د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

تبعاً لتحولات مرحلية.. الحوثي يغيّر جلده!

Tuesday 18 April 2023 الساعة 12:18 am

كما لو أن العملية مجرد استبدال أسطوانة بأخرى.. انقلب الخطاب الحوثي فيما يتعلق بالسعودية فجأة من النقيض إلى النقيض. تم تجميد مصطلح "العدوان" بشكل رسمي، وبدلاً من "المؤامرة السعوصهيونية". هناك حديث عن مؤامرة "صهيوأمريكية" تستهدف اليمن والسعودية معاً.!

لا حديث عن عائلة "آل سلول" بل عن أسرة عظيمة تقاربت مع عائلة الرسول. "الشيطان الأكبر" الذي كان متربصاً في الرياض تحول بين ليلة وضحاها إلى ملاك حارس لعملية السلام في اليمن. 

أصبحت "الكبسة" أرقى من البيتزا والهمبورجر، وتم استبدال التهكم من البداوة، والسخرية من جمال ونياق نجد، بالتعجب والإعجاب بالتقدم الهائل في المملكة، والإشادة برواد الفضاء السعوديين.!

باتت صنعاء أقرب من الرياض بدلاً مما كانت تردده الزوامل الحوثية، وبدلاً من آيات الجهاد. بات الإعلام الحوثي يردد الآية: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}.!

هذا الانقلاب الفجائي، وإن أصبح محل تهكم الشارع اليمني، إلا أنه كان متوقعاً، هذه هي السياسة عادةً. لسان حال المصالح، والحوثي مستعد أن يصبح أي شيء تبعاً لمصالحه. لكن لم يكن من المتوقع أن يتم التحول من خصومة فاجرة إلى تبعية سادرة. بهذه الدرجة من الانبطاح والخنوع والوقاحة.. ينبغي أن يتضمن الانقلاب الحفاظ على بعضٍ من ماء الوجه والكرامة.!

ثمّ إن العملية لا تتطلب كل هذه التنازلات، هي مجرد زيارة لمسئول سعودي لحكومة الانقلاب، وبشكل لم يتضمن أي جديد له صلة باعتراف من أي نوع بحكومة الانقلاب هذه، أو فتح صفحة جديدة معها، على حساب "الشرعية" الطرف الآخر الذي ما زالت السعودية ملتزمة بتعهداتها بدعمه سياسياً وعسكرياً ومادياً.!

لكن، بمجرد إشارة من ريموت كنترول في يد المرشد الأكبر في إيران، انقلب كل شيء. لنظام الثورة الإسلامية في إيران حساباته ومصالحه المرحلية، كتقاربه الأخير مع الرياض، هذا التقارب بغض النظر عن حسن أو سوء نواياه، وجدواه وأهميته.. انعكس عفوياً على أدوات إيران في المنطقة، في مناورة مرحلية قد تنقلب بين يوم وليلة.

المستقبل مفتوح على كل الاحتمالات، لا شيء ثابت في السياسة غير المصالح، والمصالح، بحد ذاتها، ليست سيئة، فهي موضوع السياسة والاقتصاد، ومبرر التأرجحات السياسية بين الملائكة والشياطين.. فلا عداوة ولا صداقة دائمة، وعدو الأمس صديق اليوم، وقد يكون عدو الغد.

اليوم أو غداً.. قد تنقلب اللعبة رأساً على عقب، وإذا تضمنت ذلك تقارباً من أي نوع بين إيران وأمريكا وإسرائيل، فسيجمد الحوثي مصطلح "المؤامرة الصهيوأمريكية"، وكما سيتنازل عن قضيته المركزية المزعومة "القدس"، سيتنازل حتى عن جلده، وبدلاً من "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل"، وهو شعار خميني أصلاً، سيرفع الحوثي شعارات "ماسونية" تحث على السلام والإنسانية. المهم أن يظل يحكم ولو حتى شِلْواً صغيراً من اليمن.!