عمر الشارحي

عمر الشارحي

تابعنى على

هذا سر نجاح طارق صالح!

Monday 03 November 2025 الساعة 05:18 pm

الفعل السياسي، في صورته الجديدة، لا يقاس بعلو الصوت ولا بزخرفة الخطاب، يحتاج الى قدرة الفاعل على ترجمة نهجه في واقعٍ ينفع الناس، ومن يظن أن بمقدوره تحريك وتحريض الشارع بنفس الأساليب القديمة، كمن يحاول أن يشعل نارًا بأعواد ثقاب مبتلة.

أحد عشر عاما من الحرب كانت كافية لتعيد صياغة البنية الذهنية لليمنيين، هذه المأساة الطويلة تحت نير المليشيا مثلت مدرسة قاسية منحت اليمني قدرة على التمييز بين الحقيقي والمزيف؛ لهذا، بفقدت الشعارات التي كانت تلهب الحشود في الماضي بريقها وقدرتها على التأثير، وصارت عرضة للتأمل الساخر، لأن التجربة علمت الناس أن الصوت العالي في الغالب يكون مصدر إزعاج لا أكثر.

سر نجاح طارق صالح كان في وضوح مشروعه، وهو كذلك في فلسفة المسار الذي اختاره. لم يشتبك مع الضجيج، واختار السير في طريق متوازن بين القوة والبناء، بين القول والفعل، بين ما يريده للناس وما يريدون لأنفسهم، أدرك أن السياسة هندسة وعي وتراكم إنجاز وكسب الناس على أساس الثقة لا على التعبئة.

أيضًا، الشارع، ما عاد تلك الكتلة التي يمكن دفعها بالعاطفة أو استدعائها بالتحريض، المجتمع جريح لكنه مبصر، يزن الأمور بمكاييل التجربة، وليس بوعود المنابر، وكل من يحاول إعادة تدوير أساليب الماضي يصطدم بوعي جديد تشكل من رحم الحرب، وما عاد في وسع أحد أن يبيع الوهم لمن اكتوى بناره.

من صفحة الكاتب على الفيسبوك