خالد سلمان
الخارج يتوافق مع الداخل.. لا استقرار ببقاء الحوثي
الحرب البرية تطرق الأبواب بقوة، القناعات الخارجية تتوافق رويداً رويداً مع التصورات الداخلية، بأن لا استقرار للمنطقة والمصالح الدولية ببقاء الحوثي قوة مهيمنة، الكتل العسكرية المناهضة لهذه الجماعة: الانتقالي والشرعية والحراس، هي الأُخرى تتقارب على قاعدة رسم أولويات المخاطر، حيث الحوثي يحتل رأس سُلّم المواجهة، والبقية تخضع للحوارات والتفاهمات السياسية بصدقية وبلا تذاكٍ.
السبت يعتبر مهرجان إسقاط للطائرات الحوثية، 37 مسيرة، هذا العدد المتساقط في ساعات محدودة، يعيد تقدير قوة الحوثي الضاربة من قبل صناع القرار، وأنها قوة غير قابلة للاستنزاف عبر القصف الروتيني، وأن إيران استثمرت لسنوات طويلة في تحويل هذا البلد الهش المهمل من الجوار، إلى ترسانة سلاح طائفي وعمق استراتيجي للمصالح الإيرانية.
هذا المعطى يقود الفاعلين الإقليميين والدوليين لمغادرة السياسة العقيمة غير المنتجة، بالاعتقاد أن ضربات سطحية وقصفا جراحيا موضعيا، يمكن أن يحتوي الحوثي ويعيده إلى وضع مليشيا داخلية، لا خطرا إقليمياً يهدد استقرار المنطقة، غزو السماء بمسيرات الحوثي ترفع من منسوب تهديداته وتكشف طول نفسه، لتطرح مقاربة تقود إلى حسم عبر تسليح خصومه، وتهيئتهم للدخول في معمعة الحرب في البر اليمني، بعد أن طرح قصف الجو نتائجه المحبطة.
الانتقالي والشرعية وحراس الجمهورية، جميعهم أمام تحدٍ مشترك، يلزمهم بحسابات المصالح الوطنية أو حتى المشاريع السياسية المتعارضة، الخروج من نفق الاحتراب السياسي البيني، بتخفيف الاحتقانات واللغة التعبوية للأنصار، والاتفاق على خط عريض ناظم: الحوثي يقصف كل المشاريع بما فيها مشروع الجنوب، ويهدد طرفي الخارطة بالاجتياح، الجنوب وما تبقى من الشمال، هنا يكفي النظر إلى ما يمثله قصف خليج عدن اليومي من رسالة ذات معنى لا يحتاج إلى اجتهاد: أن لا مشروع في ظل وجود الحوثي قابل للحياة.
الكتل العسكرية الثلاث تفتح خطوط مشاورات مع لندن وواشنطن، ليس للتسابق على المنح العسكرية، ولكن لتنسيق المواقف والخروج من حالة السبات الدهري إلى قلب معادلة الصراع.
نحن أمام استحقاق آخذ بالنضج والتبلور، ومن غير الرهان على إعادة تجهيز الداخل، لا تعويل يُرتجى لإضعاف الحوثي، واشنطن تدرس الأمر والسعودية ستضطر في الأخير مغادرة الصفقات الثنائية مع الحوثي، وتنتقل معه من المداهنة إلى خيار الاقتلاع، ولن تكون مصر خارج مجهود دعم هذا المسار.
من صفحة الكاتب على إكس