محمد العلائي

محمد العلائي

تابعنى على

"الدولة" كإنجاز وعُمران ومصلحة عامة

Tuesday 14 March 2023 الساعة 05:32 pm

كان "هيجل" يعتبر ألمانيا في حُكم العدم طالما لم يكن لها -في ذلك الوقت- صوت مسموع في الجوقة الأوروبية.

من منظور الوزن والحضور في السياسة الخارجية يتحدد وجود الدولة من عدمها.

ومن هذا المنظور؛ نستطيع القول: إن اليمن اليوم هو في حكم العدم.

 *   *   *

ليس لديهم الدافع لتشييد حتى جدار.

لا يعتبرون الإنجاز المادي والعُمران غاية عليا تستحق أن يوجهوا طاقتهم كلها لأجلها.

لا يعتبرونه حتى وسيلة سياسية من وسائل إرضاء الناس والحصول على شرعية قائمة على الولاء لا الخوف.

سيطروا على مدن جاهزة، وجدوا فيها شوارع وساحات وبنايات كبيرة لها جدران مسطحة تغري بنشر لافتة عريضة أو صورة عملاقة أو شعار..!

بحرب أو بدون حرب، 

حتى لو امتلكوا القدرة، 

الدولة كإنجاز وعُمران ومصلحة عامة، ليست القضية التي تقع في مركز فكرهم ووجدانهم، 

لا وجود لها في برنامجهم التثقيفي، وفي مادة عواطفهم، 

ليست مبدأ حركتهم وسكونهم.

*    *   *

اليمن بشكله ووضعه الذي كان عليه قبل الثورة والحرب، أصبح حُلما بعيد المنال.

من لا يزال اليوم يأمل في عودة ذلك اليمن وتحسينه من داخله، هذا شخص يصح وصفه بالمثالي والحالم والطوباوي.

أما الذي لا يزال اليوم ينظر بازدراء وترفع إلى ذلك اليمن،

ويطمح في خياله بـ يمن المدينة الفاضلة الموعودة، بسدرة المنتهى،

هذا يا حبيبي مش مثالي، ولا طوباوي،

هذا معتوه 

يروح يتعالج

وشكراً.

*     *   *

عَدِمنا خيلنا إن لم تروها

على أبوابِ صعدتكم قياما

ومَن مدحَ (الملوك) ينال عزّاً

ويَلقَى الذلّ من مدح (الإماما)

محمد بن الراعي، شاعر الملك الأفضل الرسولي.

البيتان من قصيدة طويلة تعكس في مضمونها جانباً من السجال الأدبي الذي كان محتدماً طوال الوقت بين السلاطين الرسوليين والأئمة الزيديين، وذلك بشكل موازٍ للصراع المسلح الذي كان يجري وسط بيئة سياسية شديدة التقلب والتداخل على مستوى التحالفات والمواقف.

نلحظ في البيت الأخير تلميحا -غير مقصود- إلى أن الصراع كان بين نوعين من الحُكم، أو إن جاز التعبير بين مفهومين من الشرعية: "ملكي سُلطاني" من جهة، و"إمامي زيدي" من جهة أخرى.

* جمعه نيوزيمن من منشورات للكاتب على صفحته في الفيسبوك