التشهد أخت التحيات فتأمل ولا تستعجل:
ففي التحيات تقول:
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
إذًا أنت في سلامك خصصت النبي ثم نفسكَ ثم عمَّمَّتَ السلام على كل عباد الله الصالحين، في التحيات لم يأمرك الإسلام أن تسلم بعد النبي على بضعة نفر أو أسرة أو سلالة وتنسى نفسك التي أنت معني بها بدرجة أولى، أو تفرق بين الصالحين فتسلم على بعضهم لأنهم من قبيلة معينة وتترك بقية عباد الصالحين الذي جمعك بهم الدين لا الطين.
لو تأملنا فهذا هو الإسلام وسعته وجماله وشموله وبدهي أن يأمرنا بالسلام على نبينا ثم أنفسنا ثم على كل عبد صالح في شرقها أو في غربها، على ظهرها أو في بطنها، من عربها أو من عجمها، من ذكرانها أو من إناثها.. بل وسَّعَ سلامك حتى شمل الجن والملائكة.
فليس من المنطقي وأنت في عبادتك التي تريد بها دخول الجنة والنجاة من النار أن يأمرك أن تدعو لغيرك وتترك نفسك!! لذلك وجَّهَكَ أن تدعو لنفسك وكل عباد الله الصالحين، فتقول: (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين).
وهنا وأنت في نفس جلستك في صلاتك بعد أن تنتهي من التحيات تدخل إلى التشهد فتأمل في التشهد وعلى التحيات قِسْهَا:
(اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد) خص النبي صلى -الله عليه وسلم- ثم عم آله، وإذا أردت أن تفهم من آله في التشهد، وما هو التفسير الصحيح لها، ومن المعني بها فانظر على من كان سلامك في التحيات وستعرف أنها نفس النتيجة وأنهم نفس المشمولين، وأن صلاتك هي لنفس من كان له سلامك.
وستعرف أن إسلامنا العظيم الجميل لا يمكن أن يحشرنا جميعا أمة المليار والنصف ليأمرنا بعد الصلاة على نبينا -صلى الله عليه وسلم، كي نصلي فقط على بضعة من قريش وننسى أنفسنا وكل عباد الله الصالحين!!
الصلاة ليست مؤتمرًا قبليًا تُعلى فيه قبيلة أو تُمجد فيه سلالة أو نهتف فيه لأسرة، كلا، الصلاة عبادة يدعو فيها العبد المسلم لنبيه سبب نجاته -عليه الصلاة والسلام- ولكل إخوانه الصالحين الذي جمعه بهم هذا الدين العظيم، فالآل حتى لا تذهب بعيدا، وحتى لا تتهم عالما تقيا هم كل الأتباع الصالحين، وفيهم زوجاته -صلى الله عليه وسلم- ومولايه وأصحابه من الأنصار والمهاجرين، والتابعين والصالح من ذريته وقرابته وكل الصالحين إلى يوم الدين.
وحينما تفسر الآل بهذا التفسير الواسع فقد أصبت سعة الإسلام ولم تضيق واسعا، ولم تخرج عن المعقول ولا المنقول، ولم تغادر المنطق أو تفارق اللغة أو تبتدع تفسيرا للآل لم يسبقك إليه أحد من العلماء.
فسر على بركة الله فلم تأت بشيء جديد أو غريب يخالف الدين أو يصطدم بجوهر الإسلام، بل هذا هو التفسير الذي يفيض سلاما وصلاة ورحمة وبركات على كل عباد الله الصالحين بلا تمييز ولا عنصرية..
(السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)
ما أجمل إسلامنا لو أننا فهمناه!!
من صفحة الكاتب على إكس