جميل الصامت
البطاقة الذكية والمائة المعدنية.. مناكفة سياسية!
محاولة تعميم البطاقة الإلكترونية (الذكية) وجعلها إلزامية، بحسب توجيه رئيس الوزراء، أظنه مشروع استثماري محض ليس من ورائه غير إدرار الأموال للجهة المقاولة مع الشركة المصممة للنظام.
من شأن تلك التوجيهات أن تنسحب لإجبار موظفي الدولة والطلاب التزود بها، ما سيزيد من الطلب عليها، ومن ثم رفع تكاليفها ويصبح الحصول عليها صعب المنال، ومشروع اتجار للاسترزاق..
ما صدر عن رئيس الوزراء بن مبارك خطأ جسيم ولم يكن بالحكيم، من شأنه أن يدخل اليمنيين في نزاع جديد حول الهوية، ويخلق حالة تمييز تصب في صالح الطرف الآخر.
عند تدشين المشروع من قبل وزير الداخلية حيدان برزت ثمة تساؤلات حول الشركة المخفية ومدى إمكانياتها في تنفيذ مشروع البطاقة الشخصية، وحفظ بيانات اليمنيين، لا سيما أن حيدان لم يكشف عن أي تجارب للشركة في هذا المجال.
تمكنت الشرعية بحنكة منقطعة النظير في ظرف استثنائي ولحظة فارقة وبزمن قياسي نزع الجوازات من يد سلطة مليشيات الحوثي من قبل نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأسبق عبدالملك المخلافي -أذهل السفير الأمريكي حينها الذي حاول التدخل في الوقت الضائع- كون الجوازات من متعلقات الجانب الدبلوماسي، وبقي إصدار البطاقة الشخصية
مركزيا بيد سلطة الانقلاب لقرابة العشر سنوات، حفاظا على قاعدة المعلومات وحتى لا ينهار النظام الذي قامت عليه عملية الإصدار، غالب الظن أن محاولة نزع إصدار البطاقة الشخصية في الوقت الراهن مشروع فاشل من شأنه أن يجعل اليمني بهويتين شخصيتين، إن مرر.
رئيس الوزراء السابق والذي دشن المشروع في عهده لم يقتنع في تعميمه، وانتظر أصحابه حتى جاء بن مبارك لاستصدار تعميم تتولى بعده جماعة حيدان فرضه دون أي اعتبار للعواقب..
البطاقة الشخصية تجسد الهوية للمواطن، وازدواجها يعني ضرب الوحدة الوطنية.
يبدو أن من يقف خلف المشروع لا تهمه الوحدة الوطنية وما قد يترتب عليها من تمييز بقدر ما يهمه جني الأرباح.
هل يدرك بن مبارك أن أول ما سيترتب على فرض بطاقة حيدان هو تقييد حركة المواطنين وفرض حصار إضافي على تنقلهم، وجعلهم عرضة للابتزاز والاعتقال لدى الطرف الآخر، ولا أبالغ إن قلت إن مغامرة حيدان في بطاقته الذكية -تشبه إلى حد بعيد- مجازفة الحوثي في طبع عملة المائة الريال دون الاكتراث بالعواقب..
وكلا المغامرة والمجازفة رغم أن مصيرهما الفشل، لا نخفي أثرهما على واقع المواطن العادي.
مع أنهما قد صدرا تحت ظروف غير موضوعية،
طغى فيها الارتجال وعدم المسئولية الوطنية، ناهيك عن الدراسة الواعية والغالب أنهما مناكفة سياسية ليس إلا..!
من صفحة الكاتب على الفيسبوك