالتالي تراهن بشكل وجودي مصيري على تمزق مكونات الصف الوطني.
وللأسف. فرهانها هذا. كان على الدوام، وما زال حتى اليوم على الأقل. ناجحا. بشكل عملي. لم يكن بإمكان هذه الجماعة أن تسيطر على صعدة، فضلا عن السيطرة على شمال اليمن. لولا الشقوق الطويلة في النسيج الاجتماعي، والتصدعات العميقة، في جدار الوحدة الوطنية.
لا يعني هذا أن هذه الجماعة هي التي قامت ابتداء بصناعة هذه الشقوق والتصدعات في الكيان اليمني من باب سياسة "فرٌق تسد". فقد اشتركت عناصر داخلية وخارجية في صناعتها، طوال سنوات وعقود ماضية. للنيل من وحدة واستقرار اليمن.
لكن الجماعة الحوثية، كانت وما تزال هي المستفيد الأوحد من هذه التصدعات ومن هذه السياسة، وبالتالي من مصلحتها أن تتعمق وتستمر إلى الأبد، ما يفسر حالة الاستنفار والطوارئ التي تعتريها كلما حدثت خطوة تقاربية جادة ومهمة بين القوى اليمنية على الصعيدين السياسي والعسكري.